قصة حيلة القرد

اقرأ في هذا المقال


القوة لا تكمن بالجسد فقط، بل إنّها تكمن في العقل أحياناً، هذا الذي كان الأسد يحاول أن يعلّمه لابنه الشبل الصغير؛ والسبب أن ابنه الصغير كان يتباهى بغروره، وبتعامل مع الجميع بكبر.

قصة حيلة القرد

في إحدى الغابات البعيدة تسكن الحيوانات المختلفة مع بعضها البعض، هنالك الحيوانات الأليفة والغير أليفة أو المفترسة، منها الطويل ومنها القصير، منها السريع ومنها البطيء، ومن المعروف أنّ الحيوان الذي يحكم الغابة هو الأسد الذي يعتبر ملك الغابة، يعيش الأسد مع عائلته وابنه الصغير ويحكم الغابة بأسلوب صحيح، ولكن هنالك ما يؤرّق ملك الغابة.

الأمر الذي كان يقلق الأسد ملك الغابة هو ابنه الصغير الذي كان دائماً حزين لأجله؛ والسبب في ذلك هو أن ابنه الشبل يشعر بغرور كبير بسبب أنّه ابن ملك الغابة، لذلك فهو يتعامل مع الجميع بغطرسة وكبر، بينما والده الأسد يستنكر هذه الأفعال ويرفض اندفاع ابنه الدائم هذا، وعندما كان يسأله أي احد من الحيوانات عن سبب كبره وغروره كان يقول: أنا هو ابن ملك الغابة، ويحقّ لي أن أفعل ما أشاء؛ لأنّني سأصبح يوماً ما ملك الغابة من بعده.

وفي يوم من الأيام قرّر والده الأسد أن يناديه ويتحدّث معه، فقال له: يا بني لا يجوز لك أن تتعامل مع من حولك بهذه الطريقة؛ فالغرور دائماً يقتل صاحبه ولا تكون نهايته إلّا الندم، يجب عليك أن تتعامل مع من حولك بمحبّة وتواضع من أجل أن تكسب محبّتهم وانتمائهم لك، لكن الشبل الصغير لم يكن مقتنعاً بما قاله له والده وردّ عليه: يجب علي أن أجعل الحيوانات تخاف مني يا أبي، ويجب أن أظهر قوّتي أمامهم دائماً وأتباهى بها كذلك.

فكّر والده الأسد ماذا يمكن له أن يفعل حتى يمنع ابنه الشبل الصغير من هذا الغرور؛ فقرّر أن يفكّر في حيلة ما لعلّها تجعله يدرك ما هي عاقبة الغرور، نادى الأسد على ابنه الصغير وطلب منه أن يخرج معه في نزهة صغيرة في الغابة، وافق الشبل على ذلك ورافق أبيه وصار يتجوّل معه في أرجاء الغابة، وبينما هم كذلك إذ مرّ الأسد وابنه بجانب شجرة عالية، يجلس فوق أغصانها قرد صغير.

وقف الأسد وابنه الشبل يراقب هذا القرد الصغير، الذي كان يلعب ويلهو ويأكل الموز بشراهة، ولكن الشبل غضب منه؛ فصرخ وقال له بصوت عالي: أنت قرد عديم الذوق ولا تحترم الآخرين، وظلّ الشبل يشتم القرد الصغير، على الرغم من أن القرد الصغير لم يسبّب له بأي أذى أو ضرر، وبسبب الشتائم المتوالية بدأ القرد الصغير يبكي بشدّة ممّا سمعه.

وبسبب ذلك غضب والده الأسد كثيراً ممّا فعله وقال له: أنت أيّها الشبل هل تعتقد بأنّك الأقوى في هذه الغابة؟ ردّ عليه الشبل الصغير: نعم أنا هو أقوى الحيوانات، ولا يستطيع أي حيوان أن يهزمني، فقال له والده الأسد: ولكن ألا تعلم بأنّ هذا القرد الصغير هو أقوى منك؟ وهو يستطيع أن يهزمك، قال له كيف لقرد صغير وضعيف مثل هذا أن يهزمني أنا! ردّ عليه والده الأسد وقال: إنّه يستطيع أن يمنعك من النوم.

نظر الشبل الصغير للقرد وأجاب بكل سخرية: أنت أيّها القرد الصغير تستطيع هزيمتي! أنا أستطيع الآن بضربة مخلب واحدة أن أقتلك، ولكن القرد الصغير قال له: وأنا سأعدك أنّك لن تنام هذه الليلة، وسأجعلك تتوسّل إليّ أن أدعك تنام، وصار القرد الصغير يتأرجح بين الأشجار وهو يلهو ويلعب، وكان الشبل الصغير ينظر له وهو يشعر بالاغتياظ والغضب.

وعندما حلّ الليل ذهب الشبل الصغير وصار يبحث عن القرد وكان يريد أن يقتله، ظلّ يبحث عنه بين الأشجار طوال الليل ولكنّه لم يجده؛ فعاد إلى والده في اليوم التالي وقال له: هل رأيت يا أبي كيف هرب هذا القرد الصغير الجبان، أنا بحثت عنه ولم أحده، في تلك الأثناء دخل القرد الصغير وسلّم على الأسد الكبير وقال له: لقد نفّذت وعدي لك أيّها الأسد، ومنعت ابنك الشبل الصغير من النوم، وأنا كنت نائماً لذلك أرسلت له من يمنعه من النوم.

نظر الشبل للقرد وقال له: أنت قرد كاذب، لقد بقيت طوال الليل أبحث عنك ولم أجدك؟ ضحك القرد وقال: إذاً أنت لم تنم ليلة البارحة، أنا لم أرسل لك أي أحد، ولكن أرسلت لك الهم والتفكير بالبحث عني، غضب الشبل الصغير من ذلك، فنظر له والده الأسد وقال: لا تغضب يا بني، ولكن أنا من اتفقّت مع القرد ليلقّنك درساً عن عاقبة الغرور، وعليك أن تعلم أن القوّة ليست بالجسد فقط، بل بالحكمة وحسن التصرّف.


شارك المقالة: