قصة قصيدة شهدت عليك بطيب الكلام

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة شهدت عليك بطيب الكلام

أمّا عن مناسبة قصيدة “شهدت عليك بطيب الكلام” فيروى بأن عبد الله بن العباس خرج في يوم من الأيام من الشام وتوجه صوب الحجاز، وبينما هو في الطريق مر على منزل، وطرق على بابه، فخرج له أحد الغلمان الذين يعيشون به، فسأله إن كانوا يملكون طعامًا، ولكنهم لم يجدوا شيئًا يعطونه له، فقال لرجل من رجاله أن يخرج إلى البرية ويبحث عن أحد يجد عنده لبنًا أو طعامًا، فخرج ومعه الغلمان، وأخذوا يبحثون، حتى وجدوا عجوزًا، فسألوها إن كانت تملك طعامًا تبيعه لهم، فقالت لهم: أما طعام البيع فلا يوجد عندي، ولكن عندي ما يكفيني أنا وعيالي، فسألوها عن مكان أولادها، فأخبرتهم بأنهم خرجوا للرعي، وبأن وقت عودتهم قد اقترب، فسألوها عما أعدت من طعام لها ولهم، فأخبرتهم بأنها أعدت خبزًا مبتل بالماء، فطلبوا منها نصف الخبز، فقالت لهم: أما النصف فلن أعطيكم إياه، ولكن الكل فهو لكم، فقالوا لها: هل تمنعين عنا النصف، وتعطينا الكل؟، فقالت: إن أعطيتكم النصف فإن فعلي ناقص، وبإعطائكم كل الخبز فبذلك يكون الكمال والفضيلة.

فأخذ القوم الخبز، وتوجهوا عائدين إلى عبد الله بن العباس، وعندما وصلوا أخبروه بخبر العجوز، فتعجب من أمرها، وأمرهم أن يخرجوا إليها، ويحضروها إليه، فخرجوا إليها، وأخبروها بأن صاحبهم يريدها، فقالت لهم: ومن هو صاحبكم؟، فقالوا لها: عبد الله بن العباس، فقالت لهم: إنه من الشرفاء، فماذا يريد مني؟، فقالوا لها: يريد أن يجزيك عن فعلتك، فقالت: لو كنت فعلت معروفًا فما أخذت مكافأة عنه، فكيف وهو يجب علي أن أشاطر ما عندي مع خلق الله، وبعد أن أصروا عليها أن تذهب معهم، وافقت، وخرجت معهم، وعندما دخلت على ابن العباس سألها عن نسبها، فانتسبت لبني كلب، فسألها: إن أتاك أبنائك وهم جائعون ماذا كنت ستفعلين؟، فقالت: لقد عظمت هذه الخبزة حتى أشغلت بالك، فانس أمرها، فإنه يفسد النفس.

فطلب ابن العباس إحضار أبنائها، فأحضروهم، فقال لهم ابن العباس: لم أحضركم لمكروه، ولكني أريد أن أصلح من حالكم، فقالوا له: وكيف تلح من حالنا، ونحن لم نسألك، ولا نستحق المكافأة؟ فقال لهم: لا، ولكني جاورتكم اليوم وأريد أن أضع شيئًا من مالي عندكم، فقالوا له: نحن في يسر من العيش، فاعط مالك لمن يستحقه، ولكنه اصر على أن يعطيهم، وأمر لهم بعشرة آلاف درهم، وعشرين ناقة، فقالت لهم أمهم: فليقل كل منكم شيئًا، وأنا سوف اتبعكم، فقال الأكبر:

شهدت عليك بطيب الكلام
وطيب الفعال وطيب الخبر

وقال الأوسط:

تبرعت بالجود قبل السؤال
فعال عظيم كريم الخطر

وقال الأصغر:

وحق لمن كان ذا فعله
بأن يسترق رقاب البشر

وقالت العجوز:

فعمرك الله من ماجد
ووقيت كل الردى والحذر

حالة الشاعر

كانت حالة الشاعر عندما أنشد هذه القصيدة مدح عبد الله بن العباس، والشهادة له بأنه طيب السمعة والفعل والكلام.


شارك المقالة: