قصة الهدايا الأربع

اقرأ في هذا المقال


قصة الهدايا الأربع أو (THE FOUR GIFTS) قصة خيالية لأندرو لانغ، من سلسلة كتاب الأرجواني.

الشخصيات:

  • باربيك.
  • تيفاني.
  • دينيس.

قصة الهدايا الأربع:

في أرض بريتاني القديمة، التي كانت تسمّى ذات يوم كورنوال، عاشت هناك امرأة تدعى باربايك بورهيس، قضت كل أيامها في رعاية مزرعتها بمساعدة ابنة أختها تيفاني، حيث كان يمكن رؤية الاثنين في وقت مبكر ومتأخر في الحقول أو في صناعة الألبان، وحلب الأبقار، وصنع الزبدة، وإطعام الطيور والقيام بالعمل الجاد بأنفسهم والاهتمام بأنّ الآخرين عملوا أيضًا.
فسرعان ما كبرت باربيك على حب المال من أجله، ولم تقدم لنفسها وتيفاني سوى الطعام والملابس التي كانت في أمس الحاجة إليها، أما بالنسبة للفقراء فقد كرهتهم بشكل كبير، وأعلنت أن مثل هذه المخلوقات الكسولة ليس لها مصلحة في العالم، وفي أحد الأيام ثارغضبها عندما وجدت تيفاني تتحدث خارج المنزل إلى الشاب دينيس، الذي لم يكن أكثر من عامل بسيط من قرية بلوفر حينها أمسكت ابنة أختها من ذراعها، وسحبتها بحدة.
ثمّ بدأت تصرخ : ألّا تخجلين ، أيتها الفتاة، أن تضيع وقتك على رجل فقير مثل الجرذ، في حين أن هناك عشرات آخرين سيكونون سعداء للغاية بشراء خواتم من الفضة لك، إذا سمحت لهم بذلك؟ فأجاب تيفاني: دينيس عامل جيد ، كما تعلمين هو شخص جيد، وهو يربح من المال أيضًا، وسرعان ما سيتمكن من شراء مزرعة لنفسه.
صاحت باربيك: هذا هراء، لن يدخر ما يكفي لمزرعة حتى يبلغ المائة من عمره، سأراك في قبرك عاجلاً أكثر من زوجة رجل يحمل ثروته كلها على ظهره، فسألت تيفاني: ما أهمية الثروة عندما يكون المرء شابًا وقويًا؟ ولكن عمتها المندهشة من مثل هذه الكلمات، بالكاد كانت تسمح لها بالانتهاء من كلامها.
فكررت باربك بصوت مصدوم ما أهمية الثروة؟ هل يعقل أنك حقًا حمقاء لدرجة أنك تحتقري المال؟ إذا كان هذا ما تعلمته من دينيس، فأنا أمنعك من التحدث إليه، وسأخرجه من المزرعة إذا تجرأ على إظهار وجهه هنا مرة أخرى، اذهبي الآن واغسلي الملابس وانشريها حتى تجف، لم تجرؤ تيفاني على العصيان، ولكن بقلب مثقل ذهبت إلى طريق النهر.
قالت الفتاة لنفسها: إنّها أقوى من هذه الصخور، لأنّ المطر على الأقل يمكن أن يزيل الحجر أخيرًا، لكنّك قد تبكي إلى الأبد، ولن تهتم أبدًا لأمرك، إن التحدّث إلى دينيس هو السرور الوحيد الذي أحظى به، وإذا لم أتمكن من رؤيته، فقد أدخل إلى الدير أيضًا، بالتفكير في هذه الأفكار، وصلت إلى النهر، وبدأت في وضع الكمية الكبيرة من الملابس التي كان يجب غسلها.
وفجأة وقفت أمامها امرأة عجوزًا كان وجهها غريبًا عنها،سألت تيفاني: هل ترغبين في الجلوس والراحة يا جدتي؟ أجابت المرأة العجوز بنبرة مرتجفة: عندما تكون السماء هي كل سقف لديك، تستريح حيث تشاء، فسألت تيفاني: هل أنت وحيدة جدا إذًا ؟ أليس لديك أصدقاء يرحبون بك في منازلهم؟ هزّت المرأة العجوز رأسها، ثمّ أجابت: لقد ماتوا جميعًا منذ زمن بعيد، وأصدقائي الوحيدون هم غرباء بقلوب طيبة.
لم تتحدث الفتاة للحظة، ثم رفعت رغيفًا صغيرًا وبعض اللحم المخصص لعشاءها، وقالت: خذي هذا، اليوم على أي حال يجب أن تتناولي طعامًا جيدًا، فأخذته المرأة العجوز، وهي تحدق في تيفاني، ثمّ قال: أولئك الذين يساعدون الآخرين يستحقون المساعدة، ما زالت عيناك محمرة لأنّ تلك البخيلة باربك منعتك من التحدث إلى الشاب من بلوفر، لكن ابتهجي، أنت فتاة جيدة، وسأعطيك شيئًا يمكّنك من رؤيته مرة واحدة كل يوم.
صرخت تيفاني: أنت؟ وكانت مندهشة من اكتشاف أن المتسولة تعرف كل شيء عن شؤونها، لكن المرأة العجوز لم تسمعها، ومضت قائلة: خذي هذا الدبوس النحاسي الطويل، وفي كل مرة تلصقيه في ثوبك، ستضطر الأم باربيك إلى مغادرة المنزل لتذهب وتحسب ملفوفها، وطالما أن الدبوس في لباسك ستكونين حرة ولن تعود عمتك حتى تضعيه في علبته مرة أخرى، ثم نهضت برأسها إلى تيفاني واختفت.
وقفت الفتاة حيث كانت لا تزال كالحجر، لولا الدبوس في يديها لكانت اعتقدت أنّها تحلم، ثم فجأة سقطت عينا تفاني على الملابس، ولتعويض الوقت الضائع بدأت في غسلها بقوة كبيرة، وفي المساء التالي، في الوقت الذي اعتاد فيه دينيس على انتظارها في بيت البقر، علقت تيفاني الدبوس في ثوبها، وفي نفس اللحظة حملت باربيك قباقيبها أو حذائها الخشبي وذهبت عبر البستان ومضت إلى الحقول، إلى قطعة الأرض التي نما فيها الملفوف.
ثمّ هربت الفتاة من المنزل وقضت أمسيتها في سعادة مع دينيس، وهكذا كان لعدة أيام بعد ذلك، ثم بدأت تيفاني تلاحظ شيئًا ما، وجعلها هذا الشيء حزينًا للغاية، حيث أخبرها دينيس بكل الخطط التي وضعها لكي يصبح ثريًا ورجلًا عظيمًا، لم يكن لديه شيء آخر ليقوله لها، فقد كان مغرمًا بالتحدث مع نفسه، ولكن ليس الاستماع إلى أي شخص آخر.
وفي الليلة التالية كان يخبر تيفاني أنه قد أُجبر على الذهاب إلى المدينة للعمل، ولكن على الرغم من أنها لم تلومه أبدًا، إلّا أنّها لم تنخدع ورأت بوضوح أنه لم يعد يهتم بأمرها، يومًا بعد يوم زاد شحوب خديها وحزنها، وفي إحدى الأمسيات، عندما انتظرته عبثًا، وضعت وعاء الماء على كتفها ونزلت ببطء إلى النبع، على الطريق أمامها وقفت الجنية التي أعطتها الدبوس.
وبينما كانت تنظر إلى تيفاني ضحكت قليلاً وقالت: لماذا، فتاتي الجميلة بالكاد تبدو أكثر سعادة مما كانت عليه من قبل، على الرغم من مقابلة حبيبها متى شائت، أجاب تيفاني بصوت مرتجف: لقد سئم مني، وقدم أعذارًا للابتعاد، آه! يا جدتي العزيزة، لا يكفي أن أكون قادرًا على رؤيته، يجب أن أكون قادرًا على تسليته وإبقائه معي ساعديني لأكون ذكيًا أيضًا.
قالت المرأة العجوز: حسنًا، خذي هذه الريشة وألصقيها بشعرك، وستكون حكيمة وقوية، ذهبت تيفاني إلى المنزل وعلقت الريشة في الشريط الأزرق الذي ترتديه دائمًا، وفي لحظة سمعت دينيس يحدث صفيرًا، وبينما كانت خالتها تحصي الملفوف بأمان، أسرعت لمقابلته.
صُدم الشاب بحديثها حيث لم يكن هناك شيء لا يبدو أنها تعرفه، أما بالنسبة للأغاني فهي لا تستطيع فقط غناء الأغاني بل يمكنها تأليفها بنفسها، فقال في نفسه: هل كانت هذه حقًا الفتاة الهادئة التي كانت حريصة جدًا على تعلم كل ما يمكن أن يعلمها إياها، أم هل كان شخصًا آخر؟ ربما كانت قد أصيبت فجأة بالجنون، وكان هناك روح شريرة بداخلها.

لم يمض وقت طويل قبل حتى أخبر دينيس تيفاني ذات مساء أنه لا يستطيع البقاء للحظة، حيث كان قد وعد بالذهاب إلى الرقص الذي كان سيقام في القرية التالية، شحب وجه تفاني التي عملت بجد طوال اليوم، وكانت تعتمد على ساعة هادئة مع دينيس، لقد بذلت قصارى جهدها لإقناعه بالبقاء معها، لكنه لم يستمع إليها، وفي النهاية غضبت.
فقالت له : أوه، أنا أعلم لماذا أنت حريص للغاية على عدم تفويت الرقص، هذا لأن أزيليز ستكون هناك، فقد كانت أزيليز أجمل فتاة، وقد عرفت هي ودينيس بعضهما البعض منذ الطفولة، فأجاب دينيس، الذي كان سعيدًا جدًا برؤيتها تغار: أوه، نعم، أزيليز ستكون هناك، ومن الطبيعي أن يقطع المرء شوطًا طويلاً لمشاهدة رقصها.
صرخت تيفاني: اذهب اذًا، ودخلت المنزل أغلقت الباب خلفها، ثمّ جلست وحيدة وبائسة بجانب النار وحدقت في الجمر الأحمر، ثم قامت برمي الريشة من شعرها ووضعت رأسها على يديها وبكت بحماس، وقالت: ما فائدة أن تكون ذكياً عندما يكون الجمال هو ما يريده الرجال؟ لن يعود دينيس أبدًا.
وفجأة نظرت حولها رأت المرأة العجوز تتكئ على عصاها وقالت: اربطي هذه القلادة حول عنقك، وطالما ارتديتها ستكونين أجمل امرأة في العالم، وعندما وضعتها ونظرت لرؤية وجهها بدت أجمل من قبل وخطرت لها فكرة، فأسرعت إلى الرقص وهي ترتدي أفضل فستان لها وفي الطريق التقت بعربة جميلة مع شاب يجلس فيها.
قال الشاب: يا لها من فتاة جميلة! هي، وليس غيرها، ستكون زوجتي فقالت تيفاني: اذهب في طريقك أيها السيد الكريم، ودعني، أنا مجرد فتاة قروية فقيرة، معتادة على الحليب، والعمل في التبن، فقال وهو يمسك بيدها ويحاول أن يقودها إلى العربة: قد تكونين فلاحة ، لكنني سأجعلك سيدة عظيمة.
أجابت: لا أريد أن أكون سيدة عظيمة، أريد فقط أن أكون زوجة دينيس، وألقت يده وركضت إلى الطريق الذي يقسم الطريق من حقل الذرة، ولكنّ الشاب لحقها وأمر خدمه الذين قبضوا عليها ووضعوها في العربة، وفي نهاية ساعة وصلوا إلى قلعة رائعة، وتم رفع تيفاني التي لم تتحرك، ونقلوها إلى القاعة، بينما تم إرسال كاهن لأداء مراسم الزواج.
حاول الشاب أن يقنعها بكل الأشياء الجميلة التي ستكون عليها عندما تصبح زوجته، لكن تيفاني لم تستمع إليه، وكانت تبحث عن أي وسيلة يمكن أن تهرب بها، ولكن كانت الأبواب الثلاثة العظيمة مغلقة بإحكام،لكن ريشتها كانت لا تزال في شعرها، وبمساعدتها اكتشفت صدعًا في الألواح الخشبية، وبمجرد لمس الدبوس النحاسي الذي كان يربط فستانها، أرسلت الفتاة كل واحد في الصالة لعد الملفوف، بينما هي نفسها مرت من الباب الصغير، وهي لا تعرف إلى أين تذهب.
وبحلول هذا الوقت، حلّ الليل، وكانت تيفاني متعبة جدًا، ولحسن الحظ، وجدت نفسها عند بوابة دير، وسألت عما إذا كان يمكنها البقاء هناك حتى الصباح، لكن السيدة أجابت بقسوة أنه لا يوجد مكان للمتسولين، وأمرتها بالانتقال ، فجرّت الفتاة المسكينة نفسها ببطء على طول الطريق، حتى أخبرها ضوء أنها بالقرب من مزرعة.
كان أمام المنزل مجموعة من الناس، امرأتان أو ثلاث وأبناء الفلاح، وعندما سمعت والدتهم طلب تيفاني أن رقّ قلب الزوجة الطيبة، وكانت ستدعوها إلى الداخل، عندما بدأ الشباب الذين قلبت جمال الفتاة رؤوسهم، يتشاجرون حول أيهما يجب أن يقدم لها خدمة أكثر.
تحولت الكلمات إلى الضربات، وخافت النساء من وقوع المشاكل، فطردنّ تيفاني التي ركضت بسرعة في أقرب طريق، وذهبت دون ان تعرف إلى أين تذهب حتى وجدت نفسها بالقرب من منزل خالتها، لعدة أيام شعرت بالتعب الشديد وعدم الرضا لدرجة أنها بالكاد تستطيع أداء عملها، و نادرًا ما اقترب دينيس منها.
مع مرور الأيام، بدأت تيفاني تزداد شحوبًا وشحوبًا، حتى لاحظها الجميع باستثناء خالتها، كان الإناء ثقيلًا جدًا بالنسبة لها الآن، لكنها كانت تحمله في الصباح والمساء إلى النبع، ثمّ همست في نفسها: كيف كان بإمكاني أن أكون بهذا الغباء، لم يكن ضروريًا رؤية دينيس، لأنه سرعان ما سئم مني، ولا أن املك لسان حكيم لأنه كان يخاف منه، ولا الجمال كان ضروريًا ، لأن ذلك لم يجلب لي سوى المتاعب، بل الثروة التي تصنع الحياة السهلة.
ثمّ قالت في نفسها: آه! إذا تجرأت فقط على استجداء هذه الهدية من الجنية، يجب أن أكون أكثر حكمة من ذي قبل وأعرف كيف أختار بشكل أفضل، فقالت المرأة العجوز التي ظهرت خلفها فجأة: إذا نظرت في جيبك الأيمن عندما تعودين إلى المنزل ستجدين صندوقًا صغيرًا، افركي عينيك بالمرهم الذي يحتويه، وسترين أنك تمتلكين كنزًا لا يقدر بثمن.
عادت تيفاني إلى المزرعة بأسرع ما يمكن، وبدأت تتلعثم بفرح في جيبها الأيمن، من المؤكد أنه كان هناك صندوق صغير به المرهم الثمين، وبينما كانت تقوم بفرك عينيها به عندما دخلت عمتها باربيكا الغرفة، فاضطرت لترك المرهم، فأخبرتها باربيك أنها لم تعرف حساب الملفوف حيث حدث كل شيء بشكل خاطئ ، ولم تستطع أن تجعل العامل يبقى معها بسبب مزاجها السيئ.
فلما رأت ابنة أختها واقفة بهدوء أمام مرآتها، انفجرت باربيك: هذا ما تفعلينه عندما أكون في الحقول! آه! لا عجب إذا كانت المزرعة قد دمرت، ألا تخجلين يا فتاة أن تتصرفي هكذا؟ حاولت تيفاني أن تتلعثم ببعض الأعذار ، لكن عمتها كانت غاضبة، بينما تيفاني مرتبكة وحزينة من صراخها، ولم تعد قادرة على التحكم في نفسها.
وكانت مفاجأة لها عندما بدأت تبكي حيث رأت أن كل قطرة دمع كانت لؤلؤة مستديرة ومشرقة، فأطلقت باربيك التي شاهدت هذه الأعجوبة أيضًا، صرخة استغراب وألقت بنفسها على ركبتيها لرفعهما عن الأرض، وكانت لا تزال تجمعهم عندما فتح الباب ودخل دينيس الذي قال: اللؤلؤ! وسقط على ركبتيه أيضًا، فقالت باربيك: ابكي يا عزيزتي، ابكي، إنه من أجل مصلحتك ومصلحتنا أيضًا، وقد مدت مئزرها لألتقاط اللؤلؤ، ودينيس قبعته.
شعت تيفاني بالاختناق عند رؤية جشعهم، وحاولت الهروب منهم وعندما حاولوا منعها بكلمات لطيفة، ولكنّها استمرت برفضهم وارادت الرحيل فطلبت باربيك من دينس ايقافها حتى لو بالضرب، فخرج الاثنان تاركين وراءهما تيفاني التي جلست ثابتة تمامًا على كرسيها، ويداها متشابكتان معًا بإحكام.
أخيرًا رفعت عينيها، اللتين كانتا مثبتتين على الأرض، ورأت الجنية واقفة في زاوية مظلمة بجوار الموقد، تراقبها بنظرة ساخرة حيث ارتجفت الفتاة وقفزت، ثم أخذت الريشة، والدبوس، والصندوق، ورفعتها إلى المرأة العجوز، وصرخت: ها هم جميعهم، إنّهم ينتمون إليك، دعيني لا أراهم مرة أخرى، لكنّني تعلمت الدرس الذي علموني إياه.
قد يكون للآخرين ثروات وجمال وذكاء، لكن بالنسبة لي لا أريد شيئًا سوى أن أكون الفتاة الفلاحة الفقيرة التي كنت دائمًا أعمل بجد من أجل من تحبهم، أجابت الجنية:نعم، لقد تعلمت الدرس، والآن ستعيشين حياة سلمية وتتزوجين الرجل الذي تحبينه، لأنّه بعد كل شيء لم تكوني أنت الذي فكرت فيه بل هو، لم ير تيفاني المرأة العجوز مرّة أخرى، لكنّها سامحت دينيس لبيع دموعها، وبمرور الوقت أصبح زوجًا صالحًا، وقام بنصيبه من العمل.


شارك المقالة: