نروي لكم اليوم كيفية استخدام بعض الشعراء للحمامة كرمز للتعبير عن مشاعرهم الدينية، ومشاعرهم في الحب الطاهر.
من هو أبو إسحاق الإلبيري؟
هو أبو إسحاق إبراهيم بن مسعود بن سعد التجيبي، وهو شاعر من شعراء الأندلس، عاش في مدينة غرناطة.
قصة قصيدة أحمامة البيدا أطلت بكاك
أما عن مناسبة قصيدة “أحمامة البيدا أطلت بكاك” فيروى بأن هنالك بعض الشعراء قد اتخذوا الاتجاه الديني من الحمام لكي يتمكنوا من التعبير عن عواطفهم الدينية، كما صوروا من خلالها مشاعرهم في الحب الطاهر، والمناجاة العذبة، ومنهم الشاعر أبو إسحاق الإلبيري الذي ربط وقارن بين بكاء الحمامة وشدوها، مع بكاء التائب إلى الله تعالى من ذنوبه ومعاصيه، فأنشد قائلًا:
أَحَمَـامَـةَ البَيْـدا أَطَلتِ بُكـاكِ
فَبِحُسْنِ صَوْتُـكِ مَـا الَّـذي أَبْكَـاكِ
يخاطب الشاعر حمامة ويقول بها بأنها قد أطالت بكائها، ويسألها بصوتها الشجي ما الذي قد ابكاها.
إِنْ كَـانَ حَقَّـاً مَـا ظَنَنْتُ فَـإِنَّ بِـي
فَـوْقَ الَّـذي بِـكِ مِـنْ شَديـدِ جَـوَاكِ
إِنِِّـي أَظُنُّـكِ قَـد دُهِيتِ بِفُـرقَـةٍ
مِـنْ مُؤْنِـسٍ لَـكِ فَـارتَمَضْتِ لِـذَاكِ
لَكِـنَّ مَـا أَشْكُـوهُ مِـنْ فَـرطِ الجَـوَىٰ
بِخِـلافِ مَـا تَجِديـنَ مِـنْ شَكْـواكِ
أَنَـا إِنَّمَـا أَبْكِـي الذُّنُـوبَ وَأَسْرِهَـا
وَمُنَـايَ في الشَّكْوَىٰ مَنَـالُ فَكَـاكِي
وَإِذا بَكَيْـتُ سَأَلْـتُ رَبِِّـي رَحمَـةً
وَتَجَـاوُزَاً ، فَبُكَـايَ غَيْـرُ بُكَـاكِ
ومنهم أيضًا الشاعر محيي الدين بن عربي، الذي اتبع أساليب شعراء الغزل العذري من خلال الحمام، فأكثر من الشكوى والبكاء، وأفاض في تعبيره عن الحب، ووصف ما يعانبه من الشوق والحنين، فأنشد بأعذب الأبيات قائلًا:
نَـاحَـتْ مُطَـوَّقَـةٌ فَحُـنَّ حَزِيـنُ
وَشَجَـاهُ تَرجِيعٌ لَـهَـا وَحَنِيـنُ
جَـرَتِ الدُّمُوعُ مِـنَ العُيُـونِ تَفَجُّعَـاً
لِحَنِينِهَـا فَكَـأَنَّهُـنَّ عُيُـونُ
طَارَحتُهَـا ثُكْـلاً بِفَقْـدِ وَحِيدِهَـا
وَالثُّكْلُ مِـنْ فَقْـدِ الوَحِيـدِ يَكُـونُ
طَارَحتُهَـا وَالشَّجْـوُ يَمْشِي بَيْنَنَـا
مَـا إِنْ تَبِيـنُ .. وَإِنَّنِـي لَأَبِيـنُ
بِـيَ لَاعِـجٌ مِـنْ حُبِِّ رَمْلَـةِ عَـالِـجٍ
حَيْثُ الخِيَـامُ بِهَـا وَحَيْثُ العيـنُ
مِـنْ كُـلِِّ فَـاتِكَـةِ اللِِّحَـاظِ مَرِيضَةٍ
أَجفَـانُهَـا لِظُبَـىٰ اللِِّحَـاظِ جُفُـونُ
مَـا زِلْـتُ أَجـرَعُ دَمعَتِي مِـنْ غُـلَّتِـي
أُخْفِـي الهَـوَىٰ عَـنْ عَـاذِلي وَأَصُونُ
حَتَّىٰ إِذا صَاحَ الغُـرَابُ بِبَيْنِهِـمْ
فَضَحَ الفِـراقُ صَبَابَـةَ المَحزونِ
وَصَلُوا السُّرىٰ قَطَعوا البُرىٰ فَلِعِيسِهِمْ
تَحـتَ المَحَامِلِ رَنَّـةٌ وَأَنِيـنُ
عايَنْتُ أَسْبَابَ المَنِيَّـةِ عِندَمَـا
أَرخَـوْا أَزِمَّتَهَـا وَشُـدَّ وَضِيـنُ
إِنَّ الفِـرَاقَ مَـعَ الغَـرَامِ لَقَاتِلِـي
صَعبُ الغَـرَامِ مَـعَ اللِِّقَـاءِ .. يَهُـونُ
مَـا لِـي عَـذُولٌ في هَوَاهَـا إِنَّهَـا
مَعشُوقَـةٌ حَسْنَـاءُ حَيْثُ تَكُـونُ
الخلاصة من قصة القصيدة: اتخذ العديد من الشعراء الحمامة كوسيلة للتعبير عن مشاعرهم الدينية، كما واستخدمها شعراء للتعبير عن مشاعرهم في الحب الطاهر.