قصة عازف المزمار

اقرأ في هذا المقال


قصة عازف المزمار أو (The Piper) من الحكايات الخيالية والفولكلور المحبوبين في فرنسا، التي قدمت الشخصيات العالمية التي ما زلنا نحبها حتى اليوم مثل الجميلة النائمة، وهي للمؤلف تشارلز بيرولت كاتب الحكايات الخيالية والفولكلور والذي جمع كل حكاياته تقريبًا من رواة القصص الشعبية، كان يستخدم الحكايات كقصص أخلاقية للصغار والكبار.

الشخصيات:

  • الكوريجان.
  • النساء.
  • لاو بايبر.

قصة عازف المزمار:

هب نسيم البحر من شاطئ بلاك ووتر، وكانت النجوم تزداد سطوعًا عند النظر إليها وذهبت الفتيات الصغيرات إلى بيوتهن إلى المزارع الصغيرة يحملن على أصابعهن الخواتم المعدنية التي اشتراها لهنّ أصدقاؤهن في المعرض، مرّ الشباب بالعازفين في طريقهم وهم يغنون أغانيهم وأخيراً لم يعد من الممكن سماع أصواتهم الرنانة، ولم يعد من الممكن رؤية فساتين الفتيات الخفيفة حيث حلّ الليل بظلامه الحالك.

ومع ذلك كان هناك شاب يدعى لاو ينظر حوله إلى الشباب المرحين عند مدخل هيلث وحيداً، كان لاو بايبر الشهير قد جاء من الجبال لقيادة الرقص في حفل أرمور وبدا وجهه كقمر مارس، وكان شعره الأسود يطير مع الريح، وأمسك تحت ذراعه المزمار الذي حركت أصواته عددًا من النساء المسنات في قبابهن، وقد جاءت هؤلاء النساء المسنات برفقته للحفل.

وعندما وصلوا إلى مفترق طرق حيث كان هناك يرتفع عمود عليه صليب من الجرانيت ممتلئ بالطحالب، توقفت النساء وقلن: دعونا نسلك الطريق المؤدي إلى البحر، ولكن نظر لاو وأشار إلى برج الجرس الذي ظهر أمامه في مدينة بلوجان فوق التل وقال: هذه هي النقطة التي سنذهب إليها فلماذا لا نتجول حتّى نصلها؟ أجابت النساء: لأنّ مدينة كوريجان ترتفع في وسط تلك النقطة.

ويجب أن يكون المرء طاهرًا من الخطيئة حتّى يمر منها دون خطر، قال لاو: مدينة كوريجان؟ فقالت إحدى النساء: كوريجان جنس من الأقزام السوداء تعيش في العراء بالقرب من المروج وحقولالقمح، و لكن لاو ضحك بصوت عالٍ وقال: يا للسماء لقد سافرت ليلاً في كل هذه الطرق، لكنّني لم أر قط رجالك السود الصغار يعدون أموالهم بضوء القمر كما يخبروننا بقصصهم عندما كنّا صغاراً.

بعد أن كانوا يجلسوننا عند زاوية المدخنة، أروني الطريق المؤدي إلى مدينة كوريجان وسأذهب وأغني لهم أيام الأسبوع، لكن جميع النساء صحن: لا تفعل هذا يا لاو، لأنّ بعض الأشياء في هذا العالم من الأفضل أن نجهلها، وأشياء أخرى يجب أن نخافها لذلك اترك الكوريجان وشأنهم يرقصون حول مساكنهم المصنوعة من الجرانيت، لديهم صفير الريح عبر المرتفعات لترقص عليها وغناء الطائر الليلي، قال لاو متسلق الجبال: حسنًا إذاً، أود أن يستمعوا إلى موسيقاي.

وسأعبر الحقل الذي يسكنونه وأريهم أفضل ما لدي وأرى أجواء كورنويل بنفسي، ثمّ وضع  مزماره على شفتيه وقام بعزف أنغامه المرحة، وانطلق بجرأة على الطريق الصغير الذي امتد مثل خط أبيض عبر الطريق القاتم فأسرعت النساء خائفات من أسفل التل، لكنّ لاو سار مباشرة وعزف على مزماره وكلما تقدم أصبح قلبه أكثر جرأة وأنفاسه أقوى، وكانت الموسيقى تعلو.

لقد عبر بالفعل نصف الحقل فقط عندما رأى حجر كبير كان قائمًا ويرتفع مثل الشبح في الليل وبعد ذلك رأى مساكن الكوريجان، ثمّ بدا وكأنّه يسمع همهمة متصاعدة، في البداية كان الأمر أشبه بصوت ماء جدول ثمّ مثل اندفاع النهر، ثمّ هدير البحر واختلطت أصوات مختلفة في هذا الزئير أحيانًا مثل الضحك الخانق، ثمّ الهسهسة الغاضبة، وغمغمة الأصوات المنخفضة واندفاع الأقدام على العشب الذابل.

بدأ لاو يتنفس بحرية أقل، والتفتت عيناه يمينًا ويسارًا فوق الحقل، كان الأمر كما لو كانت الأرض تتحرك وبدا كل شيء على قيد الحياة ويدور في الظلام حيث اتخذ الجميع شكل الأقزام البشعة، وكانت الأصوات مسموعة بوضوح وفجأة ارتفع القمر، وبكى لاو بصوت عالٍ وهو يدور إلى اليسار، إلى اليمين والخلف، والأمام وفي كل مكان بقدر ما يمكن للعين أن تصل إليه، كان كل شيء في المكان على قيد الحياة مع الكوريجان الذين يركضون.

وفي حيرة من أمره تراجع لاو إلى الحجر واندفع تجاهه، لكن الكوريجان عندما رأوه يفعل ذلك توجهوا إليه بصرخات مثل صرخات الجراد وقالوا: إنّه ممر كورنويل الذي جاء به إلى هنا ليلعب مع الكوريجان، ثمّ أحاط به الرجال الصغار وصرخوا: أنت ملك لنا لاو وعليك قيادة رقصة الكوريجان، قاوم لاو عبثاً وفجأة سيطرت عليه بعض القوة السحرية وشعر أنّ المزمار يقترب من شفتيه.

وكان يعزف ويرقص ولا يستطيع أن يمسك نفسه، أحاط به أقزام الكوريجان بحركات دائرية، وفي كل مرة كان سيتوقف فيها كانوا يصرخون له شدة: المزمار لاو بايبر، المزمار عليك قيادة رقصة الكوريجان، واستمر لاو هكذا طوال الليل، ولكن عندما أصبحت النجوم أكثر شحوبًا في السماء خفتت موسيقى مزماره، وواجهت قدميه صعوبة أكبر في التحرك من الأرض وأخيرًا جاء فجر اليوم بشكل شاحب في الشرق.

وسمع صوت الديوك وهي تصرخ في المزارع البعيدة، واختفى الكوريجان وسقطت قطعة المزمار من شفتيه المنكمشتين، وسقطت ذراعيه على ركبتيه ورأسه على صدره،  ولم يعد يستطيع أن يرتفع وتمتمت الأصوات في الهواء: إنّه النوم يا لاو بايبر! لقد قدت رقصة الكوريجان، لذلك لن تقود الرقص أبدًا لأي شخص بعد الآن.


شارك المقالة: