عرفت الصباغة في بلاد الهند والصين منذ عصور سحيقة، وانتقلت من الهند إلى مصر، كما تبين الملابس الملونة التي وجدت في قبور المصريين القدماء، وكانوا يستعملون أصباغاً مستخرجة من النباتات أو من بعض الحشرات.
ويرجع تاريخ أقدم قطعة مصبوغة عُثر عليها حتى الآن إلى العصر الحجري، فقد وجد الأستاذ (يونكر) في مقابر (مرمدة) ببني سلامة الواقعة على حافتا الدلتا الغربية، وفي منطقة الفيوم، على أقمشة كتانية مصبوغة يرجع عهدها إلى العصر الحجري الحديث.
كما أوضح المؤرخ بلينتي الأُسس التي بُنيت عليها، وحل طلاسم الحفريات، وذكر أن هذه الصناعة عند قدماء المصريين كانت متقدمة، واستخدمت فيها المواد الكيميائية الكثيرة، والتي ما زال بعضها يستعمل حتى الآن ممّا يدل على تقدم كبير في علم الكيمياء.
طريقة زخرفة المنسوجات:
- الطريقة المباشرة: وهي الطباعة وفيها يعتمد على تطبيق التصميم من خلال القالب الطباعي وإعداد الصبغات الملونة؛ وذلك باستخدام الشاشة الحريرية أو القالب أو الاستنسل ويضاف هنا إلى الألوان والصبغات المواد المغلظة (المتخنات) الماسبة لكل صبغة، والطباعة هي زخرفة موضوعية للسطح الطباعي من خلال طرق متعددة، وتتنوع طرق تكرار هذه الزخارف، وينتج عنها مطبوعة فنية ذات حلول تشكيلية وجمالية متنوعة.
- الطريقة غير المباشرة: وهي الصباغة، وفيها تتزين المنسوجات من خلال عزلها بأدوات ومواد عازلة، مثل الشمع والخيوط والمشابك، ثم وضعها في محاليل الصبغة فتلوّن القماش كله فيما عدا الأجزاء المعزولة التي ينتج عنها تأثيرات جمالية وتشكيلية متنوعة تميز كل أسلوب مستخدم فيها.
مفهوم الصبغة:
الصبغة: هي مادة متعددة الألوان تأخذها الخامة من محاليلها المائية، ولها ميزة الامتصاص أو القابلية بين المادة المراد صباغتها ومادة الخام.
وكانت أول خطوة في تاريخ الصبغات هي اكتشاف المواد الصباغية الموجودة في النباتات عن طريق الصدفة، وتبع هذا استعمال خلاصة هذه النباتات وغمر الخامات فيها، ولقد أظهرت هذه العمليات أن بعض النباتات تعطي لوناً متوسط الثبات، غير أن مثل هذه الصبغات التي لها علاقة مباشرة بالخامات يندر وجودها.
ولم يتقدم فن الصباغة الحقيقية إلّا بعد اكتشاف عملية التثبيت التي وإن لم يكن أول من اكتشفها المصريون، فهم أول من أتقنها وأذاع استعمالها في بلاد الشرق، وبلاد الإغريق والرومان ومنها انتقلت إلى بلاد الغرب، واستعمل القدماء أصباغاً مستخرجة من النباتات مثل نبات النيلة والكركم وغيرهما، أو من الحيوانات مثل الحشرة القرمزية، أو من أصل معدني.
ومن الأحداث الهامة في تاريخ علم الصباغة هو اكتشاف أمريكا في منتصف القرن الخامس عشر، حيث أمكن الحصول على صبغات نباتية لم تكن معروفة من قبل في أوروبا، مثل: خشب البقم وخشب البلوط وصبغات حيوانية كالدودة القرمزية وغيرها، وقد استخدمت ببراعة فائقة، فالأحمر القرمزي مثلاً لا يصبغ القطن إلّا إذا تعرض لعملية تثبيت خاصة؛ وذلك بمعالجة الخامة بأيدروكسيد معدني، مثل: أيدروكسيد الألمونيوم أو النحاس أو الحديد.
كما أنها تعطي ألواناً مختلفة باختلاف المثبت فتعطي مع الشبّة لوناً أحمر قرمزياً ومع النحاس لوناً جنزارياً ومع الحديد لوناً بنفسجياً مائلاً للأسود، وكذلك النيلة الزرقاء التي لا يتسنّى استعمالها دون تعريضها لعملية اختزال، وبالرغم من عدم وجود مواد الاخنزال المعروفة في ذلك الوقت فقد نجح الأولون في اختزال النيلة بوساطة الغازات المتصاعدة من تخمر المواد العضوية.
ولقد كان لاكتساف الصبغات الكيميائية سنة 1856م، على يد العالم وليم بركن في لندن الأثر الأكبر في الصباغة، وذلك عندما كان يبحث هذا العالم في تركيب بعض المواد الناتجة من تقطير الفحم الحجري، حيث لاحظ عن طريق الصدفة لوناً بنفسجياً كان هو فاتحة صناعة الأصباغ، وبذلك تحول تقطير الفحم الحجري الذي كان يحصل منه على غاز الاستصباح إلى أمر ثانوي بالنسبة إلى أهمية الزيوت الناتجة من عملية التقطير للحصول على صبغات منه.
وقد فتح هذا الاكتشاف صفحة جديدة في تاريخ الصباغة، وأصبح بالإمكان الحصول على الصبغات بالطرق الصناعية دون الاستعانة بالمواد الطبيعية المحدودة، كما أدّى ذلك لاكتشاف صبغات جديدة وإلى تقدم مستمر في صناعة الصبغات وما يتبعها من طرق جديدة لاستعمالها، وكل ذلك من أجل الحصول على صبغات أرخص مادياً وأثبت لوناً وأسهل استعمالاً، لذا يمكن تقسيم الصبغات المستخدمة في صباغة النسيج إلى أقسام متعددة ومنها الصبغات الطبيعية والصبغات الكيميائية.