قصة ساجدة والغول

اقرأ في هذا المقال


يحب الأطفال سماع القصص الجميلة قبل النوم، سنحكي اليوم عن قصة ساجدة السمحة مع الغول الذي خطفها ليتزوجها، وكان ذلك بسبب مكر صديقاتها وغيرتهن بسبب حسنها وجمالها، ولكن جاء أخوها وساعدها بالتخلّص من هذا الغول وقام بقتله، وتزوّجت ساجدة من شاب صالح وصارت تروي حكاياتها للجميع.

قصة ساجدة والغول

في إحدى البلدان تسكن فتاة جميلة الشكل والمظهر واسمها ساجدة، كانت ساجدة من شدّة جمالها تلقّب بالفتاة السمحة، وتلك الكلمة تعني الفتاة فائقة الجمال، لم تكن ساجدة تمتلك جمال المظهر والشكل فقط، بل كان لديها جمال داخلي وروح جميلة وأخلاق رفيعة؛  حيث كانت ساجدة فتاة طيبة القلب وكريمة وودودة ويحبّها الجميع.

كانت في ذلك الوقت تعتبر من أجمل فتيات جيلها؛ ولهذا السبب كان هنالك الكثير من الشبّان الذين يتقدّمون لخطبتها واحداً تلو الآخر، حتّى أن الأمراء كانوا يتقدّمون لخطبتها، ولكن أهل ساجدة كانوا دائماً يعتذرون من هؤلاء الشبّان عن الموافقة؛ وذلك لأنّ ساجدة لا زالت صغيرة السن وليست مهيأة للزواج بعد، كان هنالك شيء غريب في الغابة المجاورة للقرية التي تسكنها ساجدة.

كانت تلك الغابة ممتلئة بالأشجار ولا يسكنها أي أحد أو حيوان، يسكنها فقط الغول الذي كان يظهر سنة وينام لمدّة سنة، وكان من عادة هذا الغول عندما ينام أن يضع شعر زوجته تحت رأسه، وكان من الحيوانات التي تعيش كثيراً؛ فكان يتزوّج كل عشرين سنة واحدة من أجمل الفتيات التي يقابلها، وعندما يمرّ عشرون سنة من الزواج يتزوّج مرّةً أخرى وهكذا.

وكانت الفتيات يشعرن بالخوف من هذا الغول؛ حيث كان عندما ينوي الزواج بفتاة يأتي ليلاً إلى تلك القرية ويقوم بخطف الفتاة التي يريد الزواج بها، وعندما حان موعد السنة التي ينوي بها الغول الزواج، كان أهل القرية على علم بهذا الأمر، فصارت العائلات تمنع بناتها من الخروج لأي سبب كان.

وكان أهل ساجدة من أكثر العائلات خوفاً على ابنتهم خاصّةً جدّتها؛ فكانت دائماً توبخّها من عدم الخروج واللعب مع الفتيات حتّى بالحقول، وعزم أهل ساجدة أن يقوموا بحمايتها بكل ما يستطيعون، حتّى لو اضطّرهم الأمر لاستخدام السلاح لمواجهة هذا الغول الماكر.

من سوء حظ ساجدة أنّ الفتيات يشعرن تجاهها بغيرة شديدة، بل إنّ البعض منهنّ تشعر بالحقد والكراهية؛ والسبب في ذلك بأنّ الفتيات يعلمن بأنّ ساجدة هي الفتاة الأكثر جمالاً، وأنّ الشبان لا يفوتّون أيّ فرصة في محاولة الحوز على حبّها، فحاولت لهذا السبب فتيات القرية أن يقمن بعمل مكيدة لها.

اجتمعت فتيات القرية وقالت واحدة منهنّ: يجب علينا أن نتخلّص من تلك الفتاة، فجميع الشبّان لا يفكّرون إلّا بالزواج منها، وطالما ستكون بخير لن يفكّر أحد بالزواج من أي واحدة منّا، في اليوم التالي ذهبت الفتيات إلى منزل ساجدة وطلبن منها أن تأتي للعب معهنّ، كانت ساجدة تشعر بالفرح وتريد الخروج واللعب مع صديقاتها، ولكن جدّتها مانعت خروجها من البيت بشدّة.

فهي تعلم بأنّ الغول يبحث عن فتاة جميلة ليخطفها ويتزوّجها، ولكنّ الفتيات كنّ مصممّات على خروج ساجدة معهنّ، وظلّت ساجدة تتوسّل لجدّتها بأن تسمح لها بالخروج واللعب مع صديقاتها، فهي لم تخرج منذ فترة طويلة، في نهاية الأمر قالت الجدّة لصديقات ساجدة: سأوافق على الأمر، ولكن لدي شرط واحد وهو أنّني سأقوم بنثر كيس كبير من الحبوب في الحديقة، وعندما تقمن بلمّه كلّه على الأرض سأجعل ساجدة تخرج معكنّ.

لم يكن من أمر الفتيات إلّا الموافقة على هذا الشرط، وقمن بلم الحبوب وسمحت الجدّة لها بالخروج أخيراً، كانت بداية الحيلة بأن طلبن من ساجدة أن تقوم بالصعود فوق أحد أشجار النخيل لقطف البلح، وعندما كانت ساجدة ترمي لهنّ البلح وضعن البلح الناضج في حقيبتهّن، أمّا البلح غير الناضج فيضعنه في حقيبة ساجدة.

وعندما نزلت ساجدة للأسفل قلن لها: سنلعب الآن لعبة العقد والبئر؛ حيث كانت كل فتاة ترمي عقدها في البئر ثم تحاول إخراجه، وعندما حان دور ساجدة ورمت عقدها نزلت وصارت الفتيات يسخرن منها، فقد كن يرمين الحجارة بدلاً من ذلك، وعندما طلبت منهنّ المساعدة تركنها لوحدها، فجأةً بينما كانت ساجدة في أسفل البئر تبكي إذ ظهر أمامها الغول قبيح الوجه وقال لها: لا تبكي يا ساجدة، فأنا سأشرب ماء البئر وأعطيكِ العقد.

وعندما أخرجها الغول من البئر أخذها لقصره في الغابة المظلمة، وكان أهل ساجدة يبحثون عنها في كل مكان، علم حكيم القرية بأنّ الغول قد قام بخطفها ليتزوّجها، فقال لأهلها: يجب أن يذهب أحدكم برفقة ثور أبيض إلى الغابة، وعند وصوله إلى هنالك يذبح الثور وينثر دمه حول القصر، وأن يقوم بقص شعر ساجدة ووضعه باب القصر وأخذها والرجوع بها قبل استيقاظ الغول.

وبالفعل ذهب الأخ الأكبر وفعل ما أمره الحكيم أن يفعله، ولكنّه نسي أن ينثر دم الثور بعد ذبحه، ممّا جعل الغول يستيقظ من نومه ويقوم بلحاقه، ولكن شجاعة الأخ الأكبر جعلته يمسك سيفه ويحاول قطع رأس الغول، ظلّ الأخ كلمّا يقطع رأس الغول يظهر له رأس آخر، حتّى استطاع بنهاية الأمر أن يخلّص عليه.

عادت ساجدة إلى قريتها وعاشت بأمان، وتزوّجت من شاب صالح، وصارت أمّاً وجدّة وتروي لأحفادها قصتها الشهيرة مع الغول.


شارك المقالة: