أبعاد المفهوم الاجتماعي للرياضة:
إن مفهوم الرياضة ينبغي أن لا يقتصر على التصور الدقيق المرتبط بإنجاز أهداف تنافسية خالصة، بل أن الرياضة مفهوم أكثر ثراءً واتساعاً على المستوى الاجتماعي والمستوى الثقافي، حيث أن للرياضة وجه اتصالي وتفاعلي، يؤثر في إناء التفاعل بين البشر، حيث أنها تنطوي على معاني عميقة ترتبط في تحليلها النهائي بمجموع العلاقات الاجتماعية حيث أن الأداء البدني ذاته لا يعدو أن يكون مجرد جزء من كل، كما يعتقد الكثير أن للرياضة خصائص وظيفية تعمل على التوفيق بين الأوضاع الاجتماعية القائمة وبين التعبير النفسي وبين التعبير اللاشعوري.
كما أنه تم وصف ملاعب كرة القدم بأنها عبارة عن مجالات صالحة للتعبير الطقوسي عن الحرمان أو عن العدوان، حيث يحاول الفرد الرياضي (اللاعب) فيها أن يثبت هويته ويؤكد انتمائه وولائه وتوحيده وقيمته على المستوى الشخصي، كما أن الرياضة تقدم وسطاً شخصياً واحداً مع أقل حد من القيود العلاقات الاجتماعية التفاعلية، فبذلك يتَّجه الإنسان أثناء ممارسة الرياضة إلى النسق الاجتماعي الطبيعي وتباتها من أمور قد تحدّ حرية الإنسان وتقيد تصرفاته في أطر معينة.
وحتى يتم فهم هذا البعد، يجب تخيّل مباراة رياضية في إحدى الوحدات والمجالات العسكرية، حيث يتخلص الضابط من تبعات النسق الاجتماعي الرسمي ويندمج مع جنوده ممارساً الرياضة، حيث تسري عليه قواعد اللعب، كما أنه لا فرق في ذلك بينه وبين جنوده في هذه الحالة، كما أن للطبيعة الرياضية جانب أخلاقي وجانب غير أخلاقي؛ وذلك لأن النسق الاجتماعي الطبيعي نفسه تجري عليه مقاليد الحياة الطبيعية وسننها من خير أو شر.
كما أنه من الصعب تحديد الجوهر الفعلي للرياضة بمجرد الاستنتاج البسيط لمتضمناتها البيولوجية، مثل الاحتياجات التقائية نحو النشاط الحركي واللياقة البدنية، أو رغبة الفرد الرياضي في كيفية التخلص من العدوانية والعدوان والعنف، كما أن محاولات تصوير الرياضة كملاذ أو مهرب أو ملجأ يلجأ إليه الإنسان ليبعد عن مشاكل وصعوبات حياته اليومية المريرة.
كما تعتبر الرياضة بمختلف أنشطتها الفردية أو الجماعية أحد أهم السبل المتاحة للتفيس عن النوازع، أو للتعبير عن النفس بطريقة تتسم بالتخلص من القيود، كما أن جوهر الرياضة يتمثل في الرغبة الدائمة للإنسان لتخطي قدراته وتوسيع مجالها وحدودها، وهي عبارة عن إدراك من خلال إعداد معين ومشاركة منظمة ومرتبة مرتبطة بتخطي الصعب.