اقرأ في هذا المقال
ما هو نهر السنغال؟
في عام 1972 قامت مالي وموريتانيا والسنغال بتأسيس منظمة (pour la mise en valeur du fleuve Sénégal OMVS) لإدارة حوض النهر، وانضمت غينيا في عام 2005، وفي الوقت الحاضر يتم استخدام النهر بشكل محدود للغاية لنقل البضائع والركاب، ونظرت (OMVS) في جدوى إنشاء قناة صالحة للملاحة بعرض 55 متراً بين بلدة (Ambidédi) الصغيرة في مالي وسانت لويس على مسافة 905 كيلومترات، فسيعطي مالي غير الساحلية طريقاً مباشراً إلى المحيط الأطلسي.
خصائص نهر السنغال:
من بين منابع النهر المختلفة يرتفع كل من (Falémé) ،(Bafing) في الأحجار الرملية بهضبة (Fouta Djallon) في غينيا، بينما يرتفع (Bakoye) في غرب مالي، ويلتقي كل من (Bafing) ،(Bakoye) في (Bafoulabé) في مالي لتشكيل Sénégal) ،650) ميلاً (1050 كم) من فمه، ثم ينضم التيار إلى (Falémé) بالقرب من (Bakel) في السنغال، ومن (Bakel) إلى (Dagana) على مسافة 385 ميلاً (620 كم) يتدفق النهر عبر وادي طمي يصل عرضه إلى 12 ميلاً (19 كم)، حيث تأتي الفيضانات في أوائل سبتمبر في باكل، لتصل إلى داغانا بحلول منتصف أكتوبر، وخلال موسم الفيضان يرتفع منسوب المياه 12 قدماً (3.5 متراً)، ويكون التدفق أكبر بحوالي 300 مرة مما كان عليه في موسم الجفاف، ويحتل النهر الوادي بأكمله.
الحياة على نهر السنغال:
الأشجار النموذجية لوادي السنغال هي أكاسيا، ولا سيما أكاسيا نيلوتيكا، التي تنمو بغزارة على الضفاف، التي توفر الصمغ العربي للتجارة وتنمو على منحدرات أكثر جفافاً، حيث ينمو عشب (Vetiveria nigritiana) في خصلات في المنخفضات الرطبة، وفي المناطق الجافة بالقرب من جوانب الوادي ينتشر (A. albida) ،(Balanites aegyptiaca) (شجرة ذات فروع شائكة) والأعشاب، ويتعرض النهر للصيد الجائر لكن سمك الفرخ النيلي شائع، كما تنتشر (Spoonbills)، مالك الحزين، البلشون وطيور الحائك، ومن بين الحيوانات الموجودة على ضفاف النهر، تعتبر القنافذ والسحالي والخنازير شائعة إلى حد ما.
كما أن وادي (Sénégal) أسفل (Dagana) مأهول بشكل أساسي بالولوف، والمنبع من (Dagana) إلى ما بعد (Matam) مأهولة بشكل رئيسي من قبل (Tukulor Tokolor)، وبعد ذلك (Soninke Serahuli) يهيمن، حيث يبلغ متوسط عدد سكان القرى حوالي 300 نسمة باستثناء منطقة الدلتا ذات الكثافة السكانية المنخفضة، وتم العثور على مجموعات صغيرة من الفولاني وماوري (موور أو مور) في جميع أنحاء المنطقة القريبة من نهر السنغال.
أفضل الأراضي الزراعية على طول نهر (Sénégal) هي في الوادي الغريني بين (Bakel) ،(Dagana)، وهذه المنطقة هي الجزء الأكثر كثافة سكانية في الوادي، فمع تراجع الفيضانات كل عام تزرع مجموعة متنوعة من المحاصيل (بما في ذلك الدخن والأرز والخضروات) وتنمو وتنضج بسرعة، ويزرع الدخن أيضاً في الأراضي البعلية، وكلا المنطقتين توفر المراعي للماشية.
تم تحسين زراعة الأرز في الأراضي التي تراجعت عنها الفيضانات محلياً عن طريق السدود، حيث تم إنشاء مصارف المياه بشكل أساسي على ضفة النهر السنغالية، كما تم استخدام مضخات الديزل في البنوك الموريتانية، وفي (Richard-Toll) تُروى مساحة كبيرة عن طريق سد عبر (Taoué Taouey)، وهو مجرى رافد تتغلغل فيه فيضانات (Sénégal) إلى بحيرة (Guier)، وتمت زراعة الأرز وقصب السكر هناك باستخدام المعدات الآلية والعمالة المدفوعة، على الرغم من أن غلة الأرز كانت أقل من المتوقع بسبب التربة المالحة ونهب طائر الكويليا.
في الدلتا يتحكم جسر بطول 50 ميلاً (80 كم) في دخول مياه الفيضانات إلى حوالي 120 ميلاً مربعاً (310 كيلومترات مربعة)، وقد تم تجهيز جزء منها للزراعة، حيث يقع سد دياما على بعد حوالي 25 ميلاً (40 كم) من المنبع من سانت لويس، ويسمح لمياه الفيضانات بالمرور عبر بوابات السد مع منع زحف المياه المالحة، ولقد حسنت إلى حد كبير إمدادات المياه العذبة في منطقة الدلتا وفي نفس الوقت سهلت الملاحة، كما تم استغلال الإمكانات الكهرومائية لجزر السنغال من خلال المحطات الكهرومائية في دياما والمنبع في مانانتالي في مالي، وتم تنفيذ هذه المشاريع بشكل مشترك بين مالي وموريتانيا والسنغال.
أدى تمديد خط سكة حديد من كايس في مالي إلى داكار (اكتمل في عام 1923) إلى تحويل حركة المرور التي كانت تمر في السابق عن طريق النهر، وبعد ذلك تراجعت الأهمية الاقتصادية للوادي، ومع ذلك يتم نقل حركة المرور المحلية بواسطة قوارب السحب الضحلة من سانت لويس إلى كايس، ومعظم حركة المرور بين الموانئ النهرية الموريتانية روسو وبوغوي وكايدي، وتوجد عبّارات صغيرة في روسو وكايس، وهناك طريق سريع موسم الجفاف عبر النهر في كايس، وكانت سانت لويس ذات يوم ميناءً بحرياً، ولكن حل محلها المرفأ الأعلى في داكار على بعد 160 ميلاً (260 كم) إلى الجنوب بعد أن تم افتتاح خط سكة حديد داكار سانت لويس في عام 1886.
استكشاف نهر السنغال:
في العصور الوسطى وصلت تقارير عن وجود نهر السنغال مثل “نهر الذهب” إلى الملاحين الأوروبيين، ومن القرن السادس عشر إلى القرن العشرين، شكل النهر طريقاً لتقدم النفوذ الاستعماري الفرنسي، ودخلت السفن الفرنسية المصب على الأقل في عام 1558، ومن الحصن الفرنسي الذي تم إنشاؤه عام 1638، ذهبت فرق الاستطلاع 160 ميلاً فوق النهر إلى بودور، وفي عام 1659 تم تشييد حصن أكبر في جزيرة ندار في المصب وسمي سانت لويس دو سينيجال باسم الملك الفرنسي لويس التاسع (سانت لويس).
أصبحت هذه قاعدة للاستكشاف الفرنسي للنهر وللتجارة في العبيد والصمغ والذهب والجلود والعاج وشمع العسل وريش النعام، حيث قام (André Brüe) ببناء موقع (Saint-Joseph-de-Galam) أربعمائة ميل (640 كم) من المنبع في عام 1698، ووصلت الأطراف التي أرسلها إلى (Félou Falls) فوق (Kayes) بعد فترة وجيزة، فقد صعد البعض إلى (Falémé)، حيث تم بناء حصن آخر، واخترق بيير دافيد ذلك النهر بعيداً في عام 1744، وفي القرنين العشرين والحادي والعشرين كان الكثير من تركيز النشاط على تنمية موارد السنغال، ومنذ عام 1972 تم تنفيذ ذلك بشكل تعاوني بين مالي وموريتانيا والسنغال تحت رعاية منظمة تنمية نهر السنغال، وانضمت غينيا إلى المنظمة في مارس 2006.
تاريخ نهر السنغال:
كان وجود نهر السنغال معروفاً لحضارات البحر الأبيض المتوسط المبكرة، وكان يُسمَّى نهر بامبوتوس أو نهر آخر آخر من قبل بليني الأكبر (ربما من “العملاق” الفينيقي لفرس النهر) ونياس لكلوديوس بطليموس، حيث زارها القرطاجي هانو حوالي 450 قبل الميلاد أثناء ملاحته من قرطاج عبر أعمدة هيراكليس إلى ثيون أوشيما (جبل الكاميرون) في خليج غينيا، وكانت هناك تجارة من هنا إلى عالم البحر الأبيض المتوسط ، حتى تدمير قرطاج وشبكة التجارة في غرب أفريقيا عام 146 قبل الميلاد.
في أوائل العصور الوسطى (حوالي 800 م)، أعاد نهر السنغال الاتصال بعالم البحر الأبيض المتوسط من خلال إنشاء طريق التجارة عبر الصحراء بين المغرب وإمبراطورية غانا، حيث قدم الجغرافيون العرب مثل المسعودي من بغداد (957) والبكري ملك إسبانيا (1068) والإدريسي من صقلية (1154)، بعضاً من أقدم الأوصاف لنهر السنغال، واعتقد الجغرافيون العرب الأوائل أن نهر السنغال الأعلى ونهر النيجر الأعلى مرتبطان ببعضهما البعض، وشكلوا نهراً واحداً يتدفق من الشرق إلى الغرب، وأطلقوا عليه اسم “النيل الغربي”، وفي الواقع تقع بعض منابع نهر السنغال بالقرب من نهر النيجر في مالي وغينيا.
وكان يُعتقد أنه إما فرع غربي لنهر النيل المصري أو مأخوذ من نفس المصدر (يُعتقد بشكل مختلف أنه جزء داخلي كبير من بحيرات جبال القمر، أو جير بطليموس (Γειρ) أو تيار جيحون التوراتي)، كما أن الجغرافيون العرب عبد الحسن علي بن عمر (1230) وابن سعيد المغربي (1274) وأبو الفدا (1331)، وصفوا السنغال باسم “نيل غانا” (نيل جانا أو نيلي جنة).
عندما وصل نهر السنغال إلى قلب إمبراطورية غانا المنتجة للذهب ولاحقاً إمبراطورية مالي، أعطى التجار عبر الصحراء للسنغال لقبها الشهير (نهر الذهب)، ووصلت القصص العابرة للصحراء حول (نهر الذهب) إلى آذان التجار الأوروبيين في منطقة شبه جبال الألب الذين كانوا يترددون على موانئ المغرب وأثبت الإغراء أنه لا يقاوم، ويذكر المؤرخون العرب ما لا يقل عن ثلاث بعثات بحرية عربية منفصلة آخرها نظمتها مجموعة من ثمانية مغارارين (متجولون) من لشبونة (قبل 1147)، حيث حاولت الإبحار أسفل ساحل المحيط الأطلسي ربما في محاولة للعثور على مصب السنغال.
رسم من الأسطورة الكلاسيكية والمصادر العربية وجد “نهر الذهب” طريقه إلى الخرائط الأوروبية في القرن الرابع عشر، وفي (Hereford Mappa Mundi) (حوالي 1300) يوجد نهر يُسمَّى (Nilus Fluvius) مرسوم بالتوازي مع ساحل أفريقيا، وإن كان بدون اتصال مع المحيط الأطلسي (ينتهي في بحيرة)، وهو يصور بعض النمل العملاق الذي يستخرج غبار الذهب من رماله.