التغيرات البيولوجية التي تحدث للجسم عند أداء التمارين ذات الطبيعة المنتظمة

اقرأ في هذا المقال


يعتمد سرعة تغير العمليات البيولوجية أثناء النشاط العضلي على العدد الإجمالي للعضلات التي تساهم في أداء النشاط الرياضي، ونظام عمل العضلات والشدة والفترة وعدد التمارين وفترات الراحة بين التمارين.

التغيرات البيولوجية التي تحدث للجسم عند أداء التمارين ذات الطبيعة المنتظمة

تقسم العضلات تبعاً لعددها المشارك في أداء الواجب إلى عضلات موضعية في حال ساهم 1/4 العدد الإجمالي لعضلات الجسم، وشاملة في حال ساهم 3/4 العدد الإجمالي لعضلات الجسم؛ بسبب العمل الشامل من مشي وجري وسباحة، ويحصل بسبب ذلك تغيرات بيو كيميائية كبيرة في جميع أعضاء الجسم وأنسجته، وأما بالنسبة للعمل الموضعي مثل سحب القوس أثناء الرمي، فإنه يمكن أن يحدث تغيرات في العضلات العاملة ولكن تغيرات بيو كيميائية كبيرة في الجسم لن تحدث.

وبسبب العمل البدني الشامل مثل تمارين الجمناستك (Gymnastics) المختلفة وضرب الكرة من وضع الوقوف، فإنه سوف يحصل للاعب تغيرات بيو كيميائية أكبر مما يسببه العمل الموضعي، وكلما انحصر موضع العمل أكثر عند العمل على تنفيذ عمل عضلي خارجي بحجم واحد، كلما كانت نسبة التفاعلات اللاهوائية في تأمين الطاقة أكبر، ويسبب العمل الشامل نشاطاً أكبر للجهاز التنفسي ومنظومة الأوعية القلبية، وهنا تؤمن العضلات بالأكسجين بطريقة أفضل، ولذلك يساهم في عملية تأمين الطاقة لها وبنسبة كبيرة تفاعل إعادة تكوين “ATP” وهي اختصار لـ “Adenosine triphosphate”

ويؤثر النشاط العضلي بصورة عالية في المتغيرات الفسيولوجية، ويؤدي النظام الاستراتيجي للتقلص العضلي للضغط على الشعيرات، وإذا كانت قوة الانقباض كافية وتتجاوز ضغط الدم في الشرايين فإنها تؤدي إلى ضعف تأمين العضلات بالأكسجين والمواد الغذائية، ويساهم التفاعل اللاهوائي بحصة كبيرة في هذا العمل، ويعمل النظام الديناميكي على تأمين الأنسجة بالأكسجين بصورة أفضل؛ وذلك لأن تقلص العضلات المتقطع تكون كمضخة من نوع خاص يدفع بالدم خلال الشعيرات، ولا تحتاج الراحة التي تتبع العمل الاستراتيجي إلى السكون، وإنما إلى عمل ديناميكي.

تعتمد العمليات البيو كيميائية على قدرة العمل العضلي المنفذ واستمراريته، ويظهر ذلك من خلال أنه كلما كانت القدرة أكبر كلما ازداد تحلل ATP، وكانت إمكانية تلبية الطلب الأكسجيني من خلال العمليات التنفسية أقل وبالتالي فإن العمليات اللاهوائية لإعادة تكوين ATP أكبر، كما أن زيادة قدرة العمل المنفذ يؤدي إلى مضاعفة مستوى استهلاك الأكسجين وسرعة تأمين الطاقة الهوائية إلى القيمة القصوى، وعندما تقترب القدرة من القيمة العظمى ستنخفض حصة العملية الهوائية في تأمين الطاقة.

كما أن ذلك الشيء يحدث ليس بسبب انخفاض الحاجة إلى الطاقة، وإنما لأن هذا العمل يكون قصيراً نسبياً، ولذلك لا تتمكن العمليات الهوائية من التطور بصورة كاملة، والقدرة التي يصل فيها الجهد إلى الحد الأقصى لاستهلاك الأكسجين تسمى بالقدرة الحرجة، وإلى أن يتم بلوغ القدرة الحرجة فإن أي زيادة في ثقل العمل ستصاحبه زيادة طردية في العمليات الهوائية لإعادة تكوين ATP وإذا ما تم تجاوز القدرة الحرجة فإن ثقل العمل يمكن أن يزداد باتجاه العمليات اللاهوائية.

كما أن تطورها يبدأ عند قدرة أبطأ من القدرة الحرجة، ويطلق على قدرة التمارين التي يلاحظ فيها لأول مرة نمو العمليات اللاهوائية بعتبة التبادل اللاهوائي، وتساوي هذه العتبة عند الأشخاص الذين لا يمارسون الرياضة 45_ 50% من القدرة الحرجة، كما تساوي عند الرياضيين 60_ 75% وعند تجاوز عتبة التبادل اللاهوائي تتضاعف بشدة حصة التفاعلات اللاهوائية في تأمين العمل، كما أن المضاعفة الكبيرة التي تحدث في نواتج الطاقة تكون عند تحلل السكر.

كما أن أكبر دور لتحلل السكر كمصدر للطاقة نتيجة للتكيف الرياضي هو ذلك الدور الذي يتحقق عندما تكون القدرة مساوية 60_ 85% من القدرة العظمى، وأما القدرة التي يتم عندها بلوغ أكبر تطور لعملية تحلل السكر فيطلق عليها القدرة القليلة، ويطلق على القدرة القصوى الممكنة للإنسان بالقدرة اللاهوائية العظمى، وفي هذه الحالة يمكن بلوغ القيمة العظمى لسرعة تكوين الطاقة في عملية الفسفوكرياتين، كما ترتبط قدرة العمل بصورة طردية مع استمرارية العمل نفسه.

فكلما كانت القدرة أكبر كلما حصلت التغيرات البيو كيميائية بصورة أسرع؛ مما يؤدي ذلك الشيء إلى التعب وكلما كانت فترة العمل أقصر، كما أن العوامل التي تحدد كفاءة الجسم في مناطق القدرة متباينة، ويؤمن العمل الذي ينفذ في منطقة القدرة العظمى بالطاقة بالدرجة الأساسية بواسطة التحلل السكري اللاهوائي، وتظهر في الدم وبكمية كبيرة من كميات حامض اللبنيك، ويمكن للطلب الأكسجيني عند تنفيذ مثل هذا العمل أن تبلغ كميته 20_ 30 لتراً، في حين يتجاوز مستوى صرف الطاقة بحوالي 4_ 5 مرات من القيمة العظمى للإنتاج الهوائي للطاقة.

ويتضاعف عند نهاية العمل حصة العمليات الهوائية في تأمين الطاقة اللازمة للاعب، ويكون الدين الأكسجيني في هذه المنطقة هو الأكبر بالقيمة المطلقة 20 لتراً ويشكل 50_ 90% من قيمة الطلب الأكسجيني، ويمكن لمستويات السكر في الدم أن يبلغ 2 غم وتحت تأثير نواتج الانحلال اللاهوائي؛ تتغير نفاذية الحجاب الخلوي وتتضاعف كمياته في الدم، ويمكن لها أن تخرج مع البول إذ تصل نسبة تركيزها إلى 1.5%.

وأما في منطقة القدرة الكبيرة تتخذ مصادر الطاقة الهوائية الأهمية الأساسية عندما يكون مستوى نمو عمليات التحلل السكري كبيرة، وتنخفض بشدة حصة العمليات اللاهوائية كلما طالت الفترة الزمنية، ويمكن في مثل هذه القدرة للطلب الأكسجيني أن يبلغ 50_ 150 لتراً، كما يتضاعف مستوى صرف الطاقة بسبب التكيف بحوالي 1.5_ 2 مرة أكبر من الإنتاج الهوائي للطاقة، ويساوي تركيز حامض اللبنيك في الدم 1.8_ 1.5 غرام والسكريات حوالي 1.5، ويكون تنفيذ التنظيم على أشده في منطقة القدرة المعتدلة إذ تتخذ العملية الهوائية لإنتاج الطاقة قيمتها العظمى.

ومن الممكن أن تتخذ قيمة الطلب الأكسجيني من 500_ 1500 لتر والدين الأكسجيني يتجاوز 5 لترات، كما يساوي تركيز حامض اللبنيك في الدم 0.6_ 8.0 وهو يمكن أن يتم التخلص منه أثناء ممارسة اللاعب للنشاط البدني، وتنخفض قيمة السكريات في الدم إلى دون 8.0 نتيجة الاستهلاك الشديد لاحتياطي الطاقة، كما أن مستوى الأمونيا يتضاعف كثيراً عندما لا يحدث توازن في الحالة الثابتة للعمليات الاستراتيجية، وكذلك في حالة تنفيذ حمولة عضلية طويلة؛ ويؤدي العمل الطويل إلى الوصول بشكل سريع إلى حالة التعب، وخاصة إذا بدأ اللاعب بالسرعة والقدرة القصوى.

كما يعد استهلاك الأكسجين أكثر المؤشرات دقة لشدة وحجم الآليات الهوائية في تأمين الطاقة، ويمكن لمستوى تطور التحلل السكري أن يقوم بالتغيرات التي تحدث خلال فترة من العمل، وفي اللحظات الأولى للاستعادة في تركيز حامض اللبنيك.

ويساعد تغير مؤشرات التوازن الحامضي القلوي على الاستنتاج في قابلية الجسم بمقاومة التأثيرات السيئة للنواتج الحامضية في التبادل اللاهوائي، كما يعتمد تركيز النواتج على التبادل في الدم وعلى تكوينها في الخلايا وانتشارها خلال الأغلفة واستعمالها من قبل الأعضاء والأنسجة، وعليه فإن المؤشر نفسه الذي يتم قياسه في الدم بدقة متباينة يمكن في طروف متباينة للنشاط العضلي أن يعكس التغيرات التي تحدث في الخلايا العضلية.

كما أن وجود السكر في الدم يعني أشياء كثيرة حول سرعة تجميع احتياطي الكربوهيدرات في الكبد، ففي بداية النشاط البدين وكذلك عند العمل على تنفيذ تمرين قصير الزمن بقدرة عالية يتضاعف تركيز السكر في الدم، وعند تنفيذ نشاط بدني في ظروف مستقرة فإن تركيزه في الدم يكوم مقارباً لمستوى الراحة؛ وذلك لأن سرعة وروده إلى الدم وسرعة استعماله في العضلات متساوية تقريباً، وعند العمل على تنفيذ عمل طويل يهبط تركيز السكر في الدم إلى دون مستوى الراحة.

ويعطي تغير تركيز حامض اللبنيك في الدم تصوراً كافياً حول شدة عملية التحلل السكري، ويتميز حامض اللبنيك بكفاءة سرعة تنافذه من العضلات العاملة إلى الدم، وأما أكسدته اللاحقة أثناء التعب فتحدث بسرعة بطيئة، بحيث يعتمد تركيزه في الدم على سرعة التكوين في الخلايا العضلية وفي العادة يكون تركيز حامض اللبنيك في الخلايا العضلية أكبر بعض الشيء مما عليه في الدم، وفي تلك الحالة يصبح التركيز أكبر مما يمكن وستحل عملية التوازن.

ويساوي تركيز حامض اللبنيك في الدم في حالة الهدوء 1.0_ 2.0 تبعاً للتكيف، وعند بداية النشاط الرياضي تتعزز عملية تكوين حامض اللبنيك في العضلات وخروجه من الدم بصورة قوية، كما أن زيادة التركيز في الدم لا يحدث مباشرة وإنما بعد مضي بضع دقائق على بداية العمل، كما يتعزز دور تبادل الطاقة في المخ خلال فترة الجهد العضلي، وهو ما يظهر من خلال مضاعفة استهلاك المخ للسكر والأكسجين الموجودين في الدم، ويزود المخ تماماً كما يزود القلب بالطاقة من خلال العمليات الهوائية.


شارك المقالة: