يستطيع الشخص أن يكون مميّزاً ليس بثيابه؛ بل بذكائه وحسن تصرّفه خاصّةً في اللحظات الحرجة التي يتعرّض لها الجميع، كانت تلك صفة الفتاة الطيبة البسيطة لونا، والملقّبة بذات الرداء الأخضر؛ فهي كانت لا تملك غيره، ولكن لونا استطاعت بذكائها أن تنقذ أهل القرية والقرية التي كانت معرّضة للخطر من قبل اللصوص، وبسبب ذلك حصلت لونا على مكافأة كبيرة، وصارت تملك أجمل الثياب الملوّنة وفرحت بها كثيراً.
قصة ذات الرداء الأخضر
لونا فتاة طيبة ورقيقة تسكن مع والديها في المنزل، كانت لونا تعيش حياة بسيطة وليست مترفة، والد لونا يعمل في الحقل كمزارع، أمّا والدتها فهي ربّة منزل، كانت والدة لونا تعدّ لزوجها الغذاء كل يوم، وتطلب من ابنتها أن تذهب بالغذاء لوالدها الذي يعمل لساعات طويلة، كانت لونا تذهب كل يوم، ولكن في يوم من الأيام عادت إلى المنزل وهي حزينة.
سألتها أمّها: ما بك حزينة يا ابتني؟ قالت لها ابنتها: يا أمّي أنا اذهب إلى الحقل كل يوم باللباس ذاته، فأنا لا أملك إلّا ذاك الرداء الأخضر القديم، شعرت الأم بالحزن لابنتها وقالت لها: أنا أعتذر منكِ يا ابنتي بسبب ضيق اليد، فنحن لم نشتري لكِ ثياب جديدة هذا العام، ولكن أنا أعدكِ عند جمع المحصول سأجعل والدكِ يشتري لكِ ثياباً جديدة وجميلة.
قبلت لونا الطيبة اعتذار أمّها وأظهرت لها ابتسامتها الجميلة، ولبست ردائها الأخضر وفي اليوم التالي ذهبت لإرسال طعام الغذاء لوالدها، كان رداء لونا الأخضر يشبه كثيراً لون الأشجار والنباتات، خاصّةً عند تفتّح النباتات في فصل الربيع، وفي مرّة من المرّات بينما كانت لونا في طريقها لإرسال الطعام لوالدها إذ قابلت صديقاتها.
صارت لونا تمشي مع صديقاتها وتتحدّث معهنّ وتلعب وتمرح، مرّت هي وصديقاتها بجانب إحدى الحظائر؛ فتعثّرت واحدة من صديقاتها ووقعت فجأةً على الأرض، أسرعت لونا لإنقاذ صديقتها التي وقعت، شكرتها صديقتها على المساعدة، وسمعت لونا فجأةً صوت لشخصين غريبين داخل الحظيرة؛ أدركت وقتها بأنّ هنالك رجال غرباء داخل الحظيرة، وربمّا يكونوا لصوص.
كان هنالك لصوص في القرية كانوا قد تسلّلوا إليها دون علم أحد، وعندما سمعوا صوت الفتيات كانوا يريدون اختطافهنّ من أجل المساومة عليهنّ بالمال؛ كانت لونا فتاة ذكية ونبيهة فقالت لصديقاتها: هيا بنا ننبطح ونختبئ بين الأعشاب كي لا يرانا هؤلاء اللصوص، ولكن واحدة من صديقاتها قالت: لا يمكن لنا أن نختبئ سيمسكون بنا، وعندما سمعت باقي صديقاتها ذلك وشعرن بالخوف لاقتراب اللصوص منهنّ، أسرعوا بالفرار.
لحق اللصوص بالفتيات واستطاعوا أن يمسكوا بهن؛ لأنّهم كانوا يركضون بسرعة كبيرة، فأمسكوا بالفتيات كلهنّ ما عدا لونا التي كانت قد اختبأت بين البرسيم، وبسبب رداءها الأخضر تاه عنها اللصوص ولم ينتبهوا لوجودها، أسرعت لونا بعد ذلك لتخبر أهل القرية باختطاف بناتهن من قبل اللصوص.
عندما سمع أهل القرية بذلك، خرجوا مسرعين من أجل اللحاق بهؤلاء اللصوص، طلبوا من لونا أن تدلّهم على الطريق؛ فدلّتهم على الطريق الصحيح، وبفضل مساعدتها وسرعتها استطاع أهل القرية الإمساك باللصوص، وتخليص بناتهنّ من قبضتهم وشرّهم، وأمسكوا باللصوص الأشرار؛ كي ينالوا عقابهم الوخيم على فعلتهم هذه.
عندما عادت لونا لأمّها وأخبرتها بما حدث معها؛ فرحت بها كثيراً وقالت لها: هل رأيتِ يا ابنتي؛ فلولا أنّكِ كنتي ترتدين ذلك الرداء الأخضر، لما استطعتِ الاختباء بين الأعشاب وتاه عنكِ اللصوص، أما باقي الفتيات فكان من السهل الإمساك بهنِ لارتدائهنّ ألوان مختلفة، في اليوم التالي علم عمدة القرية بما حدث؛ فأمر بإحضار اللصوص وتم سجنهم عقاباً لهم على فعلتهم.
فرح العمدة وأهل القرية كلّها بصنيع لونا ذات الرداء الأخضر، إذ أنّها أبدت بذلك التصرّف ذكائها وحسن تدبيرها؛ لذلك قرّر عمدة القرية أن يقدّم لها مكافأة تعبيراً عن شكره لها، لأنّها حمت صديقاتها والقرية من شرّ هؤلاء اللصوص الأشرار، كانت المكافأة عبارة عن صندوق مغلق، وعندما عادت به لونا إلى المنزل وقامت بفتحه وجدت به أنواع مختلفة من الثياب الملوّنة والقطع المصنوعة من الحرير، فرحت لونا كثيراً بتلك الهدية، وفرحت أمّها كذلك، وكان من أكثر ما جعل لونا تفرح هو الثوب الذي لونه أخضر، والذي يشبه ثوبها الذي ساعدها بحماية نفسها وأهل القرية.