نبذة عن مدينة بروكسل:
كانت بروكسل موقعاً للاستيطان منذ عصور ما قبل التاريخ، ولكنها أصبحت مستوطنة جديرة بالملاحظة بعد أن بنى القديس جيري كنيسة صغيرة على ضفاف نهر سيني في عام 695، تسمى الآن ساحة سانت جيري، كما تأسست مدينة بروكسل رسمياً عام 979 على يد تشارلز دوق لوثرينجيا، الذي وضع أول ميثاق لمدينة بروكسل، ومنذ ذلك الحين شهدت بروكسل العديد من الحكام والإنعاش والثورات.
هذه المدينة التاريخية التي يعود تاريخها إلى عام 979 إلى القرن العاشر، وذلك عندما تم نقل رفات القديس جودولا على يد الدوق تشارلز من مورسيل إلى كنيسة القديس غوغريكوس في المدينة، كما تقع الكنيسة اليوم في جزيرة القديس جاوجريكوس المقدسة، في هذه الجزيرة نفسها شارل فرنسا بنى ابن الملك لويس الرابع المطرود أول حصن دائم عندما أعطى الإمبراطور الروماني المقدس أوتو الثاني له دوقية لوثارينجيا السفلى، في تلك الأيام تم الاعتراف بجزيرة سانت غوغريكوس كجزيرة سان جوريك، كما قرر كارل من فرنسا بناء كاستروم على الجزيرة الذي وضع الأساس لمدينة بروكسل.
تعرضت بروكسل للهجوم من قبل القوات التي أرسلها الملك لويس الرابع عشر ملك فرنسا في عام 1695، وقد دمر هذا الحدث الأكثر خطورة في قصف قلب المدينة وأكثر من 4000 منزل بما في ذلك مباني العصور الوسطى ودمر ثلث المدينة بالأرض، في عام 1831 اعتلى العرش أول ملك بلجيكي ليوبولد الأول، كما أصبحت بروكسل عاصمة مملكة بلجيكا الجديدة، وبدأت فترة طويلة من إعادة بناء مدينة بروكسل، حيث تم بناء مبانٍ جديدة ومثيرة للإعجاب وهدمت أسوار المدينة، وتم ترتيب المؤتمرات الدولية وإنشاء المنظمات العلمية، كما تم تشجيع أعمال الفنانين والفلاسفة والعلماء الأجانب في بروكسل.
خلال القرنين الثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر نمت بروكسل لتصبح واحدة من المدن الرئيسية في دوقية برابانت، وكان عمادها الاقتصادي هو تصنيع الأقمشة الفاخرة، والتي تم تصديرها إلى المعارض في باريس والبندقية ومنطقة الشمبانيا في فرنسا وأماكن أخرى، كما حققت تجارة القماش ثروات لعدد قليل من عائلات التجار المغامرين، الذين تطورت إلى سبع سلالات حصلت بمساعدة دوق برابانت على موقع السيادة السياسية الكاملة.
بعد أزمة سياسية طويلة سببها تمرد فاشل ضد الإمبراطور الروماني المقدس المستقبلي ماكسيميليان الأول في نهاية القرن الخامس عشر، استعادت بروكسل مكانتها كعاصمة في عهد تشارلز الخامس الذي كان إمبراطوراً رومانياً مقدساً.
أبرز المعالم الأثرية في مدينة بروكسل:
جراند بالاس بلجيكا:
هي الساحة الرئيسية في وسط المدينة القديمة المليئة بالمباني الأثرية القديمة التي يعود تاريخها إلى عامي 1696 و1700، كما أنها واحدة من أفضل الأماكن المحفوظة في أوروبا، التي تتميز بالهندسة المعمارية الفريدة مع الجملونات الرائعة والأعمدة والدرابزينات والأعمال الحجرية المنحوتة بشكل مزخرف، والزخرفة الذهبية الغنية، كما أن الطابع المميز للساحة هو توحيد أسلوبه الباروكي مع بعض التأثيرات الفلمنكية.
تأسست لأول مرة في القرن الحادي عشر وتطورت بعد فترة وجيزة لتصبح المركز السياسي والاقتصادي للمدينة، ومن أكثر المباني شهرة في الميدان هو فندق دي فيل تاون هول الذي بني في عام 1402 ويوجد بالداخل عدة غرف رائعة، ومن بين أكثرها إثارة للإعجاب غرفة ماكسيميليان المعلقة بمفروشات بروكسل، وغرفة المجلس الكبيرة ذات السقف الرائع من تصميم فيكتور يانسنس والمنسوجات على تصميماته، وقاعة المآدب الكبيرة وغرفة الزواج، وكلاهما مكسو بألواح جميلة، مع جداريات توضح تاريخ بروكسل.
مانيكن بيس:
هو من أشهر المعالم في المدينة الذي يعود تاريخ تأسيسه إلى عام 1388 ويتميز بوجود أعداد كبيرة من الزوار حوله، إلا أنه لا يُعرف الكثير عن أصل شخصية طفل صغير يتبول، يشار إليه عموماً على أنه أكبر مواطن في بروكسل، ومع ذلك فإنه محاط بأساطير مختلفة، ووفقاً لأحدهم فإن النافورة هي نصب تذكاري لطفل شجاع تجنب اندلاع حريق، وفقاً لآخر فهي تخلد ذكرى ابن أحد الكونت الذي استسلم لرغبة ملحة أثناء مشاركته في موكب، حيث تم صنع التمثال الحالي في عام 1619 من قبل جيروم دوكيسنوي الأكبر، وقد سُرق في عدة مناسبات على الرغم من أنه تم استرداده دائماً، كما خلال الاحتفالات والمناسبات والمهرجانات الرئيسية في بروكسل يشتهر التمثال بارتداء زي.
كاتدرائية سانت ميشيل وغاودلا:
تم إنشاء هذه الكنيسة القوطية المخصصة للقديسين ميخائيل وسانت جودولا شفيعي بروكسل لأول مرة في عام 1225، ولكن تم الانتهاء منها فقط في القرن الخامس عشر، تتميز بالواجهة المثيرة للإعجاب، حيث ترتفع بشكل مهيب فوق مجموعة واسعة من الدرجات وتتوج ببرجين توأمين بارتفاع 69 متراً صممهما جان فان رويسبروك، وتم تأثيث التصميم الداخلي المتناسب بشكل جميل ببذخ، وهو موطن لبعض النوافذ الزجاجية الرائعة التي أنشأها برنارد فان أورلي.
وفيها يمكن مشاهدة أروع الأمثلة التي تصور تشارلز الخامس وإيزابيلا من البرتغال في الجناح الجنوبي والزوج الملكي المجري لويس الثاني وماري في الجناح الشمالي، ثم إلى كنيسة القربان المقدس على يسار الجوقة، حيث توضح النافذة قصة معجزة القربان.
موقع قصر كودينبيرج الأثري:
هو من أهم المعالم الأثرية الموجودة في المدينة ومن الأشياء الفريدة التي لا بد من اكتشافها، والذي أعيد اكتشافه في الثمانينيات، كما تم التنقيب عن القصر للكشف عن أقبية وأنفاق قصر بروكسل السابق، وكذلك الشوارع المنسية التي دفنت تحت المدينة لقرون، كما تم مسح أسس قصر العصور الوسطى للسماح للسائحين بالاستكشاف، ويحتوي الموقع على أدلة صوتية مجانية تنقلك إلى موقع الحفر، وهناك أيضاً برامج تفاعلية تشجع الأطفال على المشاركة، والتي تتضمن مصباحاً يدوياً وخريطة كنز وقطع أزياء لتلك الفترة ولغز لحلها.
نوتردام دو سابلون:
هي من أجمل الكنائس القوطية في البلاد، حيث يعود تاريخ بناءها إلى القرنين الخامس عشر والسادس عشر، كما أنها بديل لمصلى صغير أقيم لأول مرة على الامتداد الرملي في عام 1304، وداخل الكنيسة يخطف الأنفاس لا سيما بسبب زجاجها الملون الرائع، ومما يثير الاهتمام أيضاً مصلى الدفن الخاص بعائلة ثورن تاكسي، كما يوجد في الخزان تمثال للعذراء نسخة عنه، كما تقول الأسطورة لمادونا أحضرتها إلى الكنيسة عام 1348 من قبل امرأة من أنتويرب بيت سوتنس التي ظهرت لها العذراء.
دير لا كامبر:
في عام 1200 أسست الراهبات السيسترسيات ديراً، والذي تم تدميره لاحقاً في القرن السادس عشر، ولكن أعيد بناؤه بعد ذلك، الآن يقع الدير في حدائق فرنسية جميلة، ويضم المعهد الجغرافي الوطني وكلية الفنون، كما أن كنيسة الدير السابقة التي تعود للقرن الرابع عشر عبارة عن مبنى نحيف وأنيق به قبو على الطراز الباروكي، ويوجد بالداخل لوحة لألبرت بوتس الاستهزاء بالمسيح وضريح القديس بونيفاس أسقف بروكسل في القرن الثالث عشر، كما تم تزيين نوافذ الدير بأذرع أكثر من 40 من الدير والراهبات.
قاعة المدينة:
هي من أجمل المعالم في المدينة التي يعود تاريخ بناءها إلى أوائل القرن الخامس عشر، كما أنها تتميز بفن العمارة القوطية وإنها آخر مبنى من العصور الوسطى في ساحة المدينة القديمة، وتم تزيين قاعة المدينة القديمة بـ 137 تمثالاً لأشخاص مهمين، مثل النبلاء والقديسين في تاريخ المدينة، ويعلو المبنى مستدقة أنيقة تصدرت في حد ذاتها تمثالاً بارتفاع 5 أمتار للملك ميخائيل.