قصة قصيدة معاض عن العوراء لا ينطقونها:
أمّا عن مناسبة قصيدة “معاض عن العوراء لا ينطقونها” فيروى بأنه في يوم من الأيام وبينما كان ابن العباس في مجلس، أتى على ذكر معاوية بن أبي سفيان، وقال فيه: لله در ابن هند، والله إنه من نسب كريم، ومقدرته كريمة، والله إنه لم يقم في يوم بسبنا على منبر قط، ولا على أرض، وذلك لمعرفة منه بأحسابنا وبحسبه، ومن بعد ذلك كله قام ببعث ابن أخيه الوليد بن عتبة، وهو ما زال غلامًا صغيرًا ابن عشرين عامًا، فلم يترك الوليد أحدًا مسجونًا على دين إلا ودفع عنه دينه، ولم يترك أحدًا محتاجًا إلا أعانه على ما هو به.
ثم أكمل ابن العباس قائلًا: ثم أنه بعث إلي بكتاب يأمرني به أن أبعث له بالحسين بن علي مع شرطي، وبينما أنا في مجلس الوليد، أرسل إلى الحسين، وقرأ عليه كتاب معاوية بن أبي سفيان، فقال له الحسين: أنت تبعث بي إليه يا ابن آكلة الأكباد، فقال له الوليد: أما والله، فإنه لا بد منك أن تسمع وتطيع ما تؤمر به، فقام الحسين من مكانه، وأمسك بعمامته، وأعطاها للوليد، فأعادها الوليد له، وقال له: والله إنني لم أرد أن أبلغ منك كل هذا يا أبا عبد الله، فقام ابن العباس إلى الوليد، وجعل يقنع به أن لا يبعث الحسين، حتى اقتنع، فقال له: جزالك الله خير جزاء، فأنشده ابن العباس قائلًا:
معاض عن العوراء لا ينطقونها
وأهل وراثات الحلوم الأوائل
وجدنا بني حرب وكانوا أعزة
ذرا في الذرا وكاهلا في الكواهل
وعندما وصل خبر ذلك إلى الخليفة معاوية بن أبي سفيان، قال لمن كان معه: يا أهل الشام، ماذا تصنعون بمن يفعل ذلك، إذا أمسكتم به؟، فقالوا له: لو أمسكنا به نقتله يا أمير المؤمنين، فقال لهم الخليفة: إن هنالك دمًا مصونًا، والوليد أعلم بأدب أهله.
نبذة عن ابن العباس:
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي، ابن عم رسول الله صل الله عليه وسلم، صحابي وفقيه وحافظ ومفسر، ولد في عام ثلاثة قبل الهجرة في مكة المكرمة، وتوفي في عام ثمانية وستون للهجرة في الطائف.