قصة قصيدة "ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ"

اقرأ في هذا المقال


مؤلف القصيدة

هو أبو مليكة جرول بن أوس بن مالك العبسي، لقب بالحطيئة، من الشعراء المخضرمين في الجاهلية والإسلام، اشتهر بالهجاء، توفي في مكة المكرمة في عام ستمائة وخمسون ميلادية.

قصة قصيدة ماذا تقول لأفراخ بـذي مرخ

أمّا عن مناسبة قصيدة “ماذا تقول لأفراخ بـذي مرخ” فيروى بأنّ الحطيئة لم يدع أحدًا من شره، فقد كان يهجو الجميع، وفي يوم قام الحطيئة بهجاء رجل يدعى الزبرقان بن بدر، وعندما وصل ما قال الحطيئة فيه إليه، توجه إلى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، واشتكى إليه الحطيئة، وأخبره بأنّه قد هجاه، وعندما تيقن الخليفة بأنّ الشعر الذي قاله الحطيئة هو بالفعل هجاء، أمر فيه بأن يحبس.

وبينما هو في حبسه بعث إلى الخليفة عمر قصيدة قال فيها:

ماذا تقول لأفراخ بـذي مَرَخٍ
زغبِ الحواصِل لا ماء ولا شجرُ

ألقيت كاسبَهم في قعر مظلمـةٍ
فاغفرْ عليك سلامُ الله يا عمرُ

أنت الإِمامُ الذي من بعد صاحبِهِ
ألقى إليك مقاليدَ النُّهَى البشرُ

لم يؤثــروك بها إذ قدَّموك لها
لكن لأنفسِهم كانت بك الأُثَرُ

فامنُنْ على صِبيةٍ بالرمل مسكنُهم
بين الأباطح تَغْشاهم بها القِرَرُ

أهلي فـدَاؤُكَ كم بيني وبينهُم
من عَرْض داوِيةً تَعْمَى بها الخُبُرُ

وعندما وصلت القصيدة إلى الخليفة، قرأها وبكى، وأمر به أن يحضر، فأحضروه، وعندما وقف بين يديه قال له: والله يا أمير المؤمنين إنّي قد هجوت أبي وأمي، وهجوت أيضًا امرأتي، فقال له الخليفة: وكيف فعلت ذلك، فقال له: قلت في أبي:

لحَــاكَ اللهُ ثم لحَاكَ حقّاً
أَباً ولحَــاكَ من عَمٍّ وخالِ

فنعِمْ الشَّيْخُ لَدَى المَخَازِى
وبِئسَ الشَّيْخُ أَنْتَ لَدَى المَعَالِى

جَمَعْتَ اللُّؤْمَ لا حَيَّاكَ رَبِّى
وأَبْـوابَ السَّفَاهةِ والضَّلاَلِ

وقلت في أمي:

تَنَحَّىْ فاقْعُـدِى مِنِّـى بَعِيداً
أَراحَ اللهُ مِنْكِ العالَمِينَا

أَلَمْ أُوِضح لَـكِ البَغْضاءَ مَنى
ولكِنْ لا إِخالُكِ تَعْقِلينَا

أَغِرْبالاً إِذَا اسْتُودِعْــتِ سِراً
وكانُوناً على المُتَحَدَّثِينَا

جَزاكِ اللهُ شَراً مِنْ عَجْــوزٍ
ولَقَّاكِ العُقُوقِ مِنَ البَنينَا

حَيَاتُكِ ما عَلِمْتُ حَيَاةُ سَوْءٍ
ومَوْتُكِ قد يَسُرُّ الصَّالِحينَا

وقلت في زوجتي:

أطوّف ما أُطــوّف ثم آوي
إلى بيت قعيــدته لكاع

وفي يوم نظرت إلى قاع بئر وإذ بي أرى وجهي، فوجدت نفسي قبيحًا، فأنشدت قائلًا:

أبت شفتـاي اليوم إلاّ تكلّما
بسوءٍ فلا أدري لمن أنا قائله

أرى لي وجهـاً قبّح اللّه خلقه
فقبّح من وجهٍ وقبّح حامله

فابتسم عمر بن الخطاب، وعفى عنه، ولكنّه أمره بأن لا يهجو أحدًا بعد ذلك، فوعده الحطيئة بأن لا يعود للهجاء بعد ذلك قط، وبالفعل لم يهجو أحدًا بعدها.


شارك المقالة: