نروي لكم اليوم خبر أول من قال أما بعد في كلامه.
قصة قصيدة اسم الذي أنزلت من عنده السور
أما عن مناسبة قصيدة “اسم الذي أنزلت من عنده السور” للسابق البربري فيروى بأن أول من قال أما بعد هو قس بن ساعدة، وكان ذلك حينما نصح ابنه، فابتدأ بحمد الله ومن ثم قال أما بعد، ومن ثم قال: فإن البطن تكفيه البقلة وترويه المقلة، ومن انتقدك بشيء فإن فيه مثله، ومن ظلمك فسوف يجد من يظلمه، وإن عدلت على نفسك عدل عليك من فوقك، وإن نهيت أحدهم عن فعل شيء فعليك أن تبدأ بنفسك، يا بني لا تجمع ما لا تأكل، ولا تأكل ما لا تحتاج إليه، كن عفيفًا، ولا تجعل كنزك سوى فعلك، فتسد قومك، ولا تشاور من كان مشغولًا حتى وإن كان حازمًا، ولا جائعًا وإن كان فهمًا، ولا خائفًا وإن كان لك ناصحًا، ولا تستودعن سر لأحد.
وقد استخدمها العرب لفصل الخطاب، حيث تفصل بين الحمد الله وغيرها مما يبتدأ به الخطاب، وبين كل ما يأتي بعده، وفي خبر ذلك أنشد الشاعر السابق البربري قائلًا:
بِاسـمِ الذِي أُنزِلَتْ مِنْ عِندِهِ السُّوَرُ
والحَــمدُ للَّهِ أمَّا بَعدُ يا عُـمَرُ
يقول الشاعر في هذا البيت باسم الله الذي انزلت من عنده سور القرآن الكريم، وأن بعد الحمد لله أما بعد.
إن كنتَ تَعــلَمُ ما تأتي وما تَـذَر
فَكُن على حَــذر قد يَنفَعُ الحَذَرُ
واسـتَخبِرِ الناسَ عمّا أنت جَـاهِلُه
إذا عَمِيتَ فقد يَجلو العَمَى الخَبَرُ
وقال آخر:
سأرعى منك ما ضيعت مني
وهل يرعى لذي غدر زمام
وأما بعد فالدنيا علينا
مكدرة لفقدك والسلام
والمراد أنها لا تقع أبدًا في بداية الكلام، ويجوز أن تأتي بعد بسم الله الرحمن الرحيم، وإن وضعت فلا بد من مجيء الفاء بعدها، لأن الفاء تصل بعض الكلام ببعضه وصلًا لا انفصال بينه، ولا مهلة فيه.