ما لا تعرف عن مناسبة قصيدة “ألا أيها القوم الذين وشوا بنا”:
وأمّا عن مناسبة قصيدة ” أَلا أَيُّها القَومُ الَّذينَ وَشَوا بِنا ” فيروى بأن جماعة من بني أسد قد خرجوا إلى بلاد الشام للتجارة، وبينما هم هنالك إلتقوا بقيس بن الملوح، فقالوا له: يا قيس، لما منع أبو ليلى ابنته عنك؟، وبذلك يتلافى في أمرك ويتداركه، فقد أصبح ما بينكما مشهورًا في كل بلاد العرب، وذكر مادار بينكما من حب في كل مجالس الأعراب، فلما لا تكف عن المعصية، وتعود عما أنت في صدده، فقد ظلمت ليلى معك فيما أنت فاعله، وعندما سمع ما قالوه بدأ بالبكاء متوجعًا، وقال:
أَلا أَيُّها القَومُ الَّذينَ وَشَوا بِنا
عَلى غَيلا ما تَقوى الإِلَهُ وَلا بِرِّ
أَلا يَنهَكُم عَنّا تُقاكُم فَتَنتَهوا
أَمَ اَنتُم أُناسٌ قَد جُبِلتُم عَلى الكُفرِ
تَعالوا نَقِف صَفَّينِ مِنّا وَمِنكُمُ
وَنَدعو إِلَهَ الناسِ في وَضَحِ الفَجرِ
عَلى مَن يَقولُ الزورَ أَو يَطلُبُ الخَنا
وَمَن يَقذِفُ الخَودَ الحَصانَ وَلا يَدري
حَلِفتُ بِمَن صَلَّت قُرَيشٌ وَجَمَّرَت
لَهُ بِمِنىً يَومَ الإِفاضَةِ وَالنَحرِ
وَما حَلَقوا مِن رَأسِ كُلِّ مُلَبِّئٍ
صَبيحَةَ عَشرٍ قَد مَضَينَ مِنَ الشَهرِ
ثم أخذ يدور هائمًا في الصحراء، وقد اشتدت هلوسته وجنونه، وبينما هو في ذلك مرّ بصقر ساقط من وكره فأنشد قائلًا:
أَلا يا عُقابَ الوَكرِ وَكرِ ضَريَّةٍ
سُقيتِ الغَوادي مِن عُقابٍ عَلى وَكرِ
أَبيني لَنا لا زالَ ريشُكِ ناعِماً
وَلا زِلتِ في صَيدٍ مُخَضَّبَةَ الظُفرِ
أَبيني لَنا قَد طالَ ما قَد تَرَكتِنا
بِعَمياءَ لا نَدري أَنُصبِحُ أَم نَسري
وَقَفتُ عَلى مُرّانَ أَنشُدُ ناقَتي
وَما هَلَكَت لي مِن قُلوصٍ وَلا بَكرِ
وَما أَنشُدُ البُعرانَ إِلّا صَبابَةً
بِواضِحَةِ الخَدَّينِ طَيِّبَةِ النَشرِ
أمّا عن قيس بن الملوح فهو شاعر وأديب عربيٌ، ولد في نجد بشبه الجزيرة العربية عام ستمائة و خمسة و أربعون، قد عاش قيس بن الملوح بمنطقة “بني عامر” بالتحديد في وادٍ كان يُعرف بين الناس بوادي الحجاز.
وأمَّا عن ديوانه الذي نظّم فيه القصائد وكانت أكثر مواضيعه هو قضيّة حبِّه لليلى، فكانت قصة حبه لليلى لها أثر واضح على الأدب العربي في العصر الجاهليّ وأيضاً الأدب الفارسي، وكانت قصة عشق قيس بن الملوح لليلى إحدى القصص، التي ذكرها وكتبها الشاعر الفارسي نظامي كونجي في كتابه الكنوز الخمسة.