تدخلات العلاج الوظيفي لتحسين الأداء:
1- تحضير الطفل للمشاركة:
يقوم المعالجون المهنيون بإعداد الطفل للمشاركة بطرق متعددة، وفقًا لنوع الاضطراب الذي يُظهره الطفل والسياق الذي يؤدي فيه. عندما يواجه الأطفال تحديات حركية، هناك حاجة إلى استراتيجيات مختلفة لتمكين الطفل من المشاركة الكاملة والأداء على النحو الأمثل.
بالنسبة للأطفال الذين يعانون من اضطرابات حركية عصبية، يقوم المعالجون المهنيون باختيار وترتيب الأنشطة ودعم البيئة لتحسين محاذاة الوضعية واستقرار الوضع والتحكم في الحركة. كما يختار المