السجع: فن الجمال اللغوي في النثر
السجع هذا العنصر الرائع في النثر الذي يشبه القوافي في الشعر، يعد جزءًا أساسيًا من الفنون اللغوية التي تثري النصوص بإيقاعها وجمالياتها. قال السكاكي، الشاعر العربي البارع، إن السجع في النثر يماثل دور القوافي في الشعر، ويتكون من ثلاثة أشكال رئيسية: المطرَّف، والمتوازِ، والترصيع.
السجع المطرف، هو تناغم الفواصل في النص إذا اختلفت في الوزن، مثلما جاء في قول الله تعالى: “مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا، وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا” [نوح: ١٣, ١٤]. هنا يظهر تناغم الوزن والفواصل، مما يضفي على النص إيقاعاً جذاباً.
الفرق بين السجع والترصيع
أما الترصيع، فيحدث عندما يتناغم محتوى إحدى القرينتين في الوزن والتقفية مع ما يقابله في القرينة الأخرى. هذا النوع من السجع يُظهر مهارة الكاتب في استخدام اللغة بشكل دقيق، كما في قول الحريري: “فهو يطبع الأسجاع بجواهر لفظه، ويقرع الأسماع بزواجر وعظه”.
وفيما يخص السجع المتوازي، يحدث هذا عندما يكون تناغم الفواصل والألفاظ في النص متساوياً، كما في قوله تعالى: “فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ، وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ” [الغاشية: ١٣, ١٤]. هذا النوع يضفي تناغماً وتوازناً على النص، مما يجعله أكثر جاذبية للقارئ.
لكن هذا الفن الراقي يأتي بشروطه، حيث يُعتبر حسن السجع هو اختلاف قرينتيه في المعنى، وليس في الصيغة فقط. يجسد ذلك روعة التناغم بين الكلمات والأفكار، كما قال ابن عباد في مهزومين: “طاروا واقين بظهورهم صدورهم”. هنا يظهر الاختلاف الدقيق الذي يجسد جمال السجع.
إن السجع ليس مجرد تقنية لغوية، بل هو فن يتطلب مهارة ودقة في التعبير، يعكس السجع براعة الكاتب وفنه في توظيف اللغة، ما يجعله عنصرًا لا يُغفل في إثراء النصوص وجعلها أكثر جاذبية ورونقًا.