اشتهر الحجاج بن يوسف الثقفي بسطوته، وقل رحمته، وعلى ما يبدو فهو كان كذلك منذ شبابه قبل أن يصبح واليًا، وهذا ما ترويه قصتنا لهذا اليوم التي تدور حول بدايته في الشرطة.
من هو مالك بن الريب؟
مالك بن الريب بن حوط التميمي، شاعر من شعراء العصر الأموي، اشتهر بشجاعته وفتكه.
قصة قصيدة فلولا بنو مروان كان ابن يوسف
أما عن مناسبة قصيدة “فلولا بنو مروان كان ابن يوسف” فيروى بأن الحجاج اسمه كليب، وعندما كان ما يزال في الطائف كان يعلم الغلمان، وقد كان والده يوسف معلمًا من قبله، وفي خبر ذلك أنشد مالك بن الريب قائلًا:
فَلَولا بَنو مَروانَ كانَ اِبنُ يوسُفٍ
كَما كانَ عَبداً مِن عَبيدِ إِيادِ
يهجو الشاعر في هذا البيت الحجاج ويقول بأنه لولا عبد الملك بن مروان وبنيه الذين رفعوه لكان أجيرًا كما كان في الوقت الذي كان يعلم فيه غلمان الطائف.
زَمان هُوَ العَبدُ المُقِرُّ بِذِلَّةٍ
يُراوِحُ صِبيانَ القرى وَيُغادي
ومن بعد ذلك قام الحجاج بن يوسف باللحاق بروح بن زنباع، وكان روح وزير الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، فوضعه روح في الشرطة، وفي يوم من الأيام اشتكى الخليفة لوزيره ما رأى من أمر شرطته، وكان قد لاحظ بأن الشرطة لا يرحلون برحيله، ولا ينزلون بنزوله، فقال له وزيره روح: يا مولاي هنالك رجل في الشرطة لو أنك سلمته أمرهم لأرحلهم برحيله وأنزلهم بنزوله، فقال له الخليفة: ومن هو ذلك الرجل؟، فقال له روح: اسمه الحجاج بن يوسف الثقفي، فقال له: حسنًا، لقد وليته أمر الشرطة.
وبعد أن تقلد الحجاج بن يوسف أمر الشرطة لم يعد أحد من العسكر يتخلف عن النزول والرحيل، سوى أتباع روح بن زنباغ، وفي يوم غادر كل العسكر ولم يبق سوى أتباع روح، وكانوا جالسون يتناولون الطعام، فأتاهم الحجاج وسألهم عن سبب عدم رحيلهم مع أمير المؤمنين، ولكنهم لم يهتموا له، ودعوه لتناول الطعام معهم، فغضب غضبًا شديدًا، وأمر بهم أن يجلدوا، فجلدوا، وأمر بإحراق خيام روح بن زنباع، فأحرقت.
وعندما وصل خبر ذلك إلى روح دخل إلى مجلس الخليفة وهو يبكي، وقال له: يا أمير المؤمنين، إن الحجاج قد حرق خيمي، وجلد عبيدي، فأمر الخليفة بإحضار الحجاج، وسأله عن خبر ذلك، فقال له: لست أنا من فعلت ذلك، وإنما أنت، فإن يدي يدك، وسوطي سوطك، وما عليك سوى أن تعطيه بدل الخيمة خيمتين، وبدل العبد عبدين، فأمر له الخليفة بذلك، وارتفعت منزلة الحجاج عنده درجه.
الخلاصة: عمل الحجاج في الشرطة، وفي يوم دخل الوزير روح إلى الخليفة، وأخبره بأن الحجاج هو من سوف يضبط الشرطة، فوضعه الخليفة آمرًا عليهم، حتى أحرق في يوم خيم الوزير روح، وضرب عبيده، فاشتكاه روح للخليفة.