قصة قصيدة وأنت الذي أخلفتني ما وعدتني
للعاشقين العديد من القصص والحكايات، فمنهم من يحب فتاة وهي لا تحبه، ومنهم من يحب فتاة ولكن أهلها يرفضون أن يزوجوه منها، ومنها ما لا يعد ولا يحصى، ومن هذه القصص قصتنا التي تدور أحداثها عن فتاة تحب فتًا، وهو مقاطع لها.
أمّا عن مناسبة قصيدة “وأنت الذي أخلفتني ما وعدتني” فيروى بأن أبا الحسن الينبعي كان في يوم من الأيام يمشي هو وصديق له من قريش في المدينة، وبينما هما يمشيان انتبها إلى ظل نساء في القمر، فالتفتوا وإذا بجماعة من النساء جالسات، فسمع واحدة منهن تقول: أهو هو؟، فقالت لها أخرى: نعم إنه هو، فاقتربت الامرأة منهما وقالت لأبي الحسن: يا عم، قل لمن معك: مني ثم قالت: يا كهل، قل لهذا الذي معك:
ليست لياليك في خاخ بعائدة
كما عهدت ولا أيام ذي سلم
فالتفت أبو الحسن إلى صديقه وقال له: أجبها، فقال له صديقه: والله قد قطع بي، فأجب عني، فالتفت أبو الحسن إليها، وأنشد قائلًا:
فقلت لها: يا عز كل مصـيبة
إذا وطنت يوماً لها النفس ذلت
فقالت المرأة: أوه، ومن ثم غادرت، حتى إذا كانوا بمفترق طرق، اتجه القرشي إلى منزله، واتجه أبو الحسن إلى منزله، وبينما كان أبو الحسن في طريقه إلى منزله جذبته جارية من ردائه، وقالت له: المرأة التي كلمتك تريدك، فمضى معها حتى دخل بيتًا، وكان في البيت وسادة فجلس عليها، فأتت جارية بوسادة أخرى، ووضعتها أرضًا، فدخلت الامرأة وجلست عليها، وقالت له: هل أنت من أجبتني؟، فقل لها: نعم أنا هو، فقالت: لقد كان جوابك فظًا غليظًا، فقال لها: والله لم أجد جوابًا غيره، فقالت له: والله إني لا أحب في هذه الدنيا أحدًا كما أحب من كان معك، فقال لها: أنا أضمن لك منه ما تحبين، فقالت: وهل تفعل ذلك؟، فقال لها: نعم، ووعدها بأن يحضره إليها في الليلة التالية، وانصرف من عندها.
وعندما وصل أبو الحسن إلى بيته وجد الغلام أمام بيته، فقال له: ما الذي أتى بك، فقال: لقد علمت أنا سترسل في طلبك، وسألت عنك فلم أجدك، فتيقنت بأنك عندها، فجلست أنتظر عودتك، فقال له أبو الحسن: نعم، كنت عندها، ووعدتها بأن أحضرك غبى بيتها في الغد، وفي اليوم التالي تهيأ الاثنان، وخرجا إلى منزلها، ودخلا الدار، فجاءت وجلست، وأخذت تعاتبه، ومن ثم أنشدت متمثلة بشعر أميمة زوجة ابن الدمينة قائلة:
وَأَنتَ الّذي أَخلَفتني ما وَعدتني
وَأَشمتّ بي مَن كانَ فيك يلومُ
تعاتب الشاعرة في هذا البيت حبيبها الذي أخلف وعده معها، وجعل اللائمين يتشمتون بها.
وَأَبرزتني لِلناسِ ثمّ تَرَكتني
لَهم غرضاً أُرمى وأنت سليمُ
فَلَو كانَ قول يكلمُ الجسمَ قَد بدا
بِجِسميَ مِن قولِ الوشاة كلومُ
ثم سكتت، فسكت الغلام قليلًا، ثم قال:
غدرت ولم أغدر وخنت ولم أخن
وفي بعض هذا للمحب عزاء
جزيتك ضعف الودّ ثم صرمتني
فحبك في قلبي إلى اذاء
فالتفتت الامرأة إلى أبي الحسن، وقالت له: ألا تسمع ما يقول؟، فالتفت أبو الحسن إلى الغلام، وغمزه، فتوقف، ثم قالت:
تجاهلت وصلي حين لاحت عمايتي
فهلا صرمت الحبل إذ أنا أبصر
ولي من قوى الحبل الذي قد قطعته
نصيب ولي رأي وعقل موفر
ولكنما آذنت بالصرم بغتة
ولست على مثل الذي جئت أقدر
فأجابها:
لقد جعلت نفسي وأنت احترمتها
وكنت أعز الناس عنك نطيب
فأخذت تبكي، ثم قالت: هل طابت نفسك؟، والله ما فيك خير بعدها، فعليك السلام، ثم التفتت إلى أبي الحسن، وقالت له: والله إني كنت أعلم بأنك لا تفي بضمان عنه، وخرجت من الغرفة، فانصرف الاثنان.
نبذة عن أميمة زوجة ابن الدمينة
أميمة امرأة ابن الدمينة، وهي شاعرة من شاعرات العصر الأموي.
الخلاصة من قصة القصيدة: بينما كان أبو الحسن الينبعي يسير مع صديق له، صادف الاثنان نساء، وكان من بين هؤلاء النسوة واحدة تحب صديقه، فانتبهت إليه، وقامت إليه، وأرادت أن تكلمه، ولكنه لم يجبها، وبعد ذلك طلبت أبو الحسن، وأخبرته بحبها لصديقه، فوعدها أن يحضره إليها في الليلة التالي، وفي اليوم التالي حضر الاثنان إلى بيتها، فجلست معهما، وأخذت تعاتب من تحب.