قصة الصياد والمارد

اقرأ في هذا المقال


لا حياة مع اليأس، هذا ما تعلمّه الصياد شهاب من المارد في قصة اليوم؛ حيث كان المارد الذي أنقذه الصياد من جرة النحاس يشعر باليأس بعد أن أخرجه منها، ولكن عندما سمع الصياد بقصّته تعلّم منه بأن لا ييأس، وأن يكون الشخص حامداً لله على فضله ونعمه وصحته.

قصة الصياد والمارد

كان شهاب صياد فقير لا يملك من قوته إلّا مهنة الصيد يعمل بجمع الأسماك، ولديه زوجة وأربعة أولاد، يخرج كل يوم في الصباح الباكر ومعه شبكة الصيد ذات الحبال السميكة بحثاً عن رزقه، وفي اعتقاده أنّه لا يستطيع اصطياد أكثر من ثلاث مرات، لأنّ المرّة الرابعة قد نجلب الحظ السيء، بالإضافة إلى أن قوّته لا تساعده على سحب الشبكة أكثر من ثلاث مرّات.

في بعض المرات كان شهاب ينجح في اصطياد السمك؛ فيقوم ببيعه في السوق ويجلب الطعام لعائلته، ومرات أخرى لا يحالفه الحظ في ذلك؛ فيعود خالي الوفاض ولا يملك ثمن الطعام لعائلته، وعندما كان شهاب يعود من البحر خالي الوفاض يمرّ بجانب جاره أبو أحمد بائع الخبز، كان كلمّا يرى سلّة شهاب فارغة يقوم بإعطائه بعض الخبز ليطعم به عائلته، وأحياناً بعض النقود كدين يردّه له الصياد متى استطاع.

كان شهاب يشعر بالخجل من جاره هذا ولا يحب أن يمرّ من جانبه بسلة فارغة؛ والسبب أنّه لا يملك ثمن ردّ الدين لجاره، وفي مرّة من المرّات أعطى شهاب لجاره شبكة الصيد التي يملكها لجاره، ولكن جاره رفض ذلك وقال له: هل آخذ منك مصدر رزقك الوحيد، لا تقلق أنا سوف أنتظر، وأنا واثق بأنّك سوف تستطيع ردّ الدين في يوم ما.

وفي يوم من الأيام بينما كان الصياد يقوم برمي الشبكة في الماء إذ شعر بشيء ثقيل، وعندما قام بسحب الشبكة لم يجد إلّا بقايا النباتات، وعندما قام برمي شبكته للمرة الثانية وقام بسحبها لم يجد إلّا الطين وبعض الحجارة فقط، شعر الصياد باليأس بأن يحظى برزق جيد، كان شهاب يحاول أن يزرع التفاؤل في نفسه ويقول: ربمّا سأحصل على شيء المرة الثالثة.

عندما قام برمي شبكته للمرّة الثالثة كانت ثقيلة جدّاً، عندما قام بسحبها وجد بها جثة حيوان ميت، شعر الصياد بالحزن لما أصابه ونوى أن يرمي الشبكة للمرّة الرابعة علّه يجد شيئاً هذه المرّة، وعندما قام برميها لم تسعفه قوّته أن يسحبها لأنّها كانت ثقيلة، ولكنّه استجمع قواه حتى استطاع أن يسحبها، ووجد بداخلها جرّة من نحاس.

حاول الصياد أن يفتح تلك الجرة، ولكنّه لم يجد بها شيئاً وقال في نفسه: سأقوم بيعها في السوق علّها تجلب لي بعض النقود، ولكنّه عندما مسح بها خرج دخان كثيف منها، وسمع صوت يقول: هيا اركع على الأرض سوف أقتلك، قال له الصياد: ولماذا تريد قتلي أنا أنقذتك من حبسك في تلك الجرّة؟ قال له المارد: لأنّك قمت بإخراجي فسوف أقوم بتحقيق أمنية واحدة لك ثم أقتلك، هيا أخبرني ما هي أمنيتك قبل موتك.

كان الصياد شهاب خائفاً وقال في نفسه: سأطلب منه أن يحدثّني عن نفسه لعلّه ينسى أمر قتلي، وعندما سأله الصياد عن قصته قال له: لقد غضب مني سيدي لأنّني خالفت أوامره وقام بحبسي هنا، وانتظرت لمدّة أربعمئة عام حتى ينقذني أحد، وكنت أنوي أن أعطي لمن ينقذني ثروة كبيرة، ولكن عندما طال الانتظار قرّرت أن أقتل أي شخص يقوم بإنقاذي، ففكّر الصياد في نفسه وقال: أنا أفعل مثل هذا الجني ولا أنتظر إلّا ثلاث مرات فقط وفي المرة الرابعة أشعر باليأس.

لكن المارد صرخ بوجه الصياد وقال له: هيا أخبرني أمنيتك قبل موتك، شعر الصياد بالذعر وخطر بباله أن يقوم بعمل حيلة فقال للمارد: أريد أن أعرف كيف تستطيع الدخول إلى تلك الجرّة؛ فهي صغيرة ولا تتسّع لإصبع؟ ولكن المارد غضب وقال له: ألم تراني عندما خرجت منها؟ لكن الصياد تظاهر بعدم تصديقه فطلب منه أن يدخل الجرة.

وافق المارد ودخل الجرة مرّةً أخرى، ونجحت خطة الصياد وأغلق الجرة وقام برميها في الماء، عاد الصياد إلى منزله وكان يقول في نفسه: لقد عرفت الآن ما هو مصدر السعادة، إنّه ليس في صيد الأسماك فقط، بل برجوعي لعائلتي وأنا حي وبصحة جيدة، وأنا تعلّمت من هذا الصياد أن لا أشعر باليأس من الانتظار، فطالما هو يأس من محاولة خروجه ولكنّه خرج.

صار الصياد شهاب يذهب لصيد الأسماك كل يوم، ولا يعود من ثالث محاولة فقط، بل كان يعود كل يوم وهو يحمل الأسماك في شباكه، واستطاع أيضاً أن يردّ دينه لجاره بائع الخبر، بعد أن تعلّم من المارد درساً لن ينساه.


شارك المقالة: