“Shushan” وتسمى أيضاً “Susa”، وتعتبر واحدة من أكثر المعالم التاريخية شهرةً في إيران، حيث تم إدراجها ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، حيث تضم مجموعة من التلال الأثرية المرتفعة والعديد من الآثار المعمارية المحفورة، التي تجذب الكثير من الزوار.
تاريخ مدينة شوشان
يعود تاريخ مدينة شوشان إلى 7000 قبل الميلاد، حيث تطورت وأصبحت مركزاً تجارياً وإدارياً وسياسياً، تتمتع بتأثيرات ثقافية مختلفة بفضل موقعها الاستراتيجي على طول طرق التجارة القديمة، وكانت ذات يوم المقر الشتوي لملوك الفرس بعد أن استولى عليها كورش الكبير.
وأصبحت شوشان جزءاً من الإمبراطورية الفارسية تحت حكم كورش الثاني الكبير عام 538 أو 539 قبل الميلاد، وتظهر مدينة شوشان كنقطة التقاء بين حضارتين عظيمتين أثرت كل منهما على الأخرى؛ حضارة بلاد ما بين النهرين وحضارة الهضبة الإيرانية، حيث شهدت دوراً مهماً، إما كعاصمة للعيلامين، أو للإمبراطورية الأخمينية أو كمركز استراتيجي تسعى إليه القوى المجاورة، وكانت المدينة القديمة تقع بين نهري الكرخه وديز الحديثتين، مما أدى إلى نزول الطين من جبال زاغروس مما يجعل المنطقة واحدة من الأكثر خصوبة في المنطقة.
وكانت المدينة المركز السياسي لعيلام في وقتٍ مبكر من الألفية الرابعة قبل الميلاد، وهناك حصن لا يزال قائماً يعود إلى هذه الفترة بالإضافة إلى أنقاض المباني من العصور الفارسية والمقدونية والسورية اليونانية والبارثية، مما جعل شوشان تتمتع بأهمية تاريخية خاصة، لأن مكانها يوفر دليلاً هاماً على تطور الثقافات في المنطقة على مدى فترة زمنية طويلة.
وفي عام 1764 قبل الميلاد، قام حمورابي ملك بابل بنهب المدينة وحمل تماثيل آلهة المدينة، انتقاما من العدوان العيلامي، بعد ذلك دمر الملك الآشوري آشور بانيبال شوشان بالكامل بين 645-640 قبل الميلاد، للانتقام من الظلم المتصور الذي عانى منه شعب بلاد ما بين النهرين على أيدي العيلامين.
بعد ذلك أعيد بناء المدينة وسكنها في وقتٍ ما بعد هجوم آشور، بانيبال فقط ليحتلها الملك الفارسي كورش الكبير في 540 قبل الميلاد، بعد ذلك جعلها قمبيز الثاني عاصمة للإمبراطورية الفارسية، وأعيد بناؤها وتوسيعها من قبل الملك الفارسي داريوس الكبير الذي فضلها على مساكنه الأخرى.
بدأت الهندسة المعمارية والتصميم اليوناني في الظهور بجانب الأعمال القديمة للعيلامين والفرس، وظلت المدينة مركزاً فكرياً ودينياً وثقافياً مهماً، حتى تم إقالتها من قبل الجيوش الإسلامية عام 638 م ودمرت، ثم أعيد بناؤها مرةً أخرى، وازدهرت حتى عام 1218م، عندما تم تدميرها تماماً بواسطة غزو المغول.
تم تنفيذ الجهود الأولى في شوشان في عام 1854م، مع إجراء أول تنقيب جاد ومنهجي في عام 1884م، بقيادة عالم الآثار الفرنسي جاك دي مورجان، واستمرت الحفريات في القرنين التاسع عشر والعشرين الميلاديين، حيث تشمل الآثار المعمارية المحفورة، الهياكل الإدارية والسكنية والفخمة.
ويحتوي الموقع على عدة طبقات من المستوطنات الحضرية التي يعود تاريخها إلى الألفية الخامسة قبل الميلاد وحتى القرن الثالث عشر الميلادي، وعلى الرغم من أنه تم التنقيب عنها والبحث فيها منذ أكثر من 150 عاماً، إلا أن جزءاً كبيراً من الموقع القديم لا يزال مدفوناً.
المعالم الأثرية في مدينة شوشان
تقع مدينة شوشان في جبال زاغروس السفلى، على بعد حوالي 250 كيلومتراً شرق نهر دجلة وبين نهري خارقة ودز، وتعتبر واحدة من أقدم وأهم المدن الأثرية في إيران، حيث تعود أقدم البقايا إلى العصر الحجري الحديث في الألفية الرابعة، حيث تم العثور على ثمانية أنماط من الفخار، والتي تتميز بتمثيلات لحيوانات منمنمة.
وعندما بدأ علماء الآثار الفرنسيون التنقيب في الموقع في القرن التاسع عشر، أدت الوفرة المذهلة للاكتشافات إلى توسيع فهمنا للشرق الأدنى القديم بشكل كبير، وتم نقل القطع الأثرية إلى باريس من خلال اتفاقية دبلوماسية، وأصبحت محوراً لمجموعة اللوفر العظيمة لآثار الشرق الأدنى.
وقد أسفرت عمليات التنقيب في المدينة عن اكتشافات فخارية ملفتة للنظر من فترة ما قبل التاريخ، حيث يتبع الإنتاج الغني أشياء للاستخدام اليومي والطقوس والمعيشة الفاخرة، منحوتةً بدقة في مواد مختلفة أو مصنوعة من الطين، والعديد من الأختام الأسطوانية الصغيرة المنحوتة بشكلٍ معقد ومجوهراتٍ رائعة، بالإضافة إلى ألواح طينية من فتراتٍ لاحقة تحمل نقوشاً مسمارية تسجل التاريخ السياسي والأدب والمعاملات التجارية والحسابات الرياضية.
كما تم العثور في المدينة على بقايا ضئيلة لقاعة كبيرة مليئة بالأعمدة، بالإضافة إلى 4 مناطق رئيسية تقع جميعها ضمن نفس الحدود؛ الأكروبوليس والأبادانا والمدينة الملكية ومدينة الحرفيين، وقصراً يحتوي على العديد من الغرف وتيجاناً مزدوجة على شكل ثور، ومبنى “شاتو”، وهو عبارة عن حصن وهمي من العصور الوسطى بناه عالم الآثار الفرنسي دي مورغان في أواخر تسعينيات القرن التاسع عشر، ليكون مقراً للمعيشة وقاعدة عملياتية ولتأمين الأمن ضد رجال القبائل المقتحمين.