يحب الأطفال القصص الخيالية؛ فهي تحفّز إدراكهم وتنشّط أذهانهم، سنحكي في قصة اليوم عن قصة سالي مع الأسد، وكان قد انتهى المطاف بها أن تتزوّج الأسد كي تنقذ والدها من قبضته، ولكن هذا الأسد كان أميراً مسحوراً.
قصة البنت والأسد
كان هنالك تاجر لديه ثلاثة من البنات، وكان هذا التاجر بحسب طبيعة عمله كثير السفر والترحال، وفي مرّة من المرّات التي أراد بها التاجر أن يسافر إلى بلد بعيد؛ فقام باستدعاء بناته ليخبرهنّ بنيّة سفره إلى بلد آخر، وسأل كل واحدة منهنّ عن الهديّة التي ترغب بها، قالت البنت الأكبر أنّها تريد جوهرة ثمينة، أمّا البنت الوسطى فطلبت خاتم ثمين، والصغرى وكان اسمها سالي كانت تحب والدها ولا تحب أن تتعبه؛ لذلك طلبت منه أن يحضر لها وردة بيضاء.
ولكن سالي تذكّرت فجأة أنّها في فصل الشتاء، ولا يوجد هنالك أي نوع من أنواع الأزهار، ومن الصعب الحصول عليها في ذلك الوقت، بل إن الثلوج كانت تغطّي المنطقة، ولم يكن هنالك مكان يوجد به الأزهار إلّا مكان واحد، وهو بيت زجاجي يتم الاحتفاظ بداخله بالأزهار حتى في فصل الشتاء، وكان والد سالي يحبّها لأنّها فتاة مهذبة وودودة وطيبة القلب، وكان يعزم على عدم الرجوع إلّا بإحضار ما طلبته سالي منه.
وعندما سافر التاجر وانتهى من إحضار البضاعة التي يريد إحضارها، نوى على شراء الهدايا لبناته الثلاث كما طلبن؛ فأحضر للكبرى الجوهرة، وللوسطى أحضر أثمن الخواتم، أمّا سالي فلم يجد لها ما طلب، فبدأ يبحث عن مكان الأزهار ولم يترك مكاناً إلّا وسأله عن مكان تواجد الأزهار ولكن دون فائدة، وكان الناس يتفاجؤون بسؤال التاجر عن وردة بيضاء في وقت الشتاء.
حزن التاجر لأنّه لم يجد ما طلبته ابنته منه، على الرغم من أن طلبها كان بسيط جدّاً، ظلّ يبحث حتى وصل إلى حديقة إحدى القصور، وكانت تبدو غريبة بعض الشيء؛ حيث أنّها تنقسم لنصفين، كان نصف منها مليء بالأزهار والأعشاب ودافئ كفصل الربيع، أمّا القسم الآخر فقد كان بارد جدّاً ولا ينمو به أي أزهار أو أشجار.
فرح التاجر بهذا المنظر وقال في نفسه: إنه من حسن حظي أن أجد حديقة كهذه، لا بد أنّهم قد صنعوا لها تدفئة خاصّة، سوف أدخل وأرى من صاحبها، دخل الأب وظلّ ينادي على صاحب الحديقة ولكن لم يجبه أحد، في ذلك الوقت قرّر التاجر أن يلتقط وردة بنفسه ويخرج من الحديقة، فالتقط واحدة بيضاء وخرج مسرعاً وهو يشعر بالسعادة لأنّه قد وجد طلب ابنته العزيزة سالي.
ولكنّه عندما خرج منها سمع صوتاً مخيفاً، وعندما التفت وجد أسد كبير يزأر ويقول: كيف لك أيّها الرجل أن تأخذ وردة من الحديقة دون إذني! قال له التاجر: أنا أعتذر منك أيّها الأسد، ولكنّني كنت أنادي ولم يجبني أحد، وأنا لم أقصد أن أسرقها، غضب الأسد وقال له: أنا لن أسامحك على فعلتك تلك، ويجب أن أقتلك.
شعر التاجر بالذعر من هذا الأسد وصار يتوسّل له أن يسامحه ويعفو عنه، قال له الأسد: سوف أسامحك بشرط واحد فقط، يجب عليك أن تعدني أن تهبني أول شيء يقابلك عندما تعود للمنزل، تذكّر التاجر أن ابنته سالي هي أوّل من يقابله عادةً عندما يعود من سفره، ولكنّه صار يواسي نفسه وتمنّى أن يكون أوّل ما يقابله قط أو كلب، ولم يكن أمامه إلّا الموافقة على الشرط.
وعندما عاد التاجر كانت سالي بانتظاره، ولسوء الحظ كانت هي أوّل من قابله، وعندما وجدت أبيها سألته عن سبب حزنه؛ فأخبرها بأنّ ثمن الوردة البيضاء كان باهظ الثمن، وأخبرها بقصّته مع الأسد، ولكن سالي طمأنت والدها وقالت له: لا تحزن يا أبي؛ فأنا سأذهب للأسد ولن أجعله يمسّني بأي سوء، أعجب التاجر بطريقة تفكير ابنته الصغرى العزيزة.
في اليوم التالي ودّعت سالي والدها التاجر بكل حزن، وطلبت منه أن يدّلها على الطريق الصحيح، دلّها والدها عليه واستودع ابنته سالي عند الله، ودعا ربّه أن يحميها ويحرسها، وعندما وصلت سالي استقبلها الأسد بكل هدوء، وجلست وتحدّثت معه، وبعد ذلك طلب منها الأسد الزواج منه، فوافقت على ذلك.
في ذلك الوقت كشف الأسد عن نفسه، لقد كان الأسد هو أمير مسحور يظهر بالنهار بشكل الأسد، ولكنّه يعود لشكله الحقيقي في المساء، تزوّج الأمير من تلك الفتاة وعلم والدها بذلك، وعاشا سويّةً حياة سعيدة، وكان هذا جزاء سالي لطيبة قلبها وحبّها لوالدها