قصة الرحلات السبع لسندباد البحار - الرحلة الرابعة

اقرأ في هذا المقال


الرحلات السبع لسندباد البحار، الرحلة الرابعة أو ( The Seven Voyages of Sindbad the Sailor, fourth Voyage) هي حكاية من الحكايات الشعبية من ترفيه الليالي العربية، تم اختيار هذه الحكايات الشعبية وتحريرها بواسطة أندرو لانج، عام 1918.

الشخصيات:

  • السندباد.
  • التجار.
  • الملك.

قصة الرحلات السبع لسندباد البحار، الرحلة الرابعة:

تحدث السندباد عن رحلته الرابعة وقال: ثري وسعيد كما كنت بعد رحلتي الثالثة، لم أستطع اتخاذ قرار بالبقاء في المنزل تمامًا، كان حبي للتداول، والمتعة التي استمتعت بها في كل ما هو جديد وغريب، جعلني أرتّب شؤوني ، وأبدأ رحلتي عبر بعض المقاطعات الفارسية بعد أن تركت أولاً متاجر البضائع في انتظار مجيئي إلى أماكن مختلفة كنت أنوي زيارتها.
أخذت سفينة في ميناء بعيد، ولبعض الوقت سارت الأمور على ما يرام، ولكن أخيرًا بعد أن علقت في إعصار عنيف، أصبحت سفينتنا حطامًا تامًا على الرغم من كل ما فعله قبطاننا لإنقاذها والعديد من أصدقائنا ماتوا في الأمواج، وكان من حسن حظي مع عدد قليل من الآخرين، أن حملني الموج إلى الشاطئ متشبثًا بقطع من الحطام ، لأنّ العاصفة دفعتنا بالقرب من جزيرة، وابتعدنا بعيدًا عن متناول الأمواج، وألقينا بأنفسنا منهكين تمامًا لننتظر للصباح.
في وضح النهار تجولنا في الداخل، وسرعان ما رأينا بعض الأكواخ التي وجهنا خطواتنا إليها، وعندما اقتربنا من السود خرج سكانها بأعداد كبيرة وأحاطوا بنا وتم اقتيادنا إلى منازلهم حيث تم تقسيمنا بين آسرينا، تم اصطحابي مع خمسة آخرين إلى كوخ حيث تم إجبارنا على الجلوس على الأرض، وتم إعطاؤنا بعض الأعشاب ، والتي اصدر لنا السود إشارات لنأكلها، مع أنّهم هم أنفسهم لم يلمسوها، كنت حريصًا فقط على التظاهر بتذوق حصتي.
لكن رفاقي، بسبب الجوع الشديد، أكلوا بتسرع كل ما تم وضعه أمامهم، وسرعان ما شعرت بالرعب من رؤيتهم وهم يغضبون تمامًا وبدأوا بالتحدث، إلا أنني لم أفهم أي كلمة قالوها، ولم يلتفتوا إلي عندما تحدثت إليهم، أحضرالمتوحشون الآن أوعية كبيرة مليئة بالأرز المحضر بزيت جوز الهند، والتي أكل رفاقي المجانين منها بشغف.
لكنّني لم أتذوق سوى القليل من الحبوب، مدركًا بوضوح أن هدف آسرينا هو تسميننا بسرعة من أجل أكلنا، وهذا كان بالضبط ما حدث، رفاقي سيئو الحظ بعد أن فقدوا عقولهم، لم يشعروا بالقلق ولا الخوف، وأكلوا بشراهة كل ما عرض عليهم يومياً، وبعد أيام قليلة سرعان ما أصبحوا بدينين، لكني أصبحت أكثر رشاقة يومًا بعد يوم، لأنّني أكلت القليل وحتى هذا القليل لم يفيدني بسبب خوفي ممّا كان أمامي.
ومع ذلك ، نظرًا لأنني كنت بعيدًا عن أن أكون لقمة مغرية، فقد سُمح لي بالتجول بحرية، وفي أحد الأيام، عندما ذهب جميع السود في رحلة استكشافية ولم يتبق سوى رجل عجوز لحراستي، تمكنت من الهروب منه وانغمست في الغابة، وكان يركض بشكل أسرع كلما صرخ لي للعودة، هربت أبعد.
