قصة الأمير الأفعى

اقرأ في هذا المقال



قصة الأمير الأفعى(The Snake Prince )هي حكاية خيالية هندية ، قصة بنجابية جمعها الرائد كامبل في فيروشيبور. أدرجها أندرو لانغ في كتاب جنية الزيتون.

الشخصيات:

  • الأمير.
  • الأميرة.
  • الملك.
  • الملكة.

قصة الأمير الأفعى:

عاشت امرأة عجوز كانت فقيرة للغاية في مدينة، وفي ذات يوم وجدت أنّه لم يتبق لها سوى حفنة من الطحين في المنزل، ولا يوجد مال لشراء المزيد ولا أمل في كسبه، فقامت بحمل وعائها النحاسي الصغير و شقت طريقها إلى النهر للاستحمام والحصول على بعض الماء، وفكرت بعد ذلك في العودة إلى المنزل وإعداد كعكة من الدقيق الذي تركته.
وبينما كانت تستحم، تركت وعائها النحاسي الصغير على ضفة النهر مغطى بقطعة قماش، لتحافظ على داخل الإناء نظيفًا، ولكن عندما خرجت من النهر وخلعت القماش لملء الإناء بالماء، رأت بداخله الطيات المتلألئة أفعى قاتلة، فغطت قطعة القماش مرة أخرى على الإناء ووضعتها هناك، ثم قالت لنفسها: آه، ايها الثعبان اللطيف! سآخذك إلى منزلي، وهناك سأخرجك من إنائي وتعضني وسأموت، وبعد ذلك ستنتهي كل مشاكلي.
مع هذه الأفكار الحزينة في ذهنها، أسرعت المرأة المسكينة إلى المنزل ممسكة بقطعة قماشها بعناية في فم الإناء وعندما وصلت إلى المنزل، أغلقت جميع الأبواب والنوافذ وأخذت القماش، وقلبت الإناء رأسًا على عقب على حجرها، ما كانت مفاجأة لها عندما وجدت أنّه بدلاً من الأفعى القاتلة التي توقعت أن تراها تتساقط منها، سقطت منه أروع قلادة من الجواهر المتلألئة!
لبضع دقائق كانت بالكاد تفكر أو تتكلم، لكنّها وقفت محدقة، ثم التقطت القلادة بيدها المرتجفة، وطيتها في زاوية حجابها، وهرعت إلى قاعة الملك للجمهور وقالت: أيها الملك!أريد التحدث معك وحدك فقط! ولما أخرج الملك الجميع، ووجدت نفسها وحيدة مع الملك نفضت حجابها عند قدميه، وسقط منه لفائف متلألئة للعقد الرائع.
فلما رآه الملك امتلأ ذهولًا وسرورًا، وكلما نظر إليه، شعر أنّه يجب أن يمتلكه في الحال، فأعطى المرأة العجوز خمسمائة قطعة من الفضة ووضعها في جيبه، ثمّ بعيدا ذهبت مليئة بالسعادة، لأنّ المال الذي أعطاها الملك لها كان كافياً للاحتفاظ بها لبقية حياتها.
بمجرد أن أنهى أعماله، سارع الملك وأظهر لزوجته العقد التي كانت سعيدة به، وبمجرد أن انتهوا من النظر اليه وتفحصه، قاموا بإغلاقه في الصندوق الكبير حيث تم الاحتفاظ بمجوهرات الملكة والذي كان مفتاحه معلقًا دائمًا حول عنق الملك، وبعد فترة وجيزة، أرسل ملك مجاور رسالة يقول فيها إنّ طفلة جميلة ولدت له، ودعا جيرانه ليأتوا إلى وليمة عظيمة تكريما لهذه المناسبة.
أخبرت الملكة زوجها أنّهما بالطبع يجب أن يكونا حاضرين في المأدبة، وأنّها سترتدي القلادة الجديدة التي أعطاها إياها، لم يكن لديهم سوى وقت قصير للتحضير للرحلة، وفي اللحظة الأخيرة ذهب الملك إلى صندوق الجواهر ليخرج القلادة لترتديها زوجته، لكنّه لم يستطع رؤية القلادة على الإطلاق، فقد كان في مكانها طفل صغير سمين يصيح ويصرخ.
كان الملك مندهشًا لدرجة أنّه كاد يسقط للخلف، لكنّه دعا زوجته بصوت عالٍ فجائت راكضة معتقدة أن العقد قد سُرق على الأقل،صرخ الملك: انظري هنا! ألم نشتاق دائما إلى ولد؟ والآن أرسلت لنا السماء واحدًا! بكت الملكة وقالت: ماذا تعني؟ هل انت مجنون؟ صرخ الملك وهو يرقص في الإثارة حول الصندوق المفتوح: لا، لست مجنونًا، تعالي هنا، وانظري! انظري إلى ما لدينا بدلا من تلك القلادة!
عندها فقط أطلق الطفل ضحكات كثيرة من الفرح، كما لو كان يرغب في القفز والرقص مع الملك، وأطلقت الملكة صرخة مفاجأة وركضت ونظرت حول الغرفة و كانت تلهث، وهي تنظر إلى الطفل وقالت: يا له من طفل جميل، عزيزي! من أين أتى؟ قال الملك: أنا متأكد من أنّني لا أستطيع أن أقول شيئًا.
كل ما أعرفه هو أنّنا أغلقنا على العقد في الصندوق، وعندما فتحته الآن لم يكن هناك قلادة، بل طفل رائع، في تلك الأثناء، حملت الملكة الطفل بين ذراعيها وهي تقول:أوه، الطفل المبارك! أنّه زينة أكثر إنصافًا في حضن ملكة من أي قلادة تمّ صنعها على الإطلاق، ثمّ قالت للملك: اكتب إلى جارنا وقل إنّنا لا نستطيع الحضور إلى وليمتة، لأنّ لدينا وليمة خاصة بنا، وطفل خاص بنا! أوه كم هو يوم سعيد !
لذلك تمّ التخلي عن الوليمة، وتكريمًا للمولود الجديد، كانت أجراس المدينة وبنادقها وأبواقها وشعبها، الصغار والكبار، بالكاد قد استراحوا لمدة أسبوع من الأحتفال بالطفل، و كان هناك رنين، وضرب، وصخب، والألعاب النارية، والولائم والبهجة كما لم تشهدها المملكة من قبل.
مرّت سنوات قليلة، وعندما كبر رضيع الملك وطفلة المملكة التي بجوارهم وترعرعوا، رتب الملكان أنّهما سيزوجان الأمير والأميرة بمجرد أن يكبروا، وهكذا مع الكثير من التوقيع على الأوراق والاتفاقيات تم كتابة ميثاق الزواج وتوقيعه وختمه، وانتظروا الوقت لتنفيذه.
و بمجرد أن بلغ الأمير والأميرة سن الثامنة عشرة، اتفق الملوك على أن وقت الزفاف قد حان، وسافر الأمير الشاب إلى المملكة المجاورة لعروسه، وتزوجها هناك بفرح عظيم ومتجدد، وتمّ استدعاء المرأة العجوز التي باعت الملك العقد لتكون ممرضة الأمير الشاب.
وعلى الرّغم من أنّها أحببت مسؤوليتها كثيرًا، وكانت أكثر الخادمات إخلاصًا، ولكن بعد فترة وجيزة، بدأت الشائعات بأنّ هناك بعض السحر حول ولادة الأمير الشاب، والشائعات بالطبع وصلت في الوقت المناسب لآذان والدي الأميرة، وبعد أن أصبحت زوجة الأمير، قالت والدتها التي كانت فضولية مثل العديد من الأشخاص الآخرين لابنتها عشية الحفل: تذكري أن أول شيء يجب عليك فعله هو معرفة ماهية هذه القصة عن الأمير.
ولكي تفعلي ذلك، يجب ألا تتحدثي معه بكلمة حتى يسألك عن سبب صمتك، فعليك أن تسأليه ما حقيقة ولادته السحرية؟ وحتى يخبرك لا تكلّميه ثانية، ووعدت الأميرة بأنّها ستتبع نصيحة والدتها، لذلك لمّا تزوجا وتحدث الأمير لعروسه ولكنّها لم ترد عليه، لم يستطع أن يفكر في الأمرحتى عندما سألها عن حياتها في منزلها قبل الزواج، لم تنطق بكلمة واحدة.
وأخيراً سألها لماذا لم تتكلم. ثم قالت: قل لي سر ولادتك، عندها كان الأمير حزينًا جدًا ومستائًا، ورغم أنّها ضغطت عليه بشدة لم يخبرها، بل كان يرد دائمًا: إذا قلت لك، سوف تندمين عما سألتني، ثمّ عاشا معًا لعدة أشهر، ولم يكن وقتًا سعيدًا لأيّ منهما كما كان ينبغي أن يكون، لأن السر كان لا يزال سرًا وكان يكمن بينهما كسحابة بين الشمس والأرض، ممّا جعل حياتهما مملة وحزينة.
لم يعد باستطاعة الأمير أن يتحمل هذه الحياة، فقال لزوجته ذات يوم: في منتصف الليل سأخبرك بسري إذا كنت لا تزالين ترغبين في ذلك، لكنّك سوف تندمين على سؤالك طوال حياتك، ومع ذلك، شعرت الأميرة بسعادة غامرة لأنّها نجحت ولم تهتم بتحذيراته.
في تلك الليلة، أمر الأمير الخيول بأن تكون جاهزة للأميرة ونفسه قبل منتصف الليل بقليل حيث وضعها على أحد الخيول، وركب هو الحصان الآخر بنفسه، وركبوا معًا إلى النهر إلى المكان الذي وجدت فيه المرأة العجوز الثعبان لأول مرة في قدرها النحاسي، وهناك أطلق الأمير العنان لنفسه وقال بحزن:هل مازلت تصرين على أن أخبرك بسري؟
وأجابت الأميرة: نعم، أجاب الأمير: إذا فعلت ذلك، تذكري أنك ستندمين طوال حياتك، لكن الأميرة ردت فقط وقالت: أخبرني! قال الأمير: اعلم أنني ابن ملك بلد بعيد، لكن بالسحر تحولت إلى ثعبان، كانت كلمة ثعبان بالكاد تخرج من شفتيه عندما اختفى، وسمعت الأميرة حفيفًا ورأت تموجًا على الماء، وفي ضوء القمر الخافت، رأت أفعى تسبح في النهر.
سرعان ما اختفى وتركت وحدها، عبثًا انتظرت بقلب ينبض لحدوث شيء، وأن يعود الأمير إليها، ولكن لم يحدث شيء ولم يأت أحد، لم تحزن إلا الريح عبر الأشجار على ضفة النهر، وبكت طيور الليل، وعوى ابن آوى من بعيد، وتدفق النهر أسودًا وصامتًا تحتها.
في الصباح وجدوها على ضفة النهر تبكي مستعرة، لكن لا كلمة يمكن أن يعلموها منها أو من أي شخص عن مصير زوجها، و بناء على رغبتها قاموا ببناء منزل صغير من الحجر الأسود على ضفة النهر، وعاشت هناك في حداد مع عدد قليل من الخدم والحراس ليحرسوها.
مرت فترة طويلة، وما زالت الأميرة تعيش في حداد على أميرها ولم ترَ أحداً، ولم تبتعد عن منزلها الواقع على ضفة النهر والحديقة التي تحيط به، وذات صباح، عندما استيقظت الأميرة وجدت بقعة من الطين الطازج على السجادة حيث أرسلت إلى الحراس، الذين كانوا يراقبون خارج المنزل ليلا ونهارا وسألتهم من دخل غرفتها أثناء نومها.
أخبرها الحراس أنه لا يمكن لأحد الدخول، لأنهم ظلوا يراقبون بعناية لدرجة أنه حتى طائر لا يستطيع الطيران دون علمهم، لكن لم يستطع أي منهم تفسير بقعة الطين، و في صباح اليوم التالي، وجدت الأميرة بقعة أخرى من الطين المبلل حيث استجوبت الجميع بعناية، لكن لا أحد يستطيع أن يقول كيف وصل الطين إلى هناك، وفي الليلة الثالثة قررت الأميرة أن تستلقي مستيقظة وتراقب.
وخوفا من أن تنام، جرحت إصبعها بسكين وفركت الملح في الجرح، حتى يمنعها الألم من النوم، لذلك بقيت مستيقظة، وفي منتصف الليل رأت أفعى تتلوى على الأرض وبعض الطين من النهر في فمها، وعندما اقتربت من السرير، رفعت رأسها وأسقطت رأسها الموحلة على أغطية الفراش، كانت خائفة للغاية لكنها حاولت السيطرة على خوفها وصرخت: من أنت ولماذا أنت هنا؟
فأجاب الثعبان: أنا الأمير وزوجك وأنا أتيت لزيارتك، ثم بدأت الأميرة في البكاء، واستمر الثعبان: ألم أقل إني لو أخبرتك بسري سوف تندمين طوال حياتك، صرخت الاميرة المسكينة: تبت عنها وسأتوب عنها طيلة حياتي! ألا يوجد شيء يمكنني فعله؟
فأجاب الثعبان: نعم، يجب وضع وعاء كبير من الحليب والسكر في كل ركن من أركان هذه الغرفة في ليلة معينة. كل الثعابين في النهر ستخرج لشرب الحليب والتي تقود الطريق ستكون ملكة الثعابين، يجب أن تقفي في طريقها عند الباب، وتقولي: يا ملكة الأفاعي، أعيدي لي زوجي! وربما ستفعل ذلك.
لكن إذا كنت خائفةً، ولم توقفيها فلن تري ني مرة أخرى أبدًا، وانطلق بعيدا، في الليلة التالية ، نفذّت الأميرة طلب زوجها، ووقفت عند المدخل منتظرة، وفي منتصف الليل، كان هناك حفيف شديد من اتجاه النهر، وفي بدت الأرض تمتلئ بأشكال متلوية مروعة من الثعابين التي تلمع أعينها وألسنتها المتشعبة أثناء تحركها في اتجاه منزل الأميرة.
كان على رأسهم مخلوق قشري ضخم مثير للاشمئزاز قاد الموكب الرهيب، و كان الحراس مرعوبين لدرجة أنّهم هربوا جميعًا، لكنّ الأميرة وقفت في المدخل، وكانت تشد يديها معًا خوفًا من أن تصرخ أو يغمى عليها، وتفشل في أداء دورها.
عندما اقتربت الثعابين ورأوها في الطريق، رفعت كل الأفاعي رؤوسها المروعة جيئة وذهابا، ونظروا إليها بعيون خرزية شريرة، بينما بدا أنّ أنفاسهم تسمم الهواء، ولكن كانت الأميرة لا تزال ثابتة، وعندما كانت الأفعى الرائدة على بعد أقدام قليلة منها، صرخت: أوه، ملكة الأفاعي، أعيدي زوجي!
ثم بدا حشد الثعابين المتلوي الصاخب وكأنّه يهمس لبعضهم البعض، زوجها؟ زوجها ؟ لكنّ ملكة الثعابين واصلت السير حتى اقترب رأسها من وجه الأميرة، وما زالت الأميرة تقف في المدخل ولم تتحرك أبدًا، لكنّها صرخت مرة أخرى: يا ملكة الأفاعي، أعيدي لي زوجي! ثم أجابت ملكة الأفاعي: غدا سيكون لك، غدا!عندما سمعت الأميرة هذه الكلمات وعرفت أنّها قد انتصرت، ترنحت الأميرة من الباب وأغمي عليها.
كما في الحلم، رأت أن غرفتها كانت مليئة بالثعابين وكلها تتدافع وتتشاجر على أوعية الحليب حتى تنتهي، ثم ذهبوا بعيد، و في الصباح، استيقظت الأميرة باكرا، وخلعت ثوب الحداد الذي كانت ترتديه لمدة خمس سنوات، وارتدت ملابس جميلة، ونظفت المنزل وتزينت بأكاليل الزهور وكأنّها تستعد لحفل زفافها.
ولما حل الليل أضائت الغابة والبساتين بالفوانيس، وجهزت وليمة ثم انتظرت زوجها، وهي لا تعرف الشكل الذي سيظهر به، وفي منتصف الليل خرج الأمير يخطو على النهر ضاحكا ولكن الدموع في عينيه، وركضت لمقابلته وألقت بنفسها بين ذراعيه وهي تبكي وتضحك أيضًا، فرجع الأمير إلى البيت، وفي اليوم التالي عاد الاثنان إلى القصر وفرح الملك والملكة، وكان الأمير والأميرة سعيدان وعاشا وحكما لفترة طويلة ومزدهرة.


شارك المقالة: