نسمع الكثير عن قصص السحر، سنحكي في قصة اليوم عن حكاية غريبة لسلطان مسحور، كان هنالك تاجر مخادع قد أرسله له كي يسرق منه كرسي الحكم، ولكن هذا السلطان طيب القلب قاده الطريق لمعرفة فك هذا السحر، كما أنّه قابل أميرة جميلة وتزوّج منها.
قصة السلطان المسحور
في إحدى الممالك العراقية القديمة يعيش السلطان المعتصم في قصره الكبير، وكان لدى هذا السلطان ملك عظيم، من أكثر الأشياء التي بحبّ السلطان فعلها هو جلوسه في الحديقة وقت العصر، وكان يحب كثيراً أن يظلّ جالساً لفترات طويلة ويحتسي القهوة، ويتأمّل المناظر الطبيعية، ويعتبر السلطان المعتصم هذه الفترة من أكثر وأجمل فترات الاسترخاء والتسلية.
وزير السلطان المعتصم كان يختار هذا الوقت عندما يريد التحدّث مع السلطان بأي أمر مهم؛ حيث يكون السلطان مسروراً في هذا الوقت، وفي يوم من الأيام حضر وزير السلطان أمامه وكان يريد التحدّث معه في أمر مهم، وعندما جلس بجوار السلطان كان يبدو عليه علامات الحزن.
سأله السلطان: ما بك أيّها الوزير؟ يبدو عليك الهم والحزن، قال له الوزير: لقد كنت أرى تاجر بجانب العربة وأنا في طريقي إليك، وكان لدى هذا التاجر الكثير من الأشياء الثمينة، وأنا أريد شراء تلك الأشياء ولكنّني لا أملك ثمنها، لهذا السبب أنا حزين.
وعلى سبيل الصدفة كان السلطان يفكّر أن يهدي وزرائه شيئاً ثميناً؛ تقديراً منه لهم على جهودهم؛ فقرّر استدعاء هذا التاجر ليرى ما معه من بضاعة، وعندما جاء التاجر وفتح صندوقه شاهد به الكثير من الجواهر والخواتم الثمينة من الذهب والفضة، انتهز السلطان المعتصم تلك الفرصة واشترى لكل واحد من وزرائه شيئاً ثميناً كهدية منه لهم.
من ضمن تلك الهدايا اشترى مشطاً مرصّعاً بالألماس لزوجة الوزير، ولكن عندما أراد التاجر المغادرة لاحظ السلطان درج صغير في صندوقه لم يقم بفتحه، وعندما طلب السلطان من الوزير فتحه وجد به مسحوق لونه أسود حالك، ويوجد بداخله كتابات غريبة جدّاً.
قال السلطان للتاجر: ما هذا الشيء يا ترى؟ قال له التاجر: لا أعلم يا سيدي أنا اشتريته من تاجر يعمل في مكة، ولا أعلم ما هي تلك الكتابات ولكنّني أريد أن أعطيها لك كهدية مني، وافق السلطان على أخذها باعتبارها من المخطوطات القديمة؛ فهوكان يحب الاحتفاظ بالأشياء القديمة كثيراً.
طلب السلطان من وزرائه إحضار أفضل علماء البلدة؛ لمحاولة قراءة الكلام المبهم في الورقة الصغيرة، فأمروا بإحضاره فحضر أمام السلطان وقال له: لقد سمعت أنّك عالم قدير ولديك القدرة على تفسير الخطوط المبهمة، أريد منك قراءة ما في تلك الورقة وتفسيره لي، وإن فعلت فسوف أكافئك وأعطيك شيئاً ثميناً، وإن لم تفعل فسوف آمر بجلدك.
وافق العالم على ذلك، وعندما أمسك الورقة قال للسلطان: يا سيدي تلك الورقة تقول إن هذا المسحوق هو عبارة عن مسحوق سحري، ومن يشمّه يستطيع التحوّل لأي مخلوق يريده، ويستطيع فهم لغة الحيوان، ويجب عليه أن لا يضحك وإلّا عاد إلى صورته الحقيقية، وعندما يريد العودة لشكله الحقيقي يجب عليه أن يذهب للشرق وينحني ثلاث مرات ويقول كلمة (تابور).
كافأ السلطان العالم بما وعده وطلب منه عدم إخبار أحد بذلك، قال السلطان للوزير: هذه فرصة جيّدة وأنا أريد أن أصبح طائراً وأتجوّل في الريف، تعال معي يوم غد لنستمع للغة الحيوان، وفي اليوم التالي قام السلطان ووزيره بشم المسحوق وتحوّل كل منهم إلى بجعة.
ذهب السلطان ووزيره لبحيرة البجع وأمضوا وقتاً ممتعاً وهم يستمعون إلى لغة البجع بين بعضهم البعض، ولكن حدث شيء غريب فقد ضحك السلطان على بجعة راقصة وهذا جعله ينسى الكلمة التي تعيده إلى شكله الحقيقي، لم يكن يعلم السلطان ووزيره ما العمل، وقرّرا أن يطيرا فوق القصر.
تفاجأ السلطان ووزيره بأن هنالك احتفالاً والناس يهتفون باسم التاجر الذي باعه هذا المسحوق، وعلم السلطان أن هذه كانت حيلة من عدوّه سلطان البلد المجاورة، وكان قد أرسل له هذا التاجر كي يسرق منه كرسي الحكم.
قال السلطان للوزير: ليس أمامنا إلّا السفر إلى مكة، لعلّنا نستطيع الرجوع إلى صورتنا الحقيقية، وفي أثناء سيرهما قابلا بومة حزينة، عندما تحدّث إليها السلطان الذي كان على شكل البجعة، علم أنّها أميرة مسحورة من قبل هذا التاجر أيضاً، وقالت له: لقد أخبرني أحدهم أنّني إذا تزوّجت السلطان فسوف أعود لصورتي، قال لها السلطان: ولكنّني لدي زوجة وأولاد، قال له الوزير: ليس أمامنا يا سيدي السلطان إلّا هذه الطريقة يجب عليك ان تتزوّج البومة.
وافق السلطان على ذلك، وعندما أمسك السلطان يد البومة تحوّلت لأميرة شابة، وأخذتهما إلى رجل يعرف بفك السحر، وعندما سألته عن الطريقة أخبرها بالكلمة التي يجب عليهما قولها حتّى يعودان لصورتهما الحقيقية، نطق السلطان ووزيره بتلك الكلمة، وعاد إلى مملكته برفقة الأميرة الجميلة، وقام بحبس هذا التاجر المخادع في السجن طوال حياته.