بقيت لسبعة أيام اركض بسرعة، وكنت استريح فقط عند الظلام، وبقيت أعيش بشكل رئيسي على جوز الهند، وفي اليوم الثامن وصلت إلى شاطئ البحر ورأيت مجموعة من الرجال البيض يجمعون الفلفل الذي نما بكثرة فتقدمت نحوهم واستقبلوني باللغة العربية يسألونني من أنا ومن أين أتيت.
كان من دواعي سروري أن أسمع هذا الكلام المألوف، وقد أخبرتهم كيف غرقت سفينتي، واستولى علينا السود. وكيف كان هؤلاء المتوحشين يلتهمون الرجال! قالوا: ولكن كيف هربت؟ كررت لهم ما قلته لكم للتو، وكانوا مندهشين بشدة، بقيت معهم حتى جمعوا القدر الذي يرغبون فيه من الفلفل، ثم أعادوني إلى بلادهم وقدموني إلى ملكهم الذي استقبلني بحسن ضيافة، و بالنسبة له أيضًا، كان عليّ أن أتحدث عن مغامراتي التي فاجأته كثيرًا وعندما انتهيت أمر بتزويدي بالطعام والثياب وأن أعامل بالاهتمام.
كانت الجزيرة التي وجدت نفسي فيها مليئة بالناس، وتكثر فيها كل أنواع الأشياء المرغوبة، وهناك قدر كبير من الازدحام في العاصمة، حيث سرعان ما بدأت أشعر بالرضا وكأنّني في المنزل، علاوة على ذلك، عاملني الملك معاملة خاصة، ونتيجة لذلك سعى الجميع سواء في القصر أو في المدينة إلى جعل الحياة ممتعة بالنسبة لي.
شيء هناك شئ واحد اعتقدت أنه غريب للغاية حيث كان هذا أن جميع الرجال يركبون خيولهم من الأكبر إلى الأصغر بدون لجام ، ذات يوم قررت أن أسأل جلالته لماذا لم يستخدمها، فأجاب: مالذي تقصده باللجام، أنت تحدثني بأشياء لم أسمع بها من قبل! هذا أعطاني فكرة، فأحضرت عاملاً ماهرًا، وجعلته يقطع بتوجيه مني الجلد لصنع السرج، الذي غطيته بجلد فاخر، وزينته بتطريز ذهبي غني.
وعندما أكملت قدمته إلى الملك وأريته كيفية استخدامه، و عندما سرجت أحد خيوله ركبها وهو مسرورًا جدًا بالجديد، ولإظهار امتنانه كافأني بهدايا كبيرة، بعد ذلك، كان عليّ أن أصنع سروجًا لجميع الضباط الرئيسيين في منزل الملك، وبما أنّهم قدموا لي هدايا غنية، سرعان ما أصبحت ثريًا جدًا وشخصًا مهمًا جدًا في المدينة.
ذات يوم أرسل لي الملك وقال: سندباد، سأطلب منك معروفًا، أنا أحترمك وأتمنى أن تنهي أيامك بيننا، لذلك أرغب في أن تتزوج من مملكتي وتعيش بها وسأجد لك سيدة جميلة ولن تفكر بعد ذلك أكثر في بلدك، وبما أنّ إرادة الملك كانت قانونًا، قبلت العروس الساحرة التي قدمها لي، وعشت معها بسعادة، ومع ذلك كان لدي كل النية للهروب في أول فرصة، والعودة إلى بغداد.
وهكذا كانت الأمور تسير على ما يرام معي عندما حدث أن زوجة أحد جيراني الذي أقمت معه صداقة كبيرة، مرضت وتوفيت، وعندما ذهبت إلى بيته لأقدم العزاء فوجدته في أعماق الويل، وعندما قمت بتعزيته قال: واحسرتاه!لم يبق لي إلا ساعة! لقد قمت بترتيب منزلي، وسأدفن اليوم مع زوجتي، كان هذا هو القانون على جزيرتنا منذ العصور الأولى، يذهب الزوج الحي إلى القبر مع زوجته المتوفاة والزوجة الحية مع زوجها المتوفى.
وكذلك فعل آباؤنا، وكذلك يجب علينا أن نفعل ذلك القانون لا يتغير، ويجب على الجميع الخضوع ذلك! وبينما كان يتحدث حضر الأصدقاء حول الزوج غير السعيد وبدأوا في التجمع، تم وضع جسد زوجته مرتدية ملابس غنية ومتألقة بالجواهر، وبدأ الموكب الذي يحملها في طريقه إلى جبل عالٍ على مسافة ما من المدينة، وكان الزوج البائس مرتديًا ملابس سوداء من رأسه إلى قدمه.
عندما تم الوصول إلى مكان الدفن، تم إنزال الجثة كما كانت في حفرة عميقة، ثم ودع الزوج جميع أصدقائه حيث تمدد على نعش آخر، وُضِع عليه سبعة أرغفة صغيرة من الخبز وإبريق ماء، كما تم إنزاله إلى أعماق الكهف الرهيب، وبعد ذلك تم وضع حجر على فتحة القبر، وشقت الجموع الحزينة طريقها إلى المدينة.
كنت متفاجئًا بهذه الإجراءات، أما بالنسبة للآخرين، كان هذا شيئًا اعتادوا عليه منذ شبابهم، لكنّني شعرت بالرعب لدرجة أنّني لم أستطع أن أخبر الملك كيف صدمتني هذه التقاليد، فقلت: سيدي، أنا مندهش أكثر ممّا أستطيع أن أعبر لك عن العادة الغريبة الموجودة في مملكتك الخاصة بدفن الأحياء مع الموتى، ففي جميع رحلاتي لم ألتقي من قبل بمثل هذه القسوة والفظاعة القانون.
قال الملك: ماذا لديك يا سندباد؟ إنّه قانون للجميع، أنا شخصياً يجب أن أدفن مع الملكة إذا كانت أول من يموت، فقلت: لكن جلالة الملك، أتجرأ على السؤال عما إذا كان هذا القانون ينطبق على الأجانب أيضًا؟ أجاب الملك مبتسمًا: لماذا، نعم، إنّهم ليسوا استثناءً من القاعدة إذا تزوجوا في البلاد، وعندما سمعت هذا، عدت إلى المنزل ومنذ ذلك الوقت فصاعدًا لم يكن عقلي يستوعب ما سمعت أبدًا.
إذا شعرت بألم في إصبع زوجتي الصغير فقط تخيلت أنها ستموت، ثمّ بعد فترة قصيرة مرضت حقًا وفي غضون أيام قليلة أنفاسها آخر مرة حيث كان فزعي عظيمًا، لأنّه بدا لي أن الدفن حياً كان مصيرًا أسوأ من أن يلتهمه آكلي لحوم البشر، ومع ذلك لم يكن هناك مفر حيث جسد زوجتي يرتدي أغنى ثيابها ومزين بكل مجوهراتها وتم وضعه على النعش.
تابعت ذلك، وبعد أن جاء موكب عظيم برئاسة الملك وجميع نبلاءه، وبهذا الترتيب وصلنا إلى الجبل القاتل الذي كان من سلسلة شاهقة على البحر، هنا بذلت مجهودًا محمومًا آخر لإثارة شفقة الملك وأولئك الذين وقفوا جانبًا، على أمل إنقاذ نفسي حتى في هذه اللحظة الأخيرة، لكن ذلك لم يكن ذا جدوى، لم يتحدث معي أحد حتى أنّهم بدَوا مسرعين في مهمتهم المروعة، وسرعان ما وجدت نفسي نزل إلى الحفرة القاتمة، مع أرغفة الخبزالسبعة وإبريق الماء بجانبي.
قبل أن أصل إلى القاع تقريبًا، دحرج الحجر في مكانه فوق رأسي وتركت قدري، ثمّ سطع شعاع ضوء ضعيف في الكهف من خلال بعض الثقب، وعندما تجرأت على النظر إليه استطعت أن أرى أنّني كنت في قبو شاسع، مليء بعظام وأجساد الموتى، حتى أنني تخيلت أنني سمعت تنهدات من أولئك الذين مثلي، أتوا أحياء إلى هذا المكان الكئيب، عبثًا صرخت بصوت عالٍ من الغضب واليأس، وكنت أوبخ نفسي على حب الكسب والمغامرة الذي أوصلني إلى مثل هذا الممر، ولكن في النهاية وبهدوء أكثر تناولت الخبز والماء، ولففت وجهي نحو نهاية الكهف، حيث كان الهواء أعذب.
عشت هنا في الظلام والبؤس حتى استنفدت مؤونتي، ولكن عندما كنت على وشك الموت من الجوع، دحرجت الصخرة فوق رأسي ورأيت أنّ هناك نعش كان يُنزل في الكهف، وأن الجثة كانت لرجل، و في لحظة حسم عقلي ، وحين نزلت المرأة التي تبعت زوجها في الدفن، قررت أن أقدم لها خدمة تقلل من بؤسها، لذلك عندما نزلت، كنت مستعدًا ومسلحًا بعظمة ضخمة وبضربة واحدة تركتها ميتة، وحصلت على الخبز والماء اللذين أعطياني الأمل في الحياة.
لقد لجأت عدّة مرات إلى هذه الوسيلة اليائسة، ولا أعرف كم من الوقت كنت أسيرًا عندما تخيلت يومًا ما أنّني سمعت شيئًا بالقرب مني يتنفس بصوت عالٍ، وبالانتقال إلى المكان الذي جاء منه الصوت، رأيت بشكل خافت شكلاً غامضًا هرب عند حركتي، وهو يضغط على نفسه عبر مخبأ في الحائط وعندما تابعته بأسرع ما يمكن، ووجدت نفسي في صدع ضيق بين الصخور، حيث تمكنت فقط من شق طريقي.
تابعته لما بدا لي أميالاً عديدة، ورأيت أخيرًا أمامي بصيصًا من الضوء كان يتضح أكثر في كل لحظة حتى خرجت على شاطئ البحر بفرح لا أستطيع وصفه، عندما كنت متأكدًا من أنّني لم أكن أحلم، أدركت أنّه كان بلا شك حيوانًا صغيرًا وجد طريقه إلى الكهف من البحر، وعندما كان مضطربًا هرب، وأظهر لي وسيلة للهروب لم أكن لأكتشفها أبدًا نفسي، قمت بمسح محيطي على عجل، ورأيت أنّني في مأمن من كل مطاردة من المدينة.
كانت الجبال منحدرة تمامًا إلى البحر، ولم يكن هناك طريق عبرها، وللتأكد من ذلك عدت إلى الكهف، وجمعت كنزًا غنيًا من الماس والياقوت والزمرد والمجوهرات من جميع الأنواع التي نثرت على الأرض، وخزنتها في مكان آمن على الشاطئ، ثم انتظرت على أمل مرور سفينة، كنت قد انتظرت لمدّة يومين، قبل ظهور شراع واحد ، لذلك كان من دواعي سروري أن رأيت أخيرًا سفينة ليست بعيدة جدًا عن الشاطئ ، ومن خلال التلويح بذراعي والصرخات العالية نجحت في جذب الانتباه من طاقمها.
تم إرسال قارب إلي، وردًا على أسئلة البحارة حول كيف أكون في مثل هذه المحنة، أجبت أن سفينتي قد غرقت قبل يومين، لكنّني تمكنت من التدافع على الشاطئ، لحسن حظي أنهم صدقوا قصتي وحتى دون أن ينظروا إلى المكان الذي وجدواني فيه، حملوا حزمتي وأعادوني إلى السفينة، وبمجرد أن صعدت على متن السفينة، سرعان ما رأيت أن القبطان كان مشغولًا بصعوبات الملاحة لدرجة أنه لا يهتم بي كثيرًا، على الرغم من أنّه رحب بي بسخاء، ولم يقبل حتى الجواهر التي عرضت أن أدفع بها رسوم المرور.
كانت رحلتنا مزدهرة، وبعد زيارة العديد من الأراضي، وجمع مخزونًا كبيرًا من البضائع الجيدة في كل مكان وجدت نفسي أخيرًا في بغداد مع ثروات لم يسمع بها من كل وصف، ومرة أخرى قدمت مبالغ طائلة للفقراء، وأثريت كل المساجد في المدينة، وبعد ذلك سلمت نفسي لأصدقائي وأقاربي الذين قضيت معهم وقتي في الولائم والفرح.
هنا توقف سندباد، وأعلن جميع مستمعيه أنّ مغامرات رحلته الرابعة أسعدتهم أكثر من أي شيء سمعوه من قبل. ثم أخذوا إذنه، وتبعهم سندباد الذي حصل مرة أخرى على مائة ترتر، ومع البقية مُنعوا من العودة في اليوم التالي لقصة الرحلة الخامسة.


شارك المقالة: