قصة قصيدة بني المظفر والأيام ما برحت
أما عن مناسبة قصيدة “بني المظفر والأيام ما برحت” فيروى بأن المنصور عبد الله بن الأفطس كان حاكمًا على مدينة باجة، ولكن باجة ثارت على حكمه، وقد قام حاكم إشبيلية أبو القاسم بن عباد باستغلال تلك الثورة، وبعث بجيش على رأسه ابنه إسماعيل، وكان مع هذا الجيش قوات من مدينة قرمونة التي كانت تحت إمرة محمد بن عبد الله البرزالي، وهو حليف أبو القاسم، وقام الجيش بمهاجمة ابن الأفطس وجيوشه في باجة، وتمكنوا من الانتصار عليه، وألحقوا به هزيمة ساحقة، وفي ذلك اليوم تمكنت قوات أبي القاسم من أسر المظفر أبو بكر محمد بن عبد الله بن الأفطس، وبقي أسيرًا حتى عام أربعمائة وواحد وعشرون للهجرة، حيث قاموا بإطلاق سراحه.
وبعد ذلك بعدة سنوات، تمكن المظفر بن الأفطس من قيادة جيش بهدف الإطاحة بالثورة التي قادها كل من عبد الملك بن سابور الفارسي، وأخوه عبد العزيز، في مدينة لشبونة، وبسبب ذلك تمكن من استرداد المدينة التي كانت من قبل تحت حكم أبيه، وعاد حكمها إلى أبيه، وعندما توفي والده، أصبح هو الحاكم لهذه المدينة في عام أربعمائة وسبعة وثلاثون للهجرة، واستمرت تلك المدينة تحت حكمه هو وذريته لسنوات عديدة، وقد رثى ابن عبدون ملوك بني الأفطس في قصيدة، قال فيها:
بني المظفر والأيام ما برحت
مراحلاً والورى منها على سفر
سحقاً ليومكم يوماً ولا حملت
بمثله ليلةٌ في مقبل العمر
من للأسرة أو من للأعنة أو
من للأسنة يهديها إلى الثغر
من للبراعة أو من لليراعة أو
من للسماة أو للنف والضرر
أو رفع كارثةٍ أو دفع آزفةٍ
أو قمع حادثةٍ تعيا على القدر
من للظبى وعوالي الخط قد عقدت
أطراف ألسنها بالعي والحصر
وطوقت بالثنايا السود بيضهم
أعجب بذاك وما منها سوى ذكر
ويح السماح وويح الجود لو سلما
وحسرة الدين والدنيا على عمر
سقت ثرى الفضل والعباس هاميةٌ
تعزى إليهم سماحاً لا إلى مطر
ثلاثةٌ ما ارتقى النسران حيث رقوا
وكل ما طار من نسرٍ ولم يطر
نبذة عن ابن عبدون
هو أبو محمد هو عبد المجيد بن عبدون اليابري، شاعر من شعراء الأندلس، وقد كان نحوي وأديب.