ما هو التحليل النوعي للأداء في الرياضة؟

اقرأ في هذا المقال


التحليل النوعي للأداء في الرياضة:

منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين شهد التحليل النوعي للأداء في الرياضة تحولًا جذريًا في  أساليبه؛ أي بمعنى دمج النماذج الرياضية الإحصائية المتقدمة مع بعضها البعض، بالإضافة إلى الأطر التحليلية الجديدة والتقنيات مثل تتبع نظام تحديد المواقع الرياضية، وبرامج التحليل الترميزي التي لها علاقة بأداء الحركي للمهارات الرياضية.

كما أدى الارتفاع في الفرص المالية المربحة في معظم الرياضات الكبرى إلى زيادة مخاطر الفوز؛ وذلك بفضل الإيرادات المتزايدة باستمرار من صفقات البث والجماهير العالمية المتزايدة، كما تتجه المنظمات الرياضية في الوقت الحاضر إلى المزيد من الأساليب العلمية القائمة على الأدلة عند إدارة مؤسساتها وتطوير الأفراد الرياضيين.

حيث يتم باستمرار رفع المعايير في رياضات النخبة؛ وذلك لتحقيق النجاح والحفاظ عليه، وينتج عن ذلك ضغطًا متزايدًا على الأندية والمدربين والرياضيين لتطوير نماذج التدريب الأكثر كفاءة، بالإضافة إلى تعزيز عمليات تطوير الرياضيين واكتساب فهم أفضل للعوامل التي تحدد النجاح في البطولات الرياضية الكبرى.

كما أدت البيئة الرياضية التي تتصف بأنها شديدة التنافس مع تضييق الهوامش باستمرار إلى ظهور تحليل الأداء النوعي؛ باعتباره وظيفة مستقلة ومتعددة للأداء، حيث يهدف هذا المجال الجديد نسبيًا إلى دعم المدربين في تحديد مجالات الأداء الرئيسية التي تتطلب الانتباه، بالإضافة إلى تقييم فعالية الأداء التكتيكي والفني، وتحديد نقاط القوة والضعف في المنافسات القادمة، حيث أن الغرض منه هو توفير معلومات صحيحة ودقيقة وموثوقة للمدربين واللاعبين وأي أصحاب مصلحة ذوي صلة لزيادة معرفتهم في مجال معين من الرياضة.

كما قام علماء علم الاجتماع الرياضي بتعريف التحليل الأداء الرياضي، على أنه مهمة تحليل رقمية تبدأ من جمع البيانات المتعلقة بالرياضة المحددة وصولًا إلى تقديم التعليقات، كما يهدف التحليل الأداء الرياضي  إلى تحسين الأداء الرياضي عن طريق إشراك جميع المدربين واللاعبين والمحللين أنفسهم، حيث تتم مراقبة الأداء إما مباشرة خلال الحدث الرياضي أو بعد المنافسة من خلال لقطات الفيديو والإحصاءات الرقمية المجمعة، كما يمكن الآن رصد محللي الأداء في الملاعب، سواء في صندوق التدريب أو في موقع عرض جيد منفصل داخل المدرجات، مع تدوين الأحداث والإجراءات من المباراة باستخدام برامج متخصصة.

ففي هذه العملية (عملية تحليل الأداء الرياضي) يقومون الأفراد الرياضيين بتطوير تقارير إحصائية متعلقة بالرياضة المحددة،  على أن يمكن إرسالها في الوقت الفعلي إلى الأجهزة التي يستخدمها المدربون (مثل أجهزة iPhone أو iPad)، كما يعرضون عليهم ملخصًا لمقاييس الأداء الرئيسية، بالإضافة إلى موجزات فيديو قصيرة حول النقاط البارزة الرئيسية، ومع ذلك، فإن الوقت الإضافي المتاح في تحليل ما بعد المباراة يسمح بإجراء تقييم أكثر تفصيلاً للأداء باستخدام مصادر تكميلية إضافية للبيانات .

وعلى مدى العقدين الماضيين أثبت تحاليل الأداء وجودها في العديد من الأندية والمنظمات الرياضية الكبرى؛ باعتبارها عنصر محوري في عملية التغذية الراجعة الخارجية، التي يستخدمها المدربون لتسريع عملية التعلم ومساعدة الرياضيين على الوصول إلى مستويات أدائهم الأمثل، وهي الآن تضع في اعتبارها وظيفتها المنفصلة الخاصة بها داخل فريق العمل  الخاص الفريق الرياضي.

وبعد أن ميَّزت نفسها عن غيرها من تخصصات علوم الرياضة، أصبح تركيزها الأساسي على تقييم الأداء الكمي؛ حيث أن ذلك مع وجود درجة عالية من الجوانب متعددة الوظائف، التي تتطلب منها الحفاظ على علاقة وثيقة مع تخصصات علوم الرياضة الثانية، فعلى سبيل المثال قد يكمل تحليل معدل العمل الذي يقوم به قسم القوة والتكييف داخل فريق محلل الأداء، في إبلاغ اختيار اللاعب بناءً على مقاييس الأداء ولياقة اللاعب.

كما يجب نشر الحجم الكبير من المعلومات الكمية والنوعية الناتجة عن المواقف المعقدة والديناميكية في الرياضة بعناية وتقديمها بوضوح من قبل الأفراد الرياضيين المحليين؛ وذلك باستخدام صور واضحة مثل الجداول أو الرسوم البيانية أو المخططات ذات الأغراض الخاصة لسطح اللعب مع السماح للمدربين بالحصول بسرعة رؤى حول المجالات التي تتطلب اهتمامهم.

كما يعزز تحليل الأداء قدرة المدرب على التغذية الراجعة إلى الأمام، ويهدف أيضاً إلى توقع وتحديد نقاط القوة والضعف في الخصم من خلال إجراء تحليل شامل للفريق؛ لإنتاج المعرفة المكتسبة التي تتيح للفريق التدرب على الملاعب والساحات المناسبة، بالإضافة إلى تحسين تلك المهارات الفردية التي من شأنها أن تساعد في التفوق على الخصم القادم.

لماذا تعتبر وظيفة تحليل الأداء مهمة لفريق أو منظمة رياضية؟

أظهرت الأبحاث أن المدربين واللاعبين  مثلهم مثل أي إنسان آخر، حيث يتذكرون أقل من نصف الإجراءات والحركات المهمة التي تحدث على أرض الملعب، كما قد ترتفع المشاعر وتطغى الأحداث الإيجابية أو السلبية للفريق الرياضي على الرؤى الثانية التي لها علاقة بالناحية التكتيكية التي حدثت أثناء اللعبة، ممّا يساعد ذلك على جمع معلومات المطابقة من خلال تسجيل الفيديو على إزالة هذه التحيزات وتوفير رؤية أكثر موضوعية للأحداث التي حدثت في اللعبة.

كما يقوم محللون الأداء بجمع البيانات من جميع الأحداث التي تجري على أرض الملعب، بالإضافة إلى إنشاء مقاييس ذات صلة، إما من خلال طلبات المدربين أو من خلال تقييمهم الخاص؛ وذلك يتم بهدف إظهار اللاعبين والمدربين حول ما حدث بشكل جيد وما حدث بشكل خاطئ.

حيث يتكون أساس التدريب الرياضي من تقييم أداء الرياضيين، وتحديد مجالات التحسين، وإرجاع المعلومات إلى الرياضيين، وإدارة الممارسات لتحويل نقاط الضعف إلى نقاط قوة وإعادة تقييم الأداء بعد فترة زمنية معينة، أو بعد عدد من الممارسات الرياضية، كما يمكن للمدرب الحصول على المستوى الصحيح من المعلومات ورؤى الأداء في المراحل الأولى من الدورة؛ وذلك بهدف مساعدتهم على إدارة تطوير الفريق الرياضي واللاعبين بشكل أكثر فعالية.

كما يمكن لعمل محلل الأداء إبراز مجالات التحسين ونقاط القوة في وقت أقرب بكثير للاعب والفريق؛ للسماح للمدربين بتقديم ملاحظات للفريق بمستوى أعمق من الفهم لكيفية أداء كل فرد في فريقهم، حيث يمكن للشراكة الجيدة بين طاقم التدريب واللاعبين والمحللين تطوير اللاعب إلى أقصى إمكاناته، بالإضافة إلى جعل المدرب يصبح مدربًا أفضل من خلال جلسات تدريبية منظمة واتخاذ قرارات أكثر فعالية.

أما بالنسبة إلى نتيجة تحليل الأداء الجيد، حيث تعني أنها عبارة عن خطة تدريب محددة وجيدة لتحسين أداء الفريق أو أداء الفرد الرياضي، حيث يمكن للمدرب تفسير تقرير أو جزء من التحليل من محلل الأداء الخاص به؛ وذلك لإجراء تعديلات على ممارسات الفريق والهيكل التكتيكي اعتمادًا على النتائج المكتشفة، كما يعتبر تحليل الأداء الجيد مثابة رصيد قيم للمدربين أو اللاعبين؛ وذلك لاتخاذ أي قرار بشأن المباراة، كما أصبح تحليل الأداء الجيد مطلبًا صارمًا لأي منظمة رياضية.


شارك المقالة: