حليب كومونجو المقدس أو (THE SACRED MILK OF KOUMONGOE) بواسطة أندرو لانج. من سلسلة كتاب الجنيات البني.
الشخصيات:
- الابن كوانو.
- الابنة ثاكين.
- الفتاة ديلة.
- ماسيلو.
قصة حليب الكومونغو المقدّس:
في بلد شديد الحرارة كان هناك رجل وامرأة ولهما طفلان، ابن اسمه كوانو وابنة تدعى ثاكين، كان يخرج الوالدان في الصباح الباكر ويعودان في وقت متأخر من المساء، وكانا يعمل الوالدان بجد في الحقول، وكانا يستريحان، عندما تكون الشمس عالية، تحت ظل بعض الأشجار.
وفي أحد الأيام بينما كانا غائبين، بقيت الفتاة الصغيرة في المنزل بمفردها، وكان شقيقها دائمًا ما ينهض قبل الفجر، عندما يكون الهواء منعشًا وباردًا، ويقود الماشية إلى أعلى بقع العشب التي يمكن أن يجدها، ولكن في هذا اليوم، عندما نام كوان في وقت متأخر عن المعتاد، ذهب والده ووالدته إلى العمل قبله، ولم يكن هناك سوى ثاكاني التي كانت مشغولة بصنع الخبز للعشاء.
قال كوانو: أنا عطشان، أعطني شرابًا من شجرة الكومنجو، التي تحتوي على أفضل حليب في العالم، ولكنّ أخته صرخت: كوانو ، أنت تعلم أنه من الممنوع لمس تلك الشجرة، ماذا سيقول أبي عندما يعود للمنزل؟ عندما يعرف أنّنا أخذنا من حليبها.
أجاب كوانو: هذا هراء، هناك الكثير من الحليب في شجرة الكومونجو لدرجة أنه لن يعرف إذا أخذنا القليل، وإذا لم تعطيه لي، فلن أخرج الماشية، وسيبقون طوال اليوم في الكوخ، وأنت تعلمين أنّهم سيموتون جوعاً، ثمّ استدار عنها بغضب وجلس في الزاوية، بعد فترة من جلوسه قالت له ثاكين: الجو يزداد سخونة، هل من الأفضل لك الخروج بالماشية الآن؟
لكن كوين أجاب فقط بفظاظة: أخبرتك أنّني لن أخرجهم على الإطلاق، إذا لم تعطيني الحليب، فلن أخرج الماشية من البيت أبدًا، لم تعرف ثاكين ماذا تفعل، كانت تخشى عصيان والديها، اللذين كانا على الأرجح سيضربانها، لكن من المؤكد أنّ الأغنام ستعاني الجوع إذا تم الاحتفاظ بها بالبيت، وربما تتعرض للضرب بسبب ذلك أيضًا.
لذا أخيرًا أخذت فأسًا ووعاءً ترابيًا صغيرًا، وقطعت حفرة صغيرة جدًا في جانب شجرة الكومنجو، وتدفق منها الحليب بما يكفي لملء الوعاء، ثمّ قالت، متجهة إلى كوين الذي كان لا يزال عابسًا في ركنه: هذا هو الحليب الذي تريده، لكنّه ردّ عليها قائلاً ما فائدة ذلك؟ لماذا، لا يوجد ما يكفي لإغراق ذبابة، اذهبي واحضري لي ثلاثة أضعاف!
ارتجفت الفتاة من الخوف، وعادت إلى الشجرة وضربتها بفأس، وفي لحظة سُكب منها الحليب وتدفق حتى أنّه كان يجري مثل النهر في الكوخ، صرخت الفتاة: كوين! تعال وساعدني في سد الحفرة، لن يتبقى حليب لأبينا وأمنا، لكن كوين لم يستطع إيقافه من التدفق، وسرعان ما كان الحليب يتدفق عبر الكوخ إلى أسفل التل باتجاه والديهم في الحقول أدناه.
وعندما رأى الرجل مجرى أبيض بعيد، خمن ما حدث، ثمّ نادى بصوت عالٍ المرأة، التي كانت تعمل على مسافة قصيرة: يا زوجتي : هل ترين الكومونجو يجري بسرعة أسفل التل؟ يجب أن أعود إلى المنزل واكتشف ما هو الأمر. وقد ألقى كلاهما بمعاولهما وسارعوا إلى جانب مجرى الكومنجو، ثمّ ركعا على العشب وقام الرجل وزوجته بمد أيديهما وشربا من الحليب، وبمجرد أن فعلوا ذلك، عاد مجرى الكومونغو مرّة أخرى إلى أعلى التل ودخل الكوخ.
وعندما وصل الوالدان إلى المنزل وهم يلهثان من حرارة الشمس وسألا طفليهما: ماذا كنتما تفعلان؟ لماذا أتى الكومونجو إلينا في الحقول بدلاً من البقاء في الحديقة؟ فأجابت ثاكين: لقد كان خطأ كوان، لم يكن يأخذ الماشية لإطعامها حتى يشرب بعض حليب كومونجو، لذا، بما أنني لم أكن أعرف ماذا أفعل، أعطيته إياه.
بعدما استمع الأب إلى كلام ثاكين، لكنه لم يرد، ثمّ ذهب إلى الخارج وأحضر اثنين من جلود الغنم، التي صبغها باللون الأحمر وأرسلها للحداد ليطلب لتشكيل بعض الحلقات الحديدية، ثم تمّ تمرير الحلقات على ذراعي وساقي ورقبة ثاكين، وربط الجلد عليه من الأمام والخلف، وعندما أصبح كل شيء جاهزًا، أرسل الحداد للقيام بخدمة له وقال: سوف أتخلص من ثاكين.
أجاب في مفاجأة، لكن لماذا تر يد التخلص من ابنتك الوحيدة؟ فأجاب الأب لأنها شربت ما لا يجب أن تشربه لقد لمست الشجرة المقدسة التي تخص أمها وأنا وحدي، وأدار ظهره، ونادى على ثاكين لتتبعه، وذهبوا في الطريق المؤدي إلى مسكن الغول، وكانوا يمرون على طول بعض الحقول حيث كانت الذرة تنضج، عندما قفز أرنب فجأة عند أقدامهم، وسأل: لماذا تعطي للغول طفلتك ؟
أجاب الرجل: كان من الأفضل أن تسألها، إنّها كبيرة بما يكفي لتعطيك إجابة، ثمّ أجابت ثاكين أنّه ليس ذنبها فقد أعطت الحليب لأخيها، ولما سمع الأرنب ذلك صرخ: أيها الرجل البائس! أنت الذي يجب أن يأكله الغول، وليس ابنتك الجميلة.
لكن الأب لم يلتفت لما قاله الأرنب، وسار على الطريق الأسرع، وطلب من ثاكين أن تظل قريبة من وراءه، وعندما التقوا مع مجموعة من الغزلان الكبيرة، وتوقفوا عندما سأل الغزلان: لماذا تعطي للغول طفلتك؟ طلب منها والدها الإجابة حيث قالت: أعطيت الحليب لأخي ليصطحب الأغنام للمروج.
وصرخ جميع الغزلان: أيها الرجل البائس! أنت الذي يجب أن يأكله الغول، وليس ابنتك الجميلة، في تلك الأثناء ، كان الظلام قد حل، وقال الأب إنهم لم يتمكنوا من السفر أكثر في تلك الليلة، ويجب أن يناموا حيث كانوا، كانت ثاكين سعيدة، لأنها كانت متعبة جدًا، وعلى الرغم من خوفها من الغول، نامت حتى الفجر، عندما أيقظها والدها، وأخبرها أنّه مستعد لمواصلة رحلتهم.
وصلوا أخيرًا إلى القرية التي يعيش فيها الغول، وتوجهوا مباشرة إلى كوخه، لم يكن في أي مكان يمكن رؤيته ، ولكن كان هناك ابنه ماسيلو، الذي لم يكن غولًا على الإطلاق، بل كان شابًا مهذبًا للغاية الذي أمر خدمه بإحضار كومة من الجلود لتجلس عليها ثاكين، وأخبر والدها أنّه يجب أن يجلس على الأرض.
بعد ذلك، عندما لاحظ وجه الفتاة الذي أذهله جمالها، وطرح نفس السؤال الذي طرحه الأرنب، والغزال، أجابته الفتاة بأمر الحليب وكيف أعطته لأخيها، فأمر على الفور أن يتم اصطحابها إلى كوخ أمه، ووضعها تحت رعايتها، بينما يجب أن يُنقل الرجل إلى والده، وبعدما رآه الغول طلب من الخادم أن يرموه في القدر الكبير الذي كان دائمًا جاهزًا على النار، وفي غضون خمس دقائق تمّ القضاء عليه.
الآن وقع ماسيلو ابن الغول في حب ثاكين في اللحظة التي رآها فيها، في البداية لم يكن يعرف ماذا يفعل من هذا الشعور الغريب، فطوال حياته كان يكره النساء، ورفض العديد من النساء اللواتي اختارهنّ والداه له، وبعد فترة اقتنعت ثاكين بالزواج منه بسبب حسن تعامله معها.
بعد فترة ولدت لها طفلة، ولكن والدة زوجها عندما رأت أنها فتاة، غضبت وبكت قائلة: أيتها الأم البائسة! طفلة بائسة! لماذا لم تكن ولداً! ثمّ أخبرتها السيدة العجوز أن العادة في ذلك البلد أن تعطى جميع الفتيات المولودات للغول ليأكلهنّ، لكن ثاكين احتضنت بإحكام طفلتها بين ذراعيها وصرخت: لن يأخذ أحد طفلتي مني.
في تلك الليلة، عندما كان الجميع في الكوخ نائمين، نهضت ثاكين، وهي تحمل طفلتها على ظهرها، ونزلت إلى مكان امتد فيه النهر إلى بحيرة كبيرة، وجلست على حجر وبدأت تفكر فيما يجب أن تفعله لإنقاذ طفلها، وفجأة سمعت حفيفًا بين أشجار الصفصاف، وظهرت أمامها امرأة عجوز، وسألتها عن سبب بكائها.
فأجابت ثاكين: كنت أبكي من أجل طفلتي، لا يمكنني إخفاءها إلى الأبد، وإذا رآها الغول فسوف يأكلها، وأنا أفضل الموت على ذلك، فردت المرأة العجوز: ما تقولينه صحيح، أعطني طفلتك، ودعيني أعتني بها، وإذا حددت يومًا لمقابلتي هنا فسوف أحضر الطفلة لترينها.
ثم قبلت ثاكين بسرور عرض المرأة العجوز، وعندما عادت إلى المنزل، أخبرت زوجها أنّها ألقتها في النهر ولأنّه كان يراقبها وهي تسير في هذا الاتجاه، لم يفكر أبدًا في الشك فيما قالت، وفي اليوم المحدد، هربت ثاكين عندما كان الجميع مشغولين، وركضت إلى البحيرة، وحالما وصلت، نادت بهدوء.
وفي لحظة ظهرت المرأة العجوز وهي تحمل الطفلة بين ذراعيها، بقيت الأم تلعب مع طفلتها بسعادة، ثمّ شعرت أنّه يجب عليها العودة إلى القرية، خشية أن يتم اكتشافها، وأعادت الطفلة إلى السيدة العجوز التي اختفت معها في البحيرة.
كبرت الطفلة بسرعة كبيرة، وفي وقت سريع تغيرت الفتاة ديلة من طفلة إلى امرأة، وجاءت والدتها لزيارتها كلما استطاعت ذلك وفي أحد الأيام، عندما كانت الأم جالسة تتحدث مع ابنتها، تجسس رجل عليها جاء ليقطع الصفصاف، لقد فوجئ بشدة برؤية وجه الفتاة، لدرجة أنه ترك عمله وعاد إلى القرية ليخبر ماسيلوا زوج ثاكين بالأمر.
قال الرجل لماسيلو: لقد رأيت زوجتك للتو بالقرب من النهر مع فتاة لا بد أنّها ابنتك، فهي مثلك تمامًا، لقد خدعنا، لأنّنا اعتقدنا جميعًا أنها ماتت، عندما سمع هذا، حاول ماسيلو أن يبدو مصدومًا لأن زوجته خرقت القانون، ولكن في قلبه كان مسرورا جدا، ثمّ قال: تأكد من أنّني سأبحث عن الحقيقة من خلال الاختباء بين الأدغال في المرة القادمة وأراقب زوجتي وهي تقابل الفتاة.
وفي أحد الأيام عندما قالت ثاكين لزوجها أنها ستستحم في النهر، أجاب: حسنًا، يمكنك الذهاب، لكنّه ركض سريعًا في طريق آخر، ووصل إلى هناك أولاً، واختبأ في الأدغال وبعد لحظة، وصلت زوجته ووقفت على الضفة ونادت بهدوء، ثم خرجت المرأة العجوز من الماء ممسكة بيد الفتاة، الطويلة والنحيلة.
وعندما نظر ماسيلو، رأى أنها بالفعل ابنته، وبكى من الفرح لأنها لم تكن ميتة في قاع البحيرة، وبعد رؤية ابنتها أخذتها العجوزوغرقت تحت السطح، وعادت ثاكين إلى القرية التي تمكن ماسيلو من الوصول إليها قبلها، وبقي الرجل طوال اليوم جالسًا في الزاوية يبكي، وعندما سألت والدته : لماذا تبكين بمرارة يا بني؟ لكنّه أجاب: رأسي يؤلمني.
وفي المساء قال لزوجته: لقد رأيت ابنتي في المكان الذي أخبرتني فيه أنك غرقتها، بدلاً من ذلك، تعيش في قاع البحيرة، وقد كبرت الآن لتصبح شابة، أجابت ثاكين: لا أعرف ما الذي تتحدث عنه، لقد دفنت طفلتي تحت الرمال على الشاطئ.
ثم ناشدها ماسيلو أن تعيد الطفلة إليه، لكنّها لم ترضى، وأجابت فقط: إذا كنت سأعيدها إليك، فلن تلتزم إلّا بقوانين بلدك وسوف تأخذها إلى والدك، الغول وستؤكل، لكن ماسيلو وعد أنه لن يسمح لوالده برؤيتها، وأنّها الآن امرأة لن يحاول أحد أن يؤذيها، لذلك نزلت ثاكين إلى البحيرة لاستشارة المرأة العجوز.
أجابت المرأة العجوز: سأتركها تذهب ولكن يجب أن يدفع لي ألف رأس ماشية في المقابل، فوافق الأب وأمر الخدم بأن يسرعوا لإحضار كل الماشية التي يملكها وقادوهم إلى النهر، تبعهم حشد كبير يتساءل عمّا سيحدث.
ثم تقدمت ثاكين للأمام أمام الماشية ونادت: أحضري لي ديلة، ديلة المرفوضة، ديلة، التي طردها والدها ماسيلو! وجاءت ديلة من المياه ممددة يديها إلى ماسيلو وأمّها، وفي مكانها غرقت الماشية في البحيرة، ودفعتها المرأة العجوز إلى المدينة العظيمة المليئة بالناس، التي تقع في أسفل النهر.