بالتفكير والتخطيط الجيد يستطيع الشخص حل أي مشكلة قد تواجهه، هذا ما فعلته سالي ابنة حارس المنارة في قصة اليوم، فعندما اضطرّت للبقاء وحدها في المنارة، وكان على والدها إضاءة المصابيح في هذا الوقت، ولكنّه لم يكن حاضراً؛ فكّرت هي في حيلة ذكيّة، واستطاعت بشجاعتها وحسن تصرّفها أن تضيء المصابيح وتنقذ السفن من خطر كبير.
قصة ابنة حارس المنارة
تعيش سالي مع والدها في منارة مجاورة للبحر الكبير، والدها يعمل كحارس للمنارة؛ حيث يقوم بمهمّة إضاءة كامل المنارة بالمصابيح في الليل، وتكون هذه المصابيح كدلالة للسفن التي تعبر البحر عن ناقوس الخطر، وتعني أن تأخذ السفن حذرها بأن لا تصطدم بإحدى الصخور الموجودة بالقرب من شاطئ البحر؛ فيدرك قبطان السفينة بأنّه قد وصل شاطئ البحر ويقوم بإيقاف سفينته حتى لا يصطدم بأي شيء مجاور لشاطئ البحر.
وفي يوم من الأيام كان والد سالي يريد مغادرة المنارة للذهاب إلى القرية؛ وهذا من أجل إحضار الطعام له ولابنته، لذلك قام في البداية بالتأكّد من نظافة المصابيح الموجودة في المنارة، وتأكّد من إضاءتها الجيّدة، بعد ذلك غادر المنارة وترك ابنته سالي لوحدها تحرسها حتى يعود، وكانت يربط الطريق بين شاطئ البحر والقرية جسر طويل، وكان والد سالي يعلم بأنّ موعد وجود هذا الجسر لمدة ساعات قليلة، أمّا باقي الأوقات فيختفي وتغمره المياه.
قرّر والد سالي أن يذهب ويعود بسرعة قبل اختفاء هذا الجسر، بالإضافة إلى أنّه توقّع في هذا اليوم حدوث عاصفة كبيرة جدّاً؛ فكان عليه أن يعود بسرعة ليقوم بإضاءة المصابيح وتنبيه السفن قبل وقوعها في أي حادث خطير بسبب تلك العاصفة، نادى والد سالي على ابنته وطمأنها بأنّه سيذهب ويعود بسرعة، وطلب منها الاعتناء بالمنارة لحين عودته، ولكن عندما غادر والدها المنارة، كان هنالك مجموعة من اللصوص الأشرار يختبئون خلف إحدى الصخور المجاورة للشاطئ.
كان لدى هؤلاء الصوص هدف معيّن، وهو بقاء سالي لوحدها في المنارة وتأخّر والدها في العودة؛ وهذا من أجل عدم إضاءة المصابيح، لعلّ إحدى السفن ترتطم بالصخور ومن ثم تتحطّم؛ فيقومون اللصوص بصعودها وسرقة كل ما فيها، لذلك انتظر اللصوص عودة والد سالي كي يقوموا بمهاجمته وضربه، وعندما عاد والد سالي وكان يحمل بيديه سلّة مليئة بالطعام، هجم عليه اللصوص وقاموا بضربه حتّى وقع على الأرض، ومن ثم ذهبوا به إلى إحدى السفن المجاورة لشاطئ وربطوه بداخلها.
أخبر اللصوص والد سالي بأنّهم سيتركونه هذه الليلة في السفينة، ومن ثم يخرجونه في الصباح، عاد اللصوص إلى الشاطئ بانتظار السفن، وبينما كان اللصوص يقفون بانتظار وصول السفن، كانت سالي تقف وتشعر بالحيرة بسبب تأخّر والدها، ولم تكن تفكّر في نفسها، بل كانت تستمع إلى صوت الرياح التي كانت تخبر عن قدوم عاصفة قوية، وكانت تخاف بأن تتعرّض إحدى السفن لحادث أليم إن لم تتم إضاءة المصابيح بالشكل الجيّد.
بعد قليل بدأ الظلام يعمّ المكان، وصارت الرياح قوية جدّاً، واقتربت العاصفة الموعودة، لذلك بدأت سالي تفكّر كيف يمكن لها أن تضيء المصابيح لتتفادى السفن خطر هذه العاصفة، فذهبت وأحضرت كرسي وصعدت فوقه لتقوم بإضاءة المصابيح، ولكن يديها لم تصل لهم؛ لذلك عادت وأحضرت طاولة ومن ثم وضعت الطاولة ومن فوقها الكرسي علّها تصل، ولكن دون جدوى؛ فلم تستطع الوصول للمصابيح أيضاً.
بينما كانت سالي تفكّر في إنقاذ السفن، كان والد سالي يفكّر في ابنته الوحيدة ويتضرّع لربّه أن يحميها من كل مكروه قد يصيبها في تلك المنارة المعتمة، ظلّت سالي حزينة وتفكّر ماذا يمكن لها أن تفعل من أجل إنقاذ السفن من خطر العاصفة، خطر بذهنها مجموعة الكتب التي كانت والدتها تحبّ قراءتها، قالت في نفسها: سوف أحضر هذه الكتب وأضعها فوق بعضها البعض وبالتأكيد سأصل للمصابيح.
وبالفعل وضعت سالي هذه الكتب ونجحت بالوصول للمصابيح وقامت بإضاءتها كلّها، وعندما فعلت ذلك ورأى والدها هذه المصابيح قد أضاءت، حمد الله أن ألهم ابنته الصغيرة لتفعل ذلك، وعندما رأى اللصوص الإضاءة علموا وقتها أن السفن لن تقف وان خطّتهم ستبوء بالفشل؛ فغادروا المكان، وفي ذلك الوقت بدأ والد سالي بمحاولة الخروج من السفينة وفكّ الحبال، وبعد جهد كبير استطاع أن يخلّص نفسه، وعاد إلى المنارة، واحتضن ابنته وشكر الله أنّها بخير، وقال لها: أنا فخور بك يا ابنتي؛ فلقد أحسنتِ التصرّف، أنتِ حقّاً فتاة ذكية وشجاعة.