المواد الملونة غير العضوية: هي في الغالب مواد معدنية عضوية، وهي عبارة عن جزيئات معدنية طبيعية مختلفة اللون، وكانت تستخرج من الصخور الرسوبية التي تعالج بواسطة سائل غير مذيب فيها.
هذا وقد استخدم الفنان الكبير كثيراً من الخامات الطبيعية؛ وذلك لاستخراج اللون الأصفر، مثل: معادن اللآوربيمت، ويتميز هذا الصنف بمقاومته لتأثير الضوء والهواء، استخدم في مصر إبتداءً من الأسرة الثامنة عشرة، وسُمّي باسم الأصفر الملكي أو الأصفر الذهبي، وقد وجد كيس منه في مقبرة توت عنخ آمون، وكان الآوربيمنت متوفر في بلاد آسيا الصغرى والمجر ورومانيا.
طريقة صناعة الأحبار لعملية الصباغة في دول متعددة:
صنع الصينيون الحبر من زيت الحبوب ولحاء الأشجار، كما اتصف حبرهم بقدرته الكبيرة على مقاومة الماء والظروف البيئية المختلفة، وقد تفوقوا في هذه الصناعة منذ أكثر من ألفي سنة، ولا زالوا يصدرونه إلى جميع بلدان العالم، أنا الرومان فقد استخدموا الأحبار التي تفرزها بعض الحيوانات المائية، كما صنعوا الأحبار المختلفة من الزيت ولحاء الأشجار، وفي العصور الوسطى صنع الرهبان في أوروبا أحباراً من كبريتات الحديد مضافاً إليها مسحوق العلقم.
هذا وقد عرفت الألوان الزيتية أيضاً منذ القدم، حيث استعملها المصريون القدماء، والعامليين، والبابليون، واليونان والرومان؛ وذلك قبل صدورها من قبل الأخويين المعروفيين وهما هيوبرت وفان ايك، الذين كانا أول من اتفقا في مزج الألوان بالزيت، وحصلا على مزيج سريع الجفاف ومضيء للألوان، لكن تجدر الإشارة إلى أنّ الألوان المستخدمة قديماً لم تكن متشابهة تماماً للألوان المستخدمة حالياً، وإنما كانت مغايرة لها من حيث التركيب وتعرف بالانكوسيتا وهي عبارة عن ألوان تمزج بالشمع السائل وهي ساخنة، والتامبرا وهي ألوان ناعمة جداً تمزج بصفار البيض والصمغ، والفرسكو، التي يلون بها على أنواع متعددة على الأقمشة والملابس بالطريقة الصحيحة.
أهم المواد الملونة غير العضوية:
اللون الأصفر:
تعتبر الألوان الصفراء من أجمل الألوان الصخرية شائعة الاستعمال؛ وذلك للحصول على اللون الأصفر، لكنها قد تتحول إلى اللون الأحمر عند رفع حرارتها، وقد استعملت في مصر منذ ما قبل عصر الأسر، كما شاع استعمالها في القرون الوسطى، وقد أضاف إليها الفنانون أصفر الكروم لإكسابها بريقاً ولمعاناً، كما توجد في الطبيعة في الأحجار الرملية، كما استخرج اللون الأصفر من الجاروسيت.
اللون الأحمر:
اللون الأحمر فقد استعمل بغزارة في تاريخ البشرية، وهو على كل حال أو لون استخدمه الإنسان في زخارفه، فظهر منذ العصر الحجري القديم على جدران الكهوف بكثرة؛ وذلك لعدم وجود الصعوبة في عملية استخراجه وصناعته من ثالث أوكسيد الحديد، ولتوفره في كثير من المواد، ومن أهم مصادره أيضاً المغرة الحمراء، وهي لا تتأثر بالضوء، أو المواد القلوية، ولكنها لا تذوب في الأحماض المركزة الساخنة، وفي درجات الحرارة العالية، وقد كان الفنانون في القرون الوسطى يحصلون على اللون الأحمر بتسخين المغرة الصفراء بدرجة حرارة مرتفعة.
كما يوجد مصدر آخر من مصادر اللون الأحمر هو السلافون (أحمر الرصاص)، وقد عرف هذا المصدر منذ العصور اليونانية والرومانية، وتجدر الإشارة إلى أنّ السلافون كان من أحب مواد التلوين للفنانين في العصرين البيزنطي والفارسي، وشاع في العصور الوسطى، ويتميز السلافون بلونه القرمزي اللامع، وبقوة تغطيته الكبيرة، كما أنه يتميز بعامل انكساره الضوئي الكبير، وبحبيباته الدقيقة الحجم، ويتحول إلى اللون البني بفعل حامض النيترك.
كما أنّ السنبار هو مصدر من مصادر اللون الأحمر، وقد استعمل للتلوين باللون الأحمر في اليونان القديمة، في القرن السادس وهو نادر جداً وغير متوفر بكثرة، ويتميز بالبريق الماسي واللون الأحمر النقي في حال نقاوته، ولكنه معتم عندما لا يكون نقياً.
اللون الأزرق:
يعد اللون الأزرق من أقدم الخامات التي استخدمت للتلوين باللون الأزرق، والأزرق هي الأزوريت وقد استخدم في بلدان الشرق القديم وحديثاً في أوروبا، كما استخدم في صور الفرس الروسي، والأيقونات القبطية، وقد تمكن فنانو القرن السابع من صنعه باستخدام النحاس وحمض الخليك والبيض.
ويقال أنّ سكان وادي الرافدين هم أول من استخدم اللون الأزرق على الملابس، وبعد مرور آلاف السنين على استخدام ألوان الأسود والأبيض والأحمر والأصفر، وذلك لصعوبه استخراجه مع وجوده في الطبيعة، فجميع الرسوم الجدارية المعروفة في العالم، لإنسان مرحلة الصيد، والتي يرجع تاريخ أقدمها حوالي 350000 سنة، وحتى نهاية الألف السادس قبل الميلاد، كانت خالية تماماً من اللون الأزرق.
كما يعتبر حجر اللازورد، أهم مصدر معدني للحصول على اللون الأزرق، كما يمكن أن نستطيع العثور عليه من كربونات النحاس ذات اللون الأزرق والتي استخدمها سكان وادي الرافدين، وتجمع المصادر على أنّ المصدر الأساس لأصباغ اللون الأزرق في أوروبا وآسيا وأفريقيا هي مناجم اللازورد والياقوت والأوزريت في أفغانستان وإيران وسيبيريا.
هذا وقد استخدم اللون الأزرق، كما عرف بالأزرق المصري في مصر القديمة حوالي 2600 قبل الميلاد، واستمر استخدامه في العصر اليوناني القديم، وانتشر في بحر إيجة وحوض المتوسط، وكان هذا اللون يصنع من سيليكات النحاس والكالسيوم، وهو على ثلاثة أنواع، وهي: أزرق داكن، أزرق فاتح اللون وأزرق فاتح مخفف.
اللون الأخضر:
أما فيما يتعلق باللون الأخضر، فيعتبر الملاكيت من أشهر العناصر المتداولة؛ وذلك للحصول على هذا اللون، وهو من خامات النحاس الثانوية الواسعة الانتشار، وقد وجد في العديد من الآثار الفرعونية والقطبية في مصر، وقد استخدم الأخضر الملاكيت على مر العصور في التصوير الأوروبي حتى العام 1800 ميلادي، حيث بدأ تصنيع الألوان الخضراء الأخرى، هذا وتجدر الإشارة هنا إلى أنه عثر في أحد مقابر الأسرة السادسة على مادة زجاجية خضراء مصنعة، ومن مصادر اللون الأخضر الاتاكميت الذي استخدم في تلوين الأيقونات الروسية في القرن السادس، وهناك مادة الكريزوكولا والتي هي عبارة عن سيليكات النحاس الطبيعية، وقد وجدت المادة الخضراء منها في بعض مقابر الفراعنة.
اللون الأبيض:
مصادر اللون الأبيض هي: الجبس، الكالسيت، الهونتيت والكاولين، كما استعمل مادة الجبس بدمجها في مادة ملونة في الصور الخاصة للمصريين، واستخدم الأبيض المستخرج من كربونات الكالسيوم، ويعتبر هذا اللون من الألوان القديمة التي حضرت صناعياً، ولكنه غير ثابت، إذ تحوله العتمة إلى اللون الأصفر.
وكذلك استخدمت مادة الهونتيت الكالسيوم والمغنيسيوم، في تلوين ملابس الآلهة، إذ كان اللون الأبيض أكثر الألوان صناعةً؛ وذلك لتميز هذا اللون لديهم على الأقمشة والملابس التي يرتدونها، أما الأبيض المستخرج من مادة الكاولين المكونة من سيليكات الألمنيوم والبوتاسيوم ويسمى بالطين الصيني أو الطين الفرنسي فكان يستعمل لتغطية أسطح الجدران للرسم عليها.
اللون الأسود:
اللون الأسود ينتج عن إضافة مادة الكربون إلى الأقمشة بالطريقة الصحيحة، وله صور عدة منها السفاج (بقايا الاحتراق) المكشوط من فوق الأسطح الخارجية لأوعية الطبخ، وهناك مسميات أخرى للون الأسود ومصادره، مثل: الأسود النباتي أو الحيواني، وأسود العظام أو العاج، وهناك السفاح الناتج عن عمليات الاحتراق للزيوت والشحوم والرتنجات، ومهما يكن من أمر، فإنّ معظم الألوان السوداء تحتوي على الكربون كعنصر أساسي، والكربون بصفة عامة يتأثر بدرجات الحرارة العالية ولكنه يبقى ثابت اللون، ولا يتأثر بالضوء أو الهواء أو بالأحماض الخاصة به.
اللون الرمادي:
يعتبر الرمادي بشكل عام، خليطاً من اللون الأبيض والأسود، وهو في مقابر الأسرة المصرية الخامسة خليط من الجبس وفحم الخشب، كما عُثر على لون رمادي يرجع إلى عهد الأسرة الرابعة، وهو عبارة عن خليط من تراب لونه ضارب إلى الصفرة الشاحبة والسفاج، كما استخدموا الأسرة المصرية اللون الأبيض والأسود أساساً في تفصيل الملابس لديهم، حيث استخدموا اللون الأبيض للثوب الرجالي، واللون الأسود استخدموه في عملية تفصيل العباءة النسائية.
اللون القرنفلي:
أما لون القرنفلي فقد كان على درجة من الشيوع في مصر القديمة وبلاد الإغريق، ومصدره أوكسيد الحديد، وبعض أنواع النبات، كما عرف لدى الرومان، أما البني فمصدره أيضاً أوكسيد طبيعي للحديد، حيث استخدم لدى الرومان في عمل الملابس الخاصة بهم بالطريقة الصحيحة، كما وجدو صندوق ملون بالبني يرجع تاريخه إلى عهد الأسرة الثامنة عشرة قبل الميلاد.
