نبذة عن صفية بنت ثعلبة الشيباني:
هي صفية بنت ثعلبة الشيبانية، وهي شاعرة جاهلية، ولدت في القرن الخامس الميلادي، أخت عمرو بن ثعلبة الذي كان على رأس الجيوش في آخر حرب بين العرب والعجم في وقتهم، والتي انتصر فيها العرب، وكان لها دور كبير في جمع رجال قبيلتها والقبائل الأخرى لكي يقوموا بالإيقاع بالفرس، ينتهي نسبها إلى ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان.
قصة قصيدة يا عمرو عمرو اجبنى يا ابن ثعلبة:
أما عن مناسبة قصيدة “يا عمرو عمرو اجبنى يا ابن ثعلبة” فيروى بأن كسرى أرسل في يوم إلى النعمان بن المنذر يريد أن يطلب يد ابنته لابنه، ولكن النعمان رفض أن يزوج ابنته من رجل ليس بعربي، وعندما وصل خبر ذلك إلى كسرى غضب غضبًا شديدًا وأرسل بجيوشه إلى النعمان وقام بقتله، فهربت ابنته والتي تدعى الحرقة من ديارها، وخرجت إلى بوادي العرب من دون أن يراها أي أحد.
فقام كسرى ببعث الكتب إلى رؤساء القبائل العربية بأنه إن قام أحدهم بإيوائها لسوف تبرئ ذمته منه، فخاف العرب من أن يأووها، وكانت عندما تدخل إلى قبيلة يتعذرون منها بهذا العذر أو ذاك، فمنهم من يقول بأن قبيلته سوف تنتقل إلى مكان جديد، ومنهم من يقول بأنه قبيلته داخلة في حرب وبأنه من الخطر عليها أن تبقى عندهم، وهكذا رفضتها جميع القبائل العربية.
فأخذت تنتقل من مكان إلى آخر وهي متخفية، خائفة حائرة جائعة حزينة، حتى وصلت في يوم من الأيام إلى قبيلة شيبان، وكان رئيس هذه القبيلة في تلك الأيام فارس يقال المثل في شجاعته ومروءته وهو عمرو بن ثعلبة الشيباني، وكان له أخت حكيمة تدعى صفية، وكان إذا أراد أن يفعل شيئًا يعود إليها قبل أن يقوم به، وعندما وصلت الحرقة إلى تلك القبيلة قابلت أخته وأخبرتها بما حصل معها، فغضبت صفية وقامت بجمع كل رجال قبيلتها، وأنشدتهم قائلة:
أحيوا الجوارَ فقد أماتته معا
كل الأعارب يابنى شيبانِ
ما العذر ؟ قد نشدت جوارى حرّةٌ
مغروسةٌ قى الدرّ والمرجانِ
بنتُ الملوك ذوى الممالك والعُلى
ذاتُ الجمال وصفوةُ النعمانِ
اتهاتفون وتشحذون سبوفَكم
وتقوّمون ذوابل المرّانِ
وعلى الأكاسر قد اجرت لحرةٍ
بكهول معشرِنا وبالشبّانِ
شيبان قومى هل قبيلٌ مثلهم
عند الكفاح وكرّة الفرسانِ
إنى حُجَيجةُ وائلٍ وبوائلٍ
ينجو الطريد يناقة وحصانٍ
يا آل شيبانٍ ظفرتُمْ فى الدنا
بالفخر والمعروف والإحسانِ
وهكذا أجارت قبيلة شيبان الحرقة، وعندما وصل خبر ذلك إلى كسرى غضب غضبًا شديدًا، وقرر أن يعاقبهم، فقام بإرسال مجموعة من الفرسان إلى القبيلة لكي يؤدبوهم، ويعيدوا معهم الحرقة، ولكن مجموعة من فرسان القبيلة قابلت فرسان كسرى وقاتلتهم، فقتلوهم، وهرب من لم يقتل مرعوبًا مذعورًا، فأنشدت صفية:
أنا الحُجَيْجَةُ من قوم ذوى شرفٍ
أولى الحفاظ وأهل العز والكرمِ
قولوا لكسرى أجرنا جارةً فثوت
في شامخِ العزِِ يا كسرى على الرُغُمِِ
نحن الذين اذا قمنا لداهيةٍ
لم نبتدعْ عندها شيئاً من الندمِ
نحوطُ جارَتنا من كل نائبةٍ
ونرفدُ الجارَ ما يرضى من النعمِ
ومن ثم بعث كسرى برسول إلى قبيلة شيبان وأخبرهم بأنهم إن قاموا بتسليم الحرقة إلى رجل يدعى منصور، وهو رجل عربي وأحد قادة جيوش كسرى، فإنه سوف يسامحهم على ما قد فعلوا، ولكن صفية ردت على الرسول قائلة:
قولا لمنصورَ لا دَرّت خلائفهُ
ما صاح فيهم غرابُ البينِ أو نعقا
من زوّّج الفرسَ يا متبولُ قبلكمُ
من الأعارب يا مخذولُ أو سبقا
يا ويح أمك يا منصور ان لنا
خيْلا كراما تصون الجار ما عَلِقا
فمت بغيظك يا منصور واحيَ على
بغضاك قومي وشمّرْ كل يوم لقا
آلت بنو بكرَ ترضى ما كتبتَ به
يا ابن الدنيّةِ فاجملْ ان اردتَ بقا
فقام منصور بقتالهم، ولكنهم تغلبوا عليه، ومن ثم توجه عائد إلى الفرس وهو مهزوم، فقام كسرى بتزويده بعشرين ألف جندي، وعندما وصل خبر ذلك إلى صفية أنشدت قائلة:
يا عمروُ عمروُ اجبنى يا ابن ثعلبةٍ
يا شبهَ برّاقَ يوم القتلِ والسلَبِ
لأجل عشرين ألفا اُضحِ صارخةً
في آل بكرٍ وذا شيء من العجَبِ
لا تكشفوني بهذا اليوم وارتقبوا
يومي لوقت اجتماع العجمِ والعربِ
وجهز القوم أنفسهم للقتال، وقاتلوا جيش المنصور، وتغلبوا عليهم، فتوجه عائدًا إلى كسرى وهو منهزم.