المشاكل التي تواجه الرياضة الدولية:
إن المهرجانات والدورات والبطولات الرياضية الدولية تتصف بالتعقيد بالضخامة والإسراف في النفقات، والغلاة في أهمية النتائج الرياضية، كما أن الإتجار الذي كان من اختصاص الشركات الرياضية الكبيرة حيث سيطرت عليه أنشطة الرياضة الدولية، وقامت بالتحكم والسيطرة على الكثير من الأفراد الرياضيين حيث كانت سبباً في دفعهم للإحتراف وللعيش حياة الاستعباد، كما تعاني الرياضة الدولية من الكثير من المشاكل والصعوبات التي عملت على تهديد الرياضة الدولية والتقليل من مكانتها وأهمها:
- مشاكل رياضية ذات طابع خلقي: يقصد بها أنها ظهرت بين الأهداف العليا المحددة والتي تم إعلانها للرياضة وبين حقيقة الواقع الرياضي المجتمعي ما يظهر عنه من انحرفات وإجراءات معقدة، حيث أنها تشكل خطراً كبيراً على الرياضة بأكملها، أما بالنسبة إلى النوايا الطيبة والمتكاملة للأفراد المسؤولين عن الرياضة بمختلف أنشطتها وأنظمتها تبدو في معظم الأوقات غير متكاملة ومتناقضة بشكل كبير مع طبيعة الواقع الرياضي المجتمعي، كما أنه من الصعب إقامة أي بطولة رياضية (مبارة رياضية أو سباق رياضي) دون أي يسبقها بشكل مبكر أي نوع من أنواع العنف والعدوان والمغالاة والمبالاة.
كما لاحظ الكثير من علماء علم الاجتماع الرياضي من المجتمعات الرياضية والمجتمعات بأكملها أن الأفراد المسؤولين عن الرياضة بكافة أنشطتها وأنظمتها يقومون بإقرار جميع الوسائل، حيث أن ذلك لتحقيق أفضل النتائج على المستوى الرياضي حتى في حالة كانت الوسائل والطرق الرياضية متعارضة بشكل كلي مع القيم الأخلاقية المتعارف عليها في المجتمعات الرياضية والمجتمعات بأكملها؛ أي بمعنى أن الغاية تعمل على تبرير الوسيلة والطريقة، حيث الغاية هي إحراز النصر بأعلى المستويات على أكمل وجهه.
فإن الهدف الخلقي للنشاط الرياضي يغيب في بعض الأوقات عن أوجه النشاط الرياضي، وبسبب ذلك تختفي كافة الوسائل والمبادىء والمثل والقيم الأخلاقية والاجتماعية عن الفرق الرياضية، حيث أنّ ذلك يعمل على إتاحة استخدام الكثير من مختلف الوسائل غير الإنسانية من أجل العمل على تحقيق الفوز بطريقة غير شرعية؛ أي بمعنى فوز زائل وزائف، كما أن المشكلة الخلقية تظهر بشكل واضح وبصورة متكاملة على المستوى الرياضي الدولي عندما يتم المنع عن ممارسة التمييز تجاه بعض الأفراد الرياضيين والبلاد المجتمعات الرياضية، بسبب الجنس (ذكر أو أنثى) أو بسبب العنصر أو الولاء والانتماء الأيديووجي، حيث أن ذلك يسبب على الأفراد أن يقللوا من المشاركة بشكل حر في المباريات والسباقات الرياضية، ذلك يصبح انتهاكاً لكافة حقوق الإنسان الرياضي.
- مشاكل ذات طابع صحي: حيث تتمثل المشاكل التي تتصف بطابع صحي بثلاث مشاكل وهي:
1- المشكلة الأولى (تعاطي العقاقير المنشطة): حيث يقصد بها هو الاستخدام الصريح والكثير لأساليب ولطرق ذات أضرار بالغة الشدة ومحرمة بشكل قانوي، حيث أن قيام اللاعبين بتعاطي المنشطات الكيميائية والعقاقير الطبية ومشروبات الطاقة تقوم بمضاعفة قدرة اللاعبين والأفراد الرياضيين حين يتناولها، حيث أن لها آثار تنعكس إلى آثار ضارة بالصحة، كما تصل خطورتها في بعض الأوقات إلى مرحلة الموت المفاجئ.
