قصة قصيدة وقرقعت اللجان برأس حمرا

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة وقرقعت اللجان برأس حمرا:

أمّا عن مناسبة قصيدة “وقرقعت اللجان برأس حمرا” فيروى بأنه في يوم دخل غلام إلى مجلس الحجاج، وبعد أن تكلم معه وجده الحجاج فطنًاذكيًا، فسأله عن النساء، قائلًا: أخبرني أيها الفتى عن أخبار النساء، فرد عليه الغلام: أتسألني عن أخبارهنّ وأنا ما زلت غلامًا صغيرًا، لم اطلع على أحوالهن، ولكن وعلى الرغم من ذلك سوف أخبرك ما هو مشهور من أحوالهن، يا مولاي إن التي في العاشرة من عمرها هي من الحور العين، والتي في العشرين فهي مسرة لمن ينظر إليها، والتي في الثلاثين جنة من جنان النعيم، والتي في الأربعين لينة المعشر، والتي في الخمسين هي صاحبة البنات والبنين، والتي في الستين لا يوجد فيها ما يفيد السائلين، والتي في السبعين هي عجوز في الغابرين، والتي في التسعين لهي شيطان رجيم، والتي في المائة هي واحدة من أصحاب الجحيم.

وعندما أكمل الفتى كلامه، ضحك الحجاج بن يوسف الثقفي ضحكًا شديدًا، ومن ثم قال له: أيهنّ أحسن؟، فقال الفتى: التي تملك الجمال والدلال، والتي تملك نطقًا صحيحًا، فقال له الحجاج: أخبرني أيّها الفتى ما هو أفضل بيت قالته العرب في الكرم؟، فقال له الغلام: هو البيت الذي قاله حاتم الطائي، وأنشد قائلًا:

وأكرم الضيف حتما حين يطرقني
قبل العيال على عسر وايسار

فقال له الحجاج: والله إنك قد أحسنت وأجملت، ثم أمر أحد رجاله بأن يعطيه ألف دينار، أو كسوة ومعها جارية، أو سيف وحصان، وقال في نفسه: إن اختار الحصان فلن أقتله، وإن اختار غيرها قتلته، وفي تلك اللحظة قامت الجارية بالإشارة للفتى، وقالت له: اختارني أنا، فإني أفضل لك من غيري، فضحك الفتى وأنشد قائلًا:

وقرقعت اللجان برأس حمرا
أحب الي مما تغمزيني

أخاف اذا وقعت على فراشي
وطالت علتي لا تصحبيني

أخاف اذا وقعت في مضيق
وجار الدهر بي لا تنصريني

أخاف اذا فقدت المال عندي
تميلي للخصام وتهجريني

فأنشدت الجارية ردًا عليه:

معاذ الله افعل ما تقول
ولو قطعت شمالي مع يميني

واكتم سر زوجي في ضميري
واقنع باليسر وما يجيني

اذا عاشرتني وعرفت طبعي
ستعلم أنَّني خير القرين

فقال الحجاج لها: ويحك، ألا تستحين من أن تغمزي الفتى وتردي عليه بالشعر، فقال الفتى للحجاج: إني قد اخترت الحصان، ولكنّك إن كنت ابن حلال فستعطيني جميع ما قلت لي، فقال له الحجاج: خذها جميعها، لا بارك الله لك بها، فقال له الفتى: لا خلف الله عليك، ثم قال له: من أي باب أخرج؟، فقال له الحجاج: اخرج من ذلك الباب، وأشار له على الباب الذي من خرج منه فهو سالم، فاستغرب الحاضرون وقالوا له: لما لم تخرجه من باب العذاب؟، فقال لهم: لقد استشارني، والمستشار مؤتمن.

حالة الشاعر:

كانت حالة الشاعر عندما ألقى هذه القصيدة الخوف ممّا قد يؤول إليه حاله إن قام باختيار الجارية، وبسبب ذلك قيامه باختيار الحصان بدلًا منها.


شارك المقالة: