العمليات الاجتماعية الإيجابية في الرياضة:
- عمليات التوافق الاجتماعي: حيث يستخدم في مجال البيولوجي لتوضيح العمليات التي يتمكن بها الفرد الرياضي، سواء كان لاعب أو مدرب من مجاراة ظروف البيئة من حوله، كما يعبر التوافق الاجتماعي في علم الاجتماع الرياضي عن التغير الإيجابي في جميع المظاهر الاجتماعية الرياضية المتصلة بالصراع والعنف والعدوان والعدوانية.
- عمليات الاستسلام: يقصد بها في علم الاجتماع الرياضي هو انتصار أحد أطراف الصراع وهزيمة الطرف الآخر، حيث لا يجد الفريق الرياضي المغلوب إلا أن يستسلم ويقوم بالخضوع لشروط الفريق المنتصر، أو أن يواصل صراعه لفترات زمنية معينة ومحددة، حيث قد يكون الاستسلام لقوة مادية معنوية.
حيث يُعدّ الاستسلام كعملية اجتماعية تتبع الهزيمة في المنافسة الرياضية؛ أي بمعنى القبول والرضا لنتيجة المباراة والتي قامت على دعائم من إدارة محايدة وفق قواعد وأنظمة لعب معلومة ومعروفة مسبقاً، كما أن تحقيق النصر أو الهزيمة كنتيجة مباراة رياضية لا يعني نهاية العالم، حيث أنها عبارة عن أمور معنوية ورمزية لإعطاء الدافع اللازم للرياضة في المجتمعات الإنسانية، كما أنها لا تعني اليأس والقنوط والانهزامية.
حيث أن الإطار التنافسي الرياضي يتضمن لوائح وقواعد وأنظمة وأمور لعب تنظيمية، كما يقدم ظروفاً معنوية ونفسية تعمل على تقبل الهزيمة واستيعاب النصر بكل تواضع؛ وذلك لأن النشاط الرياضي يعلم أن قد تهزم هذه المرة ولكن احتمال الفوز في المباريات القادمة هو احتمال وارد، كما أنه يُعبّر عن جوهر الرياضة الأصيل.
حيث أن هذه الأفكار هي التي شكلت المفاهيم المرتبطة بالثقافة الرياضية مثل اللعب الشريف والروح الرياضية، كما أن من هنا كان خطر الاحتراف في الرياضة خطراً ملاحقاً للرياضة وأنشطتها ومجالتها، إذ يسلب الرياضة الكثير من مقوماتها الاجتماعية والتربوية المؤثرة، كما أنه خلق ظروف تربوية واجتماعية ملائمة للمنافسة الرياضية هي التي تدفع بالهيئات والمؤسسات الرياضية إلى خلق التعديل والتنقيح المستمر، مثلما تفعل الاتحادات الرياضية الدولية عقب كل دورة ألعاب أولمبية من تعديل القواعد المنظمة للمنافسات الرياضية.
- عمليات الوساطة: حيث تُعدّ عمليات الوساطة في علم الاجتماع الرياضي من أهم الأشكال القديمة التي ابتدعتها الجماعات الرياضية الإنسانية لإنهاء الخلافات، كما تقوم عملية الوساطة على أساس الجمع بين الأطراف المتصارعة في محاولة خلق مثل هذه الظروف لحل الصراع وعلى كل المستويات، حيث يوجد اتجاهاً بين باحثي الأنثروبولوجيا يشير إلى أن حل الصراع من خلال المنافسة الرياضية، وهو أحد أهم التصورات النظرية لنشوء الرياضة نفسها.
كما أنه تم استخدام الرياضة كأسسلوب للوساطة والمبادرة في عدد كبير من النزاعات والصراعات السياسية أو العنصرية لتوفير مناخ وسيط لحل الصراع، فعلى سبيل المثال يعد دبلوماسية تنس الطاولة مثال بارز للوساطة الرياضية، حيث تم استخدام سلسلة من مباريات تنس الطاولة كمبادرة للوساطة بين الولايات المتحدة وبين الصين كإجراء تمهيدي ضروري، يساعد على خلق ظروف ملائمة لتسوية الخلافات ولإعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما.
- عمليات التحكيم: يقصد بعمليات التحكيم في علم الاجتماع الرياضي أنها من الأساليب الاجتماعية القديمة لحل الصراع، حيث أنّ أهم ما يميزه هو أن قرار هيئة التحكيم يعتبر ملزماً لجميع أطراف النزاع ما دامت قبلت اللجوء إلى هذه الهيئة وارتضت حكمها، كما يعتمد النشاط الرياضي التنافسي على التحكيم في تقرير الطرف الفائز، حيث يتم ذلك وفق قواعد منضبطة إلى حد كبير.
كما أن التحكيم الرياضي عبارة عن مؤسسة قائمة على مبادىء وقيم احترام حقوق الإنسان والأمن والسلامة والعدالة والحيادة والنزاهة والاعتبارات التربوية والخلقية، حيث استعان الإنسان الرياضي بأسلوب التحكيم في المنافسات الرياضية منذ فترات قديمة، حتى يقال إن الرياضة نفسها بما فيها من طرق التحكيم وقواعد اللعب كانت على نحو أحد الأشكال المصغرة للصراع الاجتماعي.
حيث كان يقوم بالتحكيم شيوخ قبائل المجتمع أو أحد أشرافها، كما كان يناط بالتحكيم أحد الرياضيين المعتزلين من أصحاب السمعة الطيبة سواء كانت هيئة التحكيم فرداً أو عدة أفراد، فإنها كانت ذات مكانة مرموقة في مجتمعها البدائي، كما أن كلمتها كانت مسموعة ولا ترد، كما في المجتمعات الحديثة ورثت قواعد ألعابها عبر أجيال عديدة، حيث ما زالت تحتفظ هيئة التحكيم بسلطاتها، حيث يلتزم الجميع بكل قراراتها ويحترمونها ويقبونها عن طيب خاطر.
حيث ينتقل أثر التدريب الرياضي من الملعب المسمى بالمجتمع المصغر إلى المجتمع الأم، حيث يصبح من السهل على الفرد الرياضي تقبل قرارات التحكيم كأسلوب لحل المنازعات والصراعات الاجتماعية أياً كان مستواها.