2- المشكلة الثانية (الإفراط في التدريب الرياضي): إن الهدف الأول من تحقيق أفضل النتائج في المسابقات الرياضية وفي المباريات الرياضية هو الاهتمام المتزايد في ممارسة التدريب الرياضي، حيث أنه أخذ أنواع وصور مختلفة من حيث المستوى والكثافة الاجتماعية، حيث أنّ ذلك أدى إلى العمل على تنظيم حياة الفرد الرياضي بشكل مقيد ومشروط في خدمة التدريب الرياضي بكافة تمارينه، حيث أنّ ذلك بدلاً أن يكون التدريب الرياضي عاملاً مساعداً لتأدية الفرد الرياضي للوظائفه وللمهامه، كما أن الإفراط في ممارسة تمارين التدريب الرياضي على جوانب مختصة يؤدي ذلك إلى تطوير صفة بدنية على حساب الصفات البدنية الثانية، ممّا يعمل على إحداث التأثير بشكل سلبي على تكامل الصفات البدنية التي يجب أن يتميز بها كل مواطن رياضي صالح.
3- المشكلة الثالثة (إخضاع الأطفال والأفراد المراهقين): فمن أجل تحقيق أعلى المستويات وأفضل النتائج في الأداء الرياضي يتم خضع بعض الأفراد الرياضيين صغار السن في بعض بلادن العالم لنظم تدريبية صعبة وشاقة، مثل رياضة رفع الأثقال دون العمل على مراعاة التوازن بين نمو الفرد الرياضي الجسمي والنمو النفسي، حيث أنه بسبب ذلك يصاب الأفراد الرياضيون بعدم وجود التوازن في النمو البيولوجي بسبب الإفراط في نمو قدراتهم البدنية نمواً اصطناعياً، دون النظر إلى مراعاة في نضجهم البيولوجي.
ونتيجة لذلك يتحولوا الأفراد الرياضيين إلى نماذج شفقة وهذا الأمر يجب العمل على تجنبه بالابتعاد عنه بأي وسيلة وطريقة، كما يجب توجيه الأفراد الرياضيين (الأطفال، مراهقين) إلى ممارسة التدريبات الرياضية التي تعمل على تحقيق لهم الصحة والترفيه والسعادة وإلي الألعاب التي تتسم بروح اللعب الرياضية وحرية الحركة الرياضية، كما يجب أن تكون ممارسة التدريبات الرياضية تتلائم مع قدراتهم ورغباتهم، عوضاً عن إخضاعهم لتدريبات رياضية وبدنية مكثفة التي لا تتلائم مع إمكانياتهم وقدراتهم.
4- المشكلة الرابعة (إصابات الملاعب): إن الإصابات الرياضية تتدرج من الكسر البسيط إلى الكسر المضاعف، حيث أنّ ذلك بسبب التدريب الرياضي المكثف بصورة كبيرة.
- مشاكل ذات طابع استغلالي: إن المشكلة الإقتصادية للأنشطة الرياضة الدولية توسعت بشكل كبير وخطير حيث ذلك بسبب تكاليف إقامة دوراتها وبطولاتها وسباقتها ومباريتها، حيث ذلك جعل الرياضة من أكبر المشروعات الصناعية الإستهلاكية كما يوجد ثلاثة مشاكل توضح هذا الشيء وهي:
1- المشكلة الأولى (سطوة الشركات الإحتكارية): حيث ظهرت الكثير من الشركات التجارية التي قامت باستغلال الرياضة بكافة أنشطتها أسوأ أنواع الاستغلال، حيث عملت على احتكار مستلزمات وأدوات وأجهزة الرياضية، حيث عملت على رفع أسعارها لدرجة كبيرة حيث ذلك بحجة العمل على تطويرها وترقيتها، حتى أن أصبحت الأجهزة الرياضية المعقدة باهظة الثمن والتكاليف.
فإن الشركات التجارية لم تكون كافية برفع الأسعار والتكاليف الأجهزة والمواد الرياضية، حيث عملت للشيطرة على حياة الأفراد الرياضيين من خلال دفعهم على حياة الاحتراف ثم العمل على استغلالهم لترويج البضائع التجارية الرياضية، حيث انقلبت الكثير من دورات الرياضات الأولمبية إلى أسواق دعائية تجارية.
2- المشكلة الثانية (الإسراف والضخامة): إن هذه المشكلة انعكست على حياة الأفراد الرياضيين من خلال دفعهم إلى تخصيص أوقاتهم من أجل تحقيق الفوز والانتصار والنجاح، والوصول إلى مراتب الأبطال والنجوم الرياضيين.
3- المشكلة الثالثة (تفشي مرض المشاهدة دون الممارسة): إن ارتفاع مستوى ممارسة الأداء وتعقديه في أنشطة الرياضة الدولية ساعد على نشر مرض المشاهدة الرياضيين دون الممارسة الفعلية بصورة واقعية، حيث أصبح من الملاحظة الكثير من الأفراد الرياضيين يملون المدرجات الملاعب الرياضية حيث أن ذلك حتى تصفق وتضحك بشكل مبهج وكبير متكامل.
- مشاكل ذات طبيعة تعصبية وعنفية: إن الرياضة لم تنجو من تأثير حدوث التعصب والمغالاة والعنف والعدوان والعدوانية وأي أمراض اجتماعية، حيث أنه في الملاعب الرياضية يحدث الكثير من المشاكل والصعوبات التي تتصف بالخشونة والقوة الرياضية، حيث أنّ هذه الأحداث والمشاكل والصعوبات تأتي من جمهور رياضي مشجع وجمهور رياضي مشاهد يفتقر إلى الوعي والاهتمام والانتباه والتركيز، فقد ينتج عن ذلك سقوط العديد من الحرجى والقتلى كما ينتج عنها مشاكل وخسائر ذات طبيعة مادية.
فإن إحدى الوظائف والمهام للتربية الرياضية وللتربية البدنية الحركية هي العمل على تعويض الأفراد الرياضيين عن ظروف حياتهم الاجتماعية التي يشعورون بواسطتها الإحباط، حيث أنّ ذلك بسبب عدم إشباع حاجاتهم ورغباتهم الأساسية، حيث أن عملية المشاهدة الرياضية تعتبر نقطة الانطلاق نحو الكثير من مختلف المشاكل الاجتماعية المرتبطة بالعنف والتعصب والمغالاة في المجال الرياضي.
حيث أنه من الطبيعي أن تقوم مدينة معينة بالفخر والاعتزاز بالفوز والانتصار والنجاح الذي حققه فريقه الرياضي (ناديه أو منتخبه الوطني)؛ حيث أنّ ذلك بسبب أنه يعد شرفاً للمجتمع الرياضي وللمجتمع الدولة بأكملها، ولكن يجب عدم تحول أي نوع من الفخر والاعتزاز إلى تعصب اجتماعي رياضي أعمى الذي يؤدي إلى انتشار أعمال الشغب وأعمال العنف وأعمال العدوان والعدوانية، حيث يعتبر ذلك أمر خطير على الساحة الرياضية.
- مشاكل ذات تأثير السلبي على مكانة التربية الرياضية: إن التربية الرياضية والتربية البدنية الحركية تعاني من تجاهل واضح وكبير على دورها المتكامل؛ باعتبارها عنصراً أساسياً من عناصر التنمية الاجتماعية المستدامة ضمن إطار نظام تعليمي شامل، حيث إنها لا تجد الاحترام الكافي من جهة الأفراد الرياضيين المدرسين والمدربين والمسؤولين.
فإن حصص التربية الرياضية والتربية البدنية الحركية في بعض الأوقات تكون مقتصرة على أداء تدريبات رياضية محددة ومنظمة من حيث نظمها ومدتها الزمنية، حيث إنها تفتقر بشكل كبير ومتكامل إلى الجهود التي يجب بذلها من أجل العمل على تنمية، وتطوير القيم الخلقية والقيم الإنسانية التي تقوم الرياضة بكل طاقتها لتحقيقها بعيدة عن التدرج النفسي والتدرج المنطقي.
فإن المدركات الخاطئة للأنشطة الرياضة الدولية ما يختص بها من مشاكل وصعوبات ومعوقات أسهمت بشكل غير مباشر في التقليل من مكانة الرياضة التي تقام على المستوى المدرسي، حيث تعتبر ذلك مشكلة اجتماعية ذات طبيعة تربوية خطيرة تعمل على تفاقم المشكلة بشكل تربوي غير متوازن.