يحب الأطفال أن يتلقّوا المعلومة عن طريق سرد القصص، وخاصة القصص المليئة بالخيال والمتعة والتشويق؛ فهم لا يحبّون أن يتعلموا مبادئ الحياة من خلال التلقين المباشر، فنجد في كل قصة عبرة وفائدة، وسنحكي في قصة اليوم عن ثلاثة خنازير تحدث معهم مغامرة ويتعلمون منها درساً والعبرة هي في الاتحاد قوة وفي الفرقة ضعف.
الخنازير الثلاثة:
كان هنالك خنزيرة أم ولديها أطفالها الخنازير الثلاثة، في يوم من الأيام جاءت الخنزيرة الأم وقالت لأطفالها: يا أطفالي لقد كبرتم الآن ويجب عليكم الاعتماد على أنفسكم سأعطيكم المال لكي تنفقوا على أنفسكم وتسافرون بعيداً. ترك الخنازير المنزل معاً، وأثناء سيرهم جلسوا تحت شجرة ليلاً وبدأوا بالتحدّث والتخطيط لما يريدون فعله.
فقال أحدهم: هذه فرصتنا لكي نثبت أنفسنا فلماذا لا نجرب حظّنا في هذا المكان البعيد، وقال الآخر: لنعتمد على قوتنا فقط ، أما الخنزير الثالث كان يتصف بالحكمة ولم يقتنع بفكرة الانفصال وقال في نفسه أن أحد إخوته سيهلك الآخر ويوقعه بالمشاكل فقال: يا إخوتي أنا لا اتفق معكما بالرأي فقوتنا في الاتحاد معاً، وإن انفصلنا فسنضعف هذه القوّة، فقال أحدهم: أنت دائماّ تحب تقديم النصائح ونحن لا نريد سماعها لأننا لم نعد صغار.
وعاد الأخ الحكيم وقال: حسناً كما تريدون ولكن لدي فكرة فلنسكن في بيوت منفصلة يسكن فيها كل واحد لوحده، وافق الأخوان واتفقوا على أنها فكر جيدة. وقال الأخ الحكيم: ولكن يجب أن نبقى متجاورين حتى نتمكن من مساعدة بعضنا إن تعرضّنا لأي مشكلة، فقال أحدهم: اطمئن يا أخي فلن يحدث أي مشكلة.
وفي اليوم التالي بدأ الإخوة ببناء منازلهم واختيار الأماكن لها، قال أحدهم: سأبدأ بجمع القش وأترك باقي نقودي لشراء سرير مريح، فاتجه لأحد المزارعين لشراء القش فاشترى منه، عاد الخنزير الأول سعيداً، أما الثاني فقابل حطاباً وهو يبحث عن مواد لبناء منزله وقال: سأبني منزلي من الخشب فهذا غير مكلف وسأشتري بباقي نقودي مرتبة لينة ومريحة فاشترى من الحطاب بعض العيدان.
أما الخنزير الثالث الذي كان حكيماً قرّر بناء منزله من الطوب، وفي نهاية اليوم كانوا قد أنهو بناء منازلهم، وأول من أكمل بناء منزله هو الأخ الأول الذي بنى منزلاً من القش وكان سعيداً به لأنه أكمله بسرعة وأراد شرب الشاي بداخله، أما الثاني فكان قد أكمل بناء منزله في المساء وكان يعتقد أن منزله سيكون أقوى من منزل أخيه، أما الثالث كان لا زال يبني بقاعدة منزله.
وعندما جاء أخويه سخروا منه لأنه لم ينتهي بعد، قال لهم: أنا أريد بناء منزل يساعدني طوال حياتي؛ فتجاهل كلام إخوته وأكمل بناء منزله طوبة فطوبة، وبعد انتهائه من بناء منزله بعد أسبوع. في يوم من الأيام جاء ذئب وأراد مهاجمة الخنازير والتهامهم فطرق باب الخنزير الأول وقال: يا أيها الخنزير دعني أدخل، رفض فقام الذئب ونفخ على منزله بقوة ثم دمر منزله وطار كل شيء، وذهب لمنزل أخيه الثاني واختبأ تحت طاولته هرباً من الذئب، وصل الذئب منزل الأخ الثاني وطرق الباب: فلم يدخله، هددّه الذئب بتدمير منزله وملأ رئتيه بالهواء ونفخ على منزله وطار كل شيء.
ذهب الأخوين لمنزل أخيهما الحكيم فسألهما وأخبروه بما حدث فقال لهم: سألقّن هذا الذئب درساً لن ينساه وانتظره حتى يأتي، فلما جاء الذئب قال له: اذهب أيها الذئب الشرير فلن تستطيع اقتحام منزلي فقال له الخنزير الحكيم: مهما تفعل فلن تستطيع هدم منزلي، بدأ الذئب بالنفخ مرة تلو الأخرى ولكن لم يتحرك أي شيء من مكانه حتى فقد هذا الذئب أنفاسه ووقع أرضاً وعندما قام الذئب حاول الركض نحو الباب وضربه بشدة ليكسره، حاول المرة الأولى ولم ينجح وعندما حاول المرة الثانية وقع على الأرض.
عندما نظر له الخنازير قال أحدهم: لقد سقط الذئب ولم ينجح في تدمير المنزل، شكر الأخوان أخاهم الحكيم وقالوا له: شكراً لك يا أخي لولاك لكنا الآن في معدة هذا الذئب الشرير، لقد أنقذت حياتنا، قال لهم الأخ الحكيم: وأنتم ساعدتموني كذلك فلولا وجودكم معي لما استطعت إغلاق الباب لوحدي ففي الاتحاد قوة وفي التفرق ضعف. شعر الأخوان أنهما كانا مخطئين بشأن أخاهم الحكيم وتعلّموا بذلك درساً لن ينسوه أبداً وقرّروا أن يعيشوا سوية، وفجأة أفاق الذئب مرة أخرى وأراد صعود السطح ونزل من المدخنة فانزلق منها حتى مات، وعاش الخنازير الثلاثة في سعادة دائمة.