قصة قصيدة يا من بحثت عن العطور جميلها
أمّا عن مناسبة قصيدة “يا من بحثت عن العطور جميلها” فيروى بأن أبو طالب عم الرسول صل الله عليه وسلم كان يطوف في يوم من الأيام حول الكعبة، وكان معه الرسول، وكان وقتها في عمر الرابعة عشر، وبينما هما يطوفان رآهما رجل يقال له أكثم بن صيفي، وكان أكثم حكيمًا من حكماء العرب، فتوجه إليهما ، ووقف معهما، وقال لأبي طالب: ما أسرع ما كبر أخيك، فقال له أبو طالب: إنه ابن أخي، فقال له أكثم: وهل هو ابن الذبيح؟، فقال له: نعم، إنه هو، فأخذ أكثم يتأمل الرسول، ومن ثم قال لأبي طالب: وماذا تقولون فيه؟، فقال له أبو طالب: إننا نحسن الظن فيه، وهو وفي سخي جزي حيي، وماذا تقولون فيه سوى هذا؟، فقال له: إنه شديد ولين، ومفضل مبين، فقال له أكثم: وماذا غير ذلك؟، فقال أبو طالب: إننا نلتمس البركة من لمس يده، وإن غلام مثله حري به أن يسود، فقال أكثم: أما أنا فأقول خلاف ذلك، فقال له أبو طالب: وماذا تقول فيه؟، فقال له أكثم: إنه لم يخلق لما قلت، ولكنه خلق ليضرب العرب كافة، فمن أتاه هداه، ومن ابتعد عنه أرداه.
ومن ثم عاد أكثم إلى أبنائه، وقص عليهم ما حصل معه في مكة المكرمة، وبأنه قد التقى برسول الله صل الله عليه وسلم، وال لهم: إنه والله نبي آخر الزمان، فإن خرج وأنا ما زلت حيًا، فإني له من الناصرين، وإن خرج بعد أن أموت فعليكم أن تتبعوه، وأن تمتثلوا لأمره.
وعندما بعث الرسول صل الله عليه وسلم خرج إليه هو وأبنائه، وكان وقتها طاعنًا في السن، فأتته الوفاة وهو على الطريق، فقال لأبنائه: اتركوني وأكملوا طريقكم، والحقوا برسول الله، فقال له أحد أبنائه: نبقى معك حتى ندفنك، ومن ثم نكمل مسيرنا، فقال له: لا، ولكن أبلغوا الرسول مني السلام، وعندما وصلوا إلى الرسول قال لهم: الآن دُفِن أبوكم.
قال تعالى: {وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}، وفي الرسول صل الله عليه وسلم قال أحد الشعراء:
يـا مـن بحثـت عـن العطـور جميلهـا
ليكـون عطـرُك فـي الأنـام نسيمـا
هـل لـي بأن أهديـك عطـراً فاخـراً
وهـو الـدواءُ إذا غـدوت سقيمـا
هـو قـولُ ربّ الخلـقِ فـي قرآنـه
صلـوا عليـه وسلّمـوا تسليمـا
حالة الشاعر
كانت حالة الشارع عندما أنشد هذه القصيدة المحبة لرسول الله صل الله عليه وسلم، حيث أنه قول بأن العلاج للأمراض هو الصلاة عليه.