قصة قصيدة نوران ليسا يحجبان عن الورى
أمّا عن مناسبة قصيدة “نوران ليسا يحجبان عن الورى” فيروى بأن أبي بكر بن بقي الأندلسي كان يجوب البلاد، ويتنقل من بلد إلى آخر طلبًا للرزق، ولم يكن يقر له قرار في أي بلد أو مكان، ولم يكن له بيت في بلد معين يلجأ إليه، ولكنه كان قد اتخذ من إشبيلية قاعدة لنفسه، ومن هذه المدينة انتشر شعره إلى شرق وغرب الأندلس كافة، وقد سطع نجمه بين شعراء العصر العباسي، وبدأت موهبته تصبح ظاهرة للعيان، وكان أول ظهور له في دولة المعتمد بن عباد، الذي قربه منه، وقام أبو بكر بمدحه في العديد من قصائده، وكان مما مدحه فيه قصيدة قال فيها:
نوران ليسا يحجبان عن الورى
كرم الطباع ولا جمال المنظر
وكلاهما جمعاً ليحيى فليدع
كتمان نور علائه المتشهر
في كل أفق من جميل ثنائه
عرف يزيد على دخان المجمر
رد في شمائله ورد في جوده
بين الحديقة والغمام الممطر
بدر عليه من الوقار سكينة
فيها حفيظة كلّ ليث مخدر
مثل الحسام إذا انطوى في غمده
ألقى المهابة في نفوس الحُضر
أربى على المزن الملث لأنه
أعطى كما أعطى ولم يستعبر
أزرى على البحر الخضم لأنه
في كل كف منه خمسة أبحر
أقبلت مرتاداً لجودك أنه
صوب الغمامة بل زلال الكوثر
ورأيت وجه النجح عندك أيضاً
فركبت نحوك كل لُجٍّ أخضر
وبقي مقربًا منه حتى شهد سقوط دولته، ونفيه إلى المغرب، كما أنه قد شهد سقوط دول الطوائف على يد رجل يقال له يوسف بن تاشفين، وشهد سيطرة المرابطين على الأندلس، ونفي ملكها المعتمد بن عباد الى المغرب.
نبذة عن أبو بكر بن بقي الأندلسي
هو أبو بكر يحيى بن محمد بن عبد الرحمن بن بقي الشهير ابن بقي، ولد في مدينة قرطبة ويقال في مدينة طليطلة في عام ألف وثلاثة وسبعون ميلادي، وهو واحد من أشهر شعراء الأندلس، كان كثير التنقل بين المغرب والأندلس، اشتهر بشعر المدح الذي كان يكتسب منه قوته.
اختلف المؤرخون في اسم أبيه، وفي المدينة التي ولد فيها، ولا يعرف أي شيء عن بقية أسرته، أو عن طفولته ونشأته.