قصة عازف المزمار والعفريت

اقرأ في هذا المقال


يعمل بعض الأشخاص في مهنهم ولكن من دون إتقان، وأحياناً تحدث معهم بعض الأمور تلهمهم الطريق الصحيح للنجاح، وهذا ما حدث مع العازف الذي سنحكي قصّته في هذا المقال؛ حيث كان لا يعرف العزف أبداً، ولكن جاءه إلهام كبير في مرّة على شكل عفريت جعله يجرّب عزف ألحاناً جديدة، حتّى أصبح في النهاية عازف محترف.

قصة عازف المزمار والعفريت

كان هنالك في مدينة ما عازف مزمار شهير، وعلى الرغم بأن هذا العازف لا يعرف بالعزف كثيراً إلّا انّه يتقاضى أجر جيّد؛ فهو يعرف لحن أغنية واحدة فقط واسمها (أغنية المحتال الأسود)، لكنه كان يُعتبر عازفاً مسليّاً للآخرين.

في مرّة من المرّات كان هذا العازف في طريق عودته من إحدى الحفلات وفجأةً اقترب من أحد الجسور القريبة من منزل أمّه، وبدأ يعزف أغنيته الشهيرة وهو سعيد، ولكن فجأة شعر هذا العازف بأن هنالك أحد وراءه، عندما التفت خلفه رأى عفريت كبير له قرون، أمسك به وأراد رميه في مياه البحر وصاح به: اصمت أيها العازف.

قال له العازف: اتركني أيّها الوحش المقرف أنا أريد أن أعود لمنزلي الآن، ولا أملك سوى عشر قروش وأريد أن أشتري لأمي شيئاً، قال له العفريت: إذا كنت تريد أن أتركك عليك أن تعزف لي لحن أغنية أحبّها، قال له: وما هي؟ قال له: أريد لحن أغنية فان توتش، ولكن عليك أن تتمسّك بي جيّداً لأنّك إن وقعت ستنكسر رقبتك ومزمارك، قال له العازف: ولكن أنا لا أعرف أن أعزف إلّا أغنية واحدة، قال له العفريت: لا عليك أنت ابدأ عزفك وأنا سأساعدك كيف تعزفها.

تفاجأ العازف بكلام العفريت، ولكن لم يكن من أمره إلّا أن يوافق على كلامه؛ فبدأ بالنفخ على المزمار وكان بجانبه العفريت فنفخ عليه نفخة، وتفاجأ العازف بأن مزماره يصدر ألحاناً مميّزة وساحرة، نظر العازف إلى العفريت وشكره وقال: حقّاً أيّها العفريت فأنت عازف مميّز ومحترف، لماذا لم تخبرني بأنّك تعرف عزف هذه الموسيقى الرائعة، وفجأةً مشى العفريت وأخذ العازف معه.

اندهش العازف من العفريت وقال له: إلى أين تريد أن تأخذني؟ قال له العفريت: هنالك حفلة ووليمة في بيت الجنية النائحة، تعال معي واعزف وأنا أعدك أنّك ستنال أجراً سينال إعجابك، فرح العازف كثيراً وقال للعفريت: لقد أرحتني من حفلة كنت لا أريد الذهاب إليها، فقد أجبرني الأب ويليام الذهاب إلى مدرج كروف والعزف كعقاب لي لأنّي قمت بسرقة إوزة بيضاء.

سار العفريت مع العازف ومرّ بأماكن موحشة وجبال ومستنقعات، حتّى وصل إلى المكان المطلوب، وعندما وصلا قام العفريت بخبط قدمه على الأرض ثلاث مرّات حتى تم فتح الباب، كان المكان جميلاً جدّاً وأنيقاً، وكان هنالك طاولة من ذهب توجد في وسط المكان، ويجلس على هذه الطاولة مجموعة من النسوة العجائز.

عندما رأوا العفريت والعازف قاموا جميعاً، وكان عددهم كبير جدّاً، ورحبّوا به وقالوا له: أهلا يا عفريت نوفمبر ولكن من هذا الشخص الذي أحضرته معك؟ رد العفريت: هذا من أفضل العازفين، فجأةً خبطت إحدى العجائز بقدمها فانفتح باب جانبي، وخرجت منه الإوزة البيضاء التي سرقها العازف؛ فشعر بالخوف وقال: لقد أكلتها أنا وأمي ولم نبقِ منها أي شيء! وسارت الإوزّة وقامت بتنظيف الطاولة من بقايا الطعام.

طلب العفريت من العازف أن يبدأ بالعزف، وعندما أكمل وكان الجميع قد رقص وفرح، قامت كل واحدة من النسوة بإعطائه قطعة نقدية من ذهب، فرح العازف وقال: يا إلهي سأصبح غنيّاً، أعاد العفريت العازف إلى منزله، وركب ظهره وفجأةً ظهرت الإوزة البيضاء مرّة أخرى وأعطت للعازف مجموعة من المزامير.

عندما وصل العازف إلى الجسر الذي كان يقف عنده قال له العفريت: لقد أصبحت الآن تمتلك شيئين وهما؛ الإحساس والموسيقى، ذهب العازف لمنزل أمّه وقال لها: لقد أصبحت غنياً وأعزف الألحان الجميلة، قالت له: هل أنت سكران؟ قال لها: كلّا لم أشرب نقطة واحدة من الخمر، وبدأ يعزف على مزماره ولكن صدر منه صوت مزعج وصل للجيران.

سخر منه الجميع ولكن قال لهم: أنا سأعزف على مزماري القديم وليس الحديث، وعندما عزف على مزماره القديم صدر منه صوت موسيقى جميل، ولكن أمّه لم تصدّق روايته مع العفريت، وذهبت لتبحث عن القطع الذهبية، ولم تجد شيئاً بل وجدت أوراق النباتات.

لم يصدّق أحد كلام هذا العازف، ولا حتى القسيس الذي ذهب إليه وحاول أن يقنعه، ولكن منذ تلك الحادثة والعازف أصبح يعزف أجمل الألحان، وكأن ما حدث معه ليس حقيقة بل إلهام من الله لأن يصبح عازفاً مشهوراً، وبعد مدّة من الزمن أصبح هذا العازف من أفضل العازفين في منطقته.


شارك المقالة: