نبذة عن دور المهارات المعرفية في ضبط السلوك الحركي الرياضي:
أدى التباعد الاجتماعي وعدم اليقين في ممارسة الرياضة وممارستها إلى خلق فرصة فريدة للرياضيين الشباب، في حين أنهم قد لا يتمكنون من قضاء الكثير من الوقت في إجراء التدريبات أو رفع الأثقال مع زملائهم في الفريق، حيث يمكن لكل رياضي التركيز على جزء من أدائه فغالبًا ما يتم تجاهله المهارات المعرفية. ومن خلال هذا الوقت، يتم التأكيد على فكرة التركيز على الأشياء الملموسة التي يمكن للرياضيين القيام بها بمفردهم.
كما تشير المهارات المعرفية إلى القدرة على تحديد واكتساب المعلومات البيئية في المجتمع الرياضي؛ من أجل دمجها مع المعرفة الموجودة، حيث أن بعض أهم المهارات المعرفية لأي رياضي هي التركيز والانتباه البصري والتتبع البصري واتخاذ القرارات بسرعة، فعلى سبيل المثال تظهر الأبحاث أن معظم لاعبي الوسط المتميزين يحركون أعينهم بسرعة أكبر إلى المستلم الأكثر انفتاحًا، ويتيح لهم انتباههم البصري اتخاذ قرار سريع لرمي الكرة أو الاحتفاظ بها والركض.
كما أنهم يبقون تركيزهم واهتمامهم على هدفهم لفترة أطول، مستخدمين مهارات التتبع البصري لديهم لمنح عقولهم مزيدًا من الوقت لاتخاذ القرار الصحيح.
كيف يمكن للرياضيين تحسين مهاراتهم المعرفية؟
يمكن للأفراد الرياضيين المشاركة في التدريب البصري لتحسين المهارات المعرفية، فعلى سبيل المثال، يمكن للرياضيين تدريب التركيز البصري بشكل أفضل من خلال النظر إلى عنصر قريب، ثم إعادة تركيز رؤيتهم بسرعة على عنصر بعيد، ومن خلال تكرار هذا التمرين، يمكن للرياضيين إعادة تركيز عيونهم وتقييم التفاصيل القريبة والبعيدة.
كما يمكن للرياضيين أيضًا القيام بتمارين لتحسين إدراك العمق والوعي المحيطي، والعديد من المهارات البصرية الأخرى التي يمكن أن تساعدهم على أداء أفضل في رياضتهم، فإن العمل على كيفية عمل العينين معًا والسعي وراء الأهداف والتحول بين الأهداف ومدة بقاء الرياضي على النظر إلى الهدف؛ كلّها أمثلة على التمارين البصرية.
حيث تعد مراجعة الأفلام أيضًا جانبًا أساسيًا لتحسين المهارات المعرفية لدى الرياضيين؛ لأنها تساعدهم على رؤية المجالات التي يمكنهم فيها تحسين القدرات البدنية والمعرفية، ويمكن للرياضيين تحقيق ذلك من خلال تسجيل ألعابهم أو ممارساتهم ومشاهدتها لاحقًا.
ويمكن للرياضيين تدريب مهاراتهم المعرفية في المنزل مع التباعد الاجتماعي بأمان، ويمكنهم أيضًا قضاء بعض الوقت في التفكير فيما إذا كانوا بحاجة إلى إيلاء المزيد من الاهتمام أثناء التدريب أو تحسين تركيزهم أثناء اللعبة، في حين أن هذه التمارين قد لا تشعر على الفور بأنها مفيدة مثل التكييف أو التدريبات، إلا أنها يمكن أن تحدث فرقًا كبيرًا في الأداء الرياضي العام.
فعلى سبيل المثال تتضمن كل حركة كرة قدم عنصرًا معرفيًا، ويتخذ اللاعبون القرارات مع لعب الدماغ دورًا في تحليل جميع المحفزات التي يتعرض لها اللاعب وتمكين اللاعبين من اتخاذ القرارات الصحيحة، فإن قرارات كرة القدم هي قرارات طبيعية وديناميكية حيث يتعين على اللاعبين اتخاذ قرارات صحيحة أثناء تعرضهم لضغوط ووقت محدود، وأثناء شدة التمرين وأحيانًا بموارد ومعلومات محدودة، ولا يتم تكرار تسلسل هذه الإجراءات طوال المباراة ولا يمكن التنبؤ بها بدقة.
فإن عملية صنع القرار في كرة القدم معقدة للغاية وتتطلب مستوى عال من المهارة سيتعامل كل لاعب مع الموقف بطريقته الفردية، ويعتمد على مزيج من الحدس والخبرة وقوانين اللعبة، حيث أن الآليات المعرفية الخاصة بالمجال التي يكتسبها الخبراء تمكنهم من توقع طلبات الاسترجاع المستقبلية، والتنبؤ بشكل صحيح بنتيجة الموقف والتكيف في بيئة ديناميكية.
ويتمتع لاعبون كرة القدم بلياقة بدنية وقد يساعدهم تدريبهم البدني في زيادة الإدراك، ويعمل التدريب البدني والعقلي على تعديل تكوين وعمل الخلايا العصبية، حيث يزيد التدريب البدني من عدد الخلايا العصبية الجديدة بينما يزيد التدريب العقلي من بقاء الخلايا العصبية عند الجمع بين التدريب والتحفيز الذهني والبدني سيزيد من الأداء المعرفي.
فإن الذكاء هو وظيفة معرفية معقدة تمت مناقشتها فيما يتعلق بالذكاء الرياضي، حيث أن الخصائص الفكرية التي تؤثر على الأداء الرياضي مثل معالجة المعلومات والمعرفة والخبرة واتخاذ القرار، ووقت رد الفعل والتوقيت والذاكرة والتذكر والرؤية والمعالجة الحسية والانتباه، والتوقع والأنماط المعرفية وإدراك الزمان والمكان.
حيث أن الذكاء المعرفي يعتمد على السياق وفي السياق الرياضي يتمتع لاعبو النخبة بذكاء تكتيكي أو لعبة أفضل، ممّا يمكنهم من فهم مواقف المطابقة بشكل أفضل وإيجاد حلول أفضل، فإن الإبداع التكتيكي هو القدرة على إيجاد حلول مبتكرة وغير متوقعة في مواقف المباريات.
فإن المستوى العالي من المهارة والقدرة الإدراكية شرط مسبق للأداء الرياضي الناجح، كما يعتبر أحد العناصر المشتركة لجميع نماذج صنع القرار هي مدخلات المحفزات ومخرجات الاستجابة السلوكية، فإن الإدراك المعرفي هو العملية التي توفر معلومات عن المناطق المحيطة، ويعتبر اتخاذ القرار الإدراكي أمرًا حيويًا في تصرفات كرة القدم مثل صد التسديدات على المرمى.
كما تُعرَّف السرعة الإدراكية بأنها القدرة على استخدام الحواس المرئية والسمعية لفك رموز ومعالجة عناصر اللعبة أثناء حدوثها، ويتعرض اللاعبون لعدة أنواع من المحفزات المرئية والسمعية طوال المباراة، مثل وضع الخصوم والمكالمات من زملائهم في الفريق، قد تكون هذه موجودة داخل وخارج ميدان اللعب ويجب معالجتها وتحويلها إلى قرارات.
ففي بعض الأحيان قد تكون هناك محفزات متضاربة، وتساعد استراتيجيات البحث المرئي المتعمدة في قيام اللاعبين بغربلة المعلومات ذات الصلة، ويمكن أن تعزز مع التدريب والخبرة الإدراكية المحددة سرعة الإدراك الحسي، وتعتمد المهارة الإدراكية جزئيًا على استراتيجية البحث المرئي المستخدمة.
أما بالنسبة إلى القدرة المكانية هي القدرة على توليد المعلومات المرئية المجردة والاحتفاظ بها وتحويلها، فإن سرعة الإدراك المرئي المكاني، والتصور المكاني وقدرات الدوران الذهني ذات صلة بتعريف التمثيلات الذهنية المكانية، حيث يدرك اللاعبون الخصائص البيئية فيما يتعلق بأجسادهم وقدراتهم العملية والموقع النسبي للأشياء والأسطح المهمة في البيئة، وتوفر الخصائص المكانية والزمانية للسلوك المرئي معلومات حول اتخاذ القرار.
حيث يعاني لاعبي كرة القدم من قيود مكانية وزمنية شديدة تفرضها عليهم اللوائح والخصوم، وفي ظل هذه القيود يجب أن يكون اللاعبون قادرين على إدراك المعلومات ذات الصلة بسرعة وبدقة، والتي تسهّل اتخاذ القرار ممّا يتيح المزيد من الوقت لإعداد وتنظيم السلوك الحركي، ويمكن اعتبار النمط الزماني المكاني انعكاسًا لاستراتيجية الإدراك الحسي المستخدمة لاستخراج المعلومات ذات الصلة من جميع المحفزات المكشوفة.
فعند اتخاذ قرار، يتم استرداد المعلومات الحية الواقعية التي تم الحصول عليها جنبًا إلى جنب مع الذاكرة العرضية من أجل تحديد الأخطاء أو المخالفات، فالذاكرة العاملة أمر حيوي أيضًا في عملية صنع القرار في بعض الأحيان لا توجد معلومات كافية لاتخاذ قرار، وفي هذه الحالات قد يعتمد اللاعبون على المعرفة السابقة للمساعدة في تفسير الموقف وفي عملية صنع القرار ويُطلق على استخدام المعرفة السابقة المصنفة في الهياكل العقلية اسم المخطط مع الممارسة والتكرار.
المصدر:
علم الاجتماع الرياضي، مصطفى السايح، 2007علم الاجتماع الرياضي، إحسان الحسن، 2005علم الاجتماع الرياضي، خير الدين عويس وعصام الهلالي، 1997 الاجتماع الرياضي، جاسب حمادي، 1998