بداية المقدمة لألفية ابن مالك:
بسم الله الرحمن الرحيم
قَالَ مُحَمد هُوَ ابن مالك أَحمد ربي الله خير مالك مصلياً على الرسول المصطفى وآله الْمستكملِينَ الشّرفا
بدأ ابن مالك ألفيته بـ “البسملة” ثم “الحمدلة” اقتداءً بـالقرآن الكريم، ثم استخدم الفعل الماضي”قال” وكان الأجدر به أن يستخدم الفعل الدال على المستقبل لأنّ كلامه لم يقع لحظة القول، ولكنّه فعل ذلك باعتبار أنّ وضع الماضي موضع المستقبل مثل قوله تعالى” أتى أمر الله” سورة النحل1. ثم عرّف بنفسه قائلا: محمد ابن مالك، وقد نسب نفسه إلى أفضل جدوده، ولم ينسب نفسه لأبيه، وهذا ما اشتهر به أيام العرب، كقولنا ” أحمد بن حنبل”، والحمد لغةً هو الرّضا، أمّا عرفاً فهو الثناء، مستخدماً الجناس التام في قوله”مالك” مرتين في نفس البيت.
وصلّى بعدها على الرسول المصطفى والصلاة هنا من المؤمنين بمعنى التضرع والدعاء والتعظيم، ولم يقل النبي وذلك لانتقاله إلى الخصوص وليس العموم، باعتبار أنّ كلمة الرسول أخص وأمدح من كلمة النبي، والرسول بوزن فعول الدال على اسم المفعول، ومجيء ذلك قليل، أمّا فعول بمعنى الفاعل فكثر استخدامها كقولنا” طهور”. والمستكملين جمع مفردها مستكمل، وأنهى البيت بقوله” الشُرفا”باعتبارها معمولاً لمستكملين فيصير المعنى “المستكملين كل الشرف”.
وأَستعيْن اللّه في أَلفيه مقاصد الْنحو بها محويّه.
يستعين الله في تمكينه من تأليف الألفية، وتكون ” في” هنا بمعنى “على” ليتحقق معنى الاستعانة كقوله تعالى: (والله المستعان على ما تصفون) صدق الله العظيم (يوسف:18 )، والألفية بمعنى الناظم أنّها ألف بيت. وقوله مقاصد النحو أي: معظم النحو وجلّه. وقوله محوية بمعنى مجموعة بها، الباء هنا بمعنى “في”. والنحو لغة هو القصد، وعرفاً هو العلم الذي يعرف به أحكام العربية إفراداً وتركيباً.
تقرّبُ الأَقصى بِلفظ موجزِ وَتبْسط الْبذل بوعد منجزِ وتقتَضي رِضاً بغيرِ سخط فائقة أَلْفيّة ابن معطي. وهو بسَبق حائز تفضيلا مستوجب ثَنائي الْجميلا واللّه يقضي بهبات وافره لي وله في درجات الآخره.
وأَسْتعِين اللّه في أَلْفيه مقاصد النحو بها محويه تقرّبُ الأَقصى بلَفظ موجَزِ وَتبسطُ البَذل بوعدٍ منجزِ. وتَقتضي رِضاً بغيرِ سخطِ فائقة أَلْفيّة ابن معطي وهوَ بسَبقٍ حائزٌ تفضيلا مستَوجبٌ ثَنَائي الجمِيلا.
واللَّه يَقضي بهِباتٍ وافِرَه لي ولهُ في درجات الآخره.
كلمة الألفية هنا توحي بعدد أبيات الألفية وهي ألف بيت ونيف، و” اللفظ الموجز” إشارة منه إلى الاختصارات التي قام بها أثناء كتابته للألفية إذ تعتبر تلخيص موجز لقصيدته”الكافية الشافية” التي بلغ عدد أبياتها ” 2750″ بيتاً. ثم يشير بعد ذلك إلى ابن معطي والذي قام بتأليف ألفية في النحو العربي وأسماها “الدرة الألفية” وابن معطي هو: أبو الحسين يحيى بن معطي بن عبدالنور الزوواوي المغربي المتوفى سنة 628 هـ.
وكأنّي أرى ابن مالك يريد أن يميز نفسه في المشرق العربي رائداً في مجال النحو والصرف متفوقاً بذلك على ابن المعطي في المغرب العربي. وقد أخذ الشراح على ابن مالك قوله” لي وله ” وأرادوا أن يقول للأمة أجمع باعتبار أن يكون الدعاء كما ورد في قراءننا الكريم بالدعاء للأمة جمعاء على وجه العموم ليكون أقرب للإجابة. ليكون القول : لي وله ولجميع الأمّة.
الْكَلاَمُ وَمَا يَتَألَّفُ مِنْهُ كَلاَمُنَا لَفْظٌ مُفِيْدٌ كَاسْتَقِمْ وَاسْمٌ وَفِعْلٌ ثُمَّ حَرْفٌ الْكَلِمْ. وَاحِدُهُ كَلِمَةٌ وَالْقَوْلُ عَمْ وَكَلْمَةٌ بِهَا كَلاَمٌ قَدْ يُؤمْ. بِالْجَرِّ وَالْتَنْوِيْنِ وَالْنِّدَا وَأَلْ وَمُسْنَدٍ لِلاسْمِ تَمْيِيْزٌ حَصَلْ. بِتَا فَعَلْتَ وَأَتَتْ وَيَا افْعَلِي وَنُوْنِ أَقْبِلَنَّ فِعْلٌ يَنْجَلِي. سِوَاهُمَا الْحَرْفُ كَهَلْ وَفِي وَلَمْ فِعْلٌ مُضَارِعٌ يَلِي لَمْ كَ يَشمْ. وَمَاضِيَ الأَفْعَالِ بِالتَّا مِنْ وَسِمْ بِالنُّوْنِ فِعْلَ الأَمْرِ إِنْ أَمْرٌ فُهِمْ. وَالأَمْرُ إِنْ لَمْ يَكُ لِلنّوْنِ مَحَلْ فِيْهِ هُوَ اسْمٌ نَحْوُ صَهْ وَحَيَّهَلْ.
وأَسْتعِينُ اللَّهَ في أَلْفيّه مقَاصد النَّحو بها محويّه تقرّب الأَقصى بلَفظ موجزِ وتبسطُ الْبَذل بوعدٍ مُنجزِ. وتقتضي رِضاً بغيرِ سخط فَائقَة أَلفيَّة ابن معطي وهوَ بِسبقٍ حائِز تفضيلا مستَوجب ثنَائي الجميلا. واللَّه يَقضي بِهِبات وافرَه لي ولهُ في درجاتِ الآخرَه.
واللَّه يَقضي بِهِباتٍ وافره
لي ولهُ في درجاتِ الآخره.