ما هو التقويم البيداغوجي في الترجمة؟

اقرأ في هذا المقال


يعتبر فن الترجمة انتقال من عصر إلى عصر ومن مكان إلى مكان، أو انتقال من كيان إلى كيان، وهي تقوم على انتقاء صفوة الكلام وتهدف لفهم القارئ لها، ولكن يبقى الأمر الأهم والأصعب هو معرفة الحكم على الترجمة الصحيحة، وكيفيّة اختيار الأنسب منها، سنحكي عزيزي القارئ في هذا المقال عن كيفيّة الحكم على الترجمة من منظور تعليمي أو في إطار تعليمي.

مفهوم التقويم البيداغوجي في الترجمة

من أجل تقويم الترجمة أو الحكم عليها فهنالك ثلاثة جوانب تحكم على الترجمة ضمن الإطار التعليمي وهذه الجوانب هي: الجانب النظري الذي يقارن بين الترجمة المصدر والهدف، الجانب التعليمي والذي يستخدم به المحكّم الأدوات التعليمية من أجل تسهيل عملية اختيار الترجمة الصحيحة، وأخيراً الجانب البيداغوجي وهو يعني الحكم على الترجمة من خلال المقارنة بين رأي المترجم ورأي المحكّم المتعلّم. وعندما يكون تقويم الترجمة أو الحكم عليها من جانب تعليمي، ففي تلك الحالة تكون إجراءات التقويم وأدواته مختلفة تماماً.

البعض يرى بأن عملية الترجمة هي عملية حكم على المسائل اللغوية، ولكن البعض يرى بأن الترجمة هي حكم فنّي وتذوّق شخصي، وهو التقويم البيداغوجي الذي ينظر للترجمة من منظور مجرّد من اللغة، ومنهم من يسمّيها التمرّد على اللغة وأساسيّاتها، ومنهم من يرى أن الترجمة هي تواصل بين اللغات والثقافات، ولكن السؤال الأهم هو هل من الممكن أن يتفق البعض على نظرة واحدة للحكم على الترجمة؟

بشكل عام فإنّ الترجمة هي قراءة، والقراءة تعتبر عمل فردي واستكشاف لما وراء النص، وحتى القراءة للترجمة عندما تكون نقدية فهي عمليّة فردية وتقوم على تذوّق النص، ولكن هل تعليميّة الترجمة أو ذاتيّتها أمر اتفق عليها الدارسون والمعلّمون، ومن نظر الدارسين مصطلح التقويم يعني عملية حكم منظّمة تستلزم عدّة مهارات وتحضيرات من أجل أن تتم بنجاح.

من أشهر المقولات في مجال تعليميّة الترجمة هو (تستند كل محاولة لتقويم ترجمة ما إلى تصوّر المقوّم لمفهوم الترجمة)، وهذه المقولة تعني بأنّ النظر للترجمة على أنّها مسألة لغوية فيعني أنّه يولّي النص عناية أكبر، ولكن هذه الوسيلة تصلح في حال كانت الترجمة هي وسيلة لتعلّم لغة أجنبية أخرى، ولكن من منظور تعليميّة الترجمة فإن اللغة هي عبارة عن وسيلة يوظّفها المترجم من أجل أداء الرسالة التواصلية.

ولكن عندما يكون الهدف من الترجمة هو التجهيز لمختصّين في الترجمة أو مترجمين مهنيين؛ فمن الأفضل تجاوز المسائل اللغوية والتركيز على عمل المترجم ذاته، لأنّ المترجم في هذه الحالة يفترض أن يكون ملمّاً بعلم اللغات التي يريد الترجمة منها وإليها، ومن الأفضل كذلك هو تقويم الترجمة على حسب مدى مطابقة النص الهدف للنص الأصلي، وهذه تعتبر الغاية الكبرى المرجوّة من الترجمة الصحيحة.

والمنظور البيداغوجي للترجمة والذي يعني تعليميّة الترجمة، أي النظر إلى الترجمة كنظرة المعلّم لتقويم الحصص؛ فهو عند تقويم المتعلّم أو الحصّة لا يكتفي بجانب واحد فقط، بل يقوم بتوزيع الأهداف على مجموعة حصص وتمارين متعدّدة ومتفاوتة، ولكن بشرط التنسيق فيما بينها، وبعد ذلك يقوم بتقديم ما يسمّى بالتغذية الراجعة للمتعلّم، ويبيّن له فيها ما هي أهم أخطائه وما هي أسبابها وأهم طرق تفاديها في المستقبل، وهذا ما أكّدته إحدى المقولات وهي (لا يستلزم التقويم فقط منح علامات، بل بتطلّب تغذية راجعة بنّاءة، توحي للطالب بالمشاكل التي صادفها أثناء الترجمة).

ويعتبر تقويم الترجمة البيداغوجي شبيه للتقويم التعليمي، وهو أمر مهم من أجل تمكين المعلّم من مراقبة سير العملية التعليمية، والتي توضّح نتائجه للمقوّم ما هي الأهداف التي تم تحقيقها، بالإضافة إلى معرفة مكتسبات الطالب و معوّقات تطويرها، إذاً هي عمليّة مهمّة لكلا الطرفين، تماماً كما يفعل المترجم عند تقويم النص بطريقة التقويم البيداغوجي.

والتقويم البيداغوجي يعتبر مهم للمقوّم والمترجم من ناحية أنّها تقدّم للمترجم فرصة معرفة أهم أخطائه وهفواته، وإرشاده لأفضل الطرق لتجنّب أي عجز، أمّا للمقوّم فهي تساعده على التعرّف  على المترجم بشكل أكثر وأعمق، وكيف يتعامل مع عملية الترجمة، وتساعده على التقريب بين المتطلّبات والترجمة، وبالتالي يقوم باتخاذ القرار إمّا بالحكم على الترجمة بأنّها ناجحة، أو استدراك النقص بداخلها، وهذا الأمر يشبه تماماً تقويم المعلّم لطلّابه.


شارك المقالة: