من أبشع ما يتعرّض له المرء في حياته هو الظلم، سنحكي في قصة اليوم عن فتاة عاشت مع زوجة أبيها التي كانت لا تنجب الأولاد؛ وكانت تغتاظ منها فقامت بتعذيبها وطمست معالم جمالها، حتّى جاء أحد الفرسان وعلم بقصّتها وتزوجها وماتت زوجة أبيها عندما علمت بذلك من شدّة غيظها.
قصة جبينة:
كان هنالك رجل متزوج بامرأتين، أنجبت إحداهما فتاة بيضاء وجميلة جدّاً وأسماها جبينة، كانت المرأة الثانية لا تنجب أولاداً فكلمّا رأت جبينة تشعر بالاغتياظ، وتشتعل في قلبها نيران الحسد والكراهية، وفي يوم من الأيام نوى هذا الرجل أن يسافر هو وزوجته الأولى، وقال بأنّ زوجته الثانية ستعتني بابنته جبينة التي يحبّها كثيراً، فأظهرت له هي مظاهر اللين والود خوفاً من أن تخسره.
ولكن هذا الرجل وزوجته كان قد واجهمها في الطريق سباع ضالّة، وقامت بقتلهما ولم يبقَ لهما أي أثر، في ذلك الوقت أُتيحت الفرصة للزوجة الثانية وبدأت تتفنّن في تعذيب جبينة، وتحاول أن تخفي معالم جمالها، وكانت تمنعها من أن تمشط شعرها أو تتزيّن، وكانت دائماً تأمرها بالخروج لترعى الأغنام تحت الشمس، وتعاقبها إن عصت لها أمراً.
كانت تمنعها من لبس الثياب الجديدة، وكانت كل يوم تستيقظ في الصباح الباكر وتدهن وجهها بالنساج كما تطلب منها هذه المرأة، وتذهب لترعى الأغنام تحت الشمس، وكانت لا تحصل من الطعام إلّا على كسرة خبز جافة وحبات من الزيتون.
كانت جبينة دائماً ما تتذكر الحنان الذي كانت تحصل عليه من والديها وتبدأ بالحزن والبكاء على فراقهما، وفي يوم من الأيام قرّرت أن تتوقّف عن دهن النساج، فذهبت لترعى الأغنام قرب النهر، وبدأت بغسل وجهها وقدميها حتى عاد لونها الأبيض الجميل، وفي تلك الأثناء مر فارس على حصانه وعندما رآها تعجّب ممّا رآه.
مضى هذا الفارس وتركها؛ لأنّه كان لديه مهمّة يجب عليه تأديتها، ولكن عند نومه بدأ يفكّر في تلك الفتاة، ونام وحلم أنّه امتطى حصانه وذهب إلى غيمة سوداء قام بشقّها، ولمّا انفتحت كان بداخلها قمر أبيض جميل، ذهب في اليوم التالي لأحد المفسرين وقص عليه حلمه فقال له: هذه الرؤيا تعني أنّك ستتزوّج عن قريب من فتاة بيضاء الجبين وجميلة تلبس ثياباً سوداء، وستصبح أمّاً لأولادك.
ذهب في اليوم التالي وامتطى الحصان؛ فوجد الفتاة قرب النهر، اقترب منها وسألها عمّا تفعل؛ فأجابته وأخبرته بكل قصّتها، عندما علم بقصتها ذهب إلى منزل تلك المرأة وأخبرها أنّه غاضب منها، وبأنّه يريد الزواج من جبينة، شعرت المرأة بالغيظ الشديد ممّا سمعت، ومن شدّة غيظها ماتت، وبعد أيام تزوج الفارس من جبينة، وعاشا بسعادة غامرة.