قصة قصيدة لا يبعدن قومي الذين هم
أمّا عن مناسبة قصيدة “لا يبعدن قومي الذين هم” فيروى بأنه في يوم من الأيام قام جماعة من بني الحارث بن ثعلبة وكان قائدًا عليهم الأشتر بن جحوان الأسدي بالخروج في غزوة، وبقوا ينتقلون من مكان إلى آخر حتى وصلوا إلى مكان فيه غدير، وكان ماء هذا الغدير من المطر، فجلسوا عنده يستقون منه.
وكان بشر بن عمرو بن مرثد البكري على علم بأنهم وصلوا إلى مكان قريب من دياره، فأخذ يقتفي آثارهم، حتى وجدهم بالقرب من تلك الغدير، فجلس هو ومن معه ينظر ماذا يفعلون، وكانوا وقتها يأكلون التمر، فقال لهم: إن رموا نوى التمر ورائهم فهم من بني أسد، وإن رموه أمامهم فهم من بني تميم، وعندما رأوهم يرمون النوى خلفهم تأكدوا من أنهم من بني أسد، وقرروا أن يهجموا عليهم، على الرغم من أن ابنه قد نصحه بأن لا يقوم بذلك لأنه سوف يلقى منهم قتالًا، ولكنه لم يستمع له، وهاجمهم، ولكنه لم يتمكن من الانتصار عليهم، وهزم هو وجيشه.
وبعد أن رأى بشر بأن جيشه قد انهزم، فر هاربًا على حصانه، فتبعه بنو أسد، وتمكنوا من الإمساك به، وأخذوه أسيرًا لعلهم يصيبوا شيئًا من المال فداءً له، ولكن وبينما هو في الأسر فعل شيئًا أغضبهم، فقاموا بقتله، وعندما وصل خبر مقتله إلى زوجته الخرنق بنت بدر بن هفان البكرية أنشدت ترثيه هو ومن قتل يومها قائلة:
لا يَبعَدَن قَومي الَّذينَ هُمُ
سُمُّ العُداةِ وَآفَةُ الجُزرِ
النازِلونَ بِكُلَّ مُعتَرَكٍ
وَالطَيَّبونَ مَعاقِدَ الأُزرِ
الضارِبونَ بِحَومَةٍ نَزَلَت
وَالطاعِنونَ بِأَذرُعٍ شُعرِ
وَالخالِطون لُجَينَهُم بِنُضارِهِم
وَذَوي الغِنى مِنُهم بِذي الفَقرِ
إِن يَشَربوا يَهَبوا وَإِن يَذَروا
يَتَواعَظوا عَن مَنطِقِ الهُجرِ
قَومٌ إِذا رَكِبوا سَمِعتَ لَهم
لَغَطاً مِنَ التَأييِه وَالزَجرِ
مِن غَير ما فُحشٍ يَكونُ بِهِم
في مُنتَجِ المُهُرات وَالمُهر
لاقَوا غَداةَ قُلابَ حَتفَهُمُ
سَوقَ العَتيرِ يُساقُ لِلعَترِ
هَذا ثَنائي ما بَقَيتُ لَهُم
فَإِذا هَلَكتُ أَجَنَّني قَبري
نبذة عن الخرنق بنت بدر
الخرنق بنت بدر بن هفان بن مالك البكرية العدنانية، شاعرة من شاعرات العصر الجاهلي، وهي أخت الشاعر طرفة بن العبد من أمه، أكثر شعرها في الرثاء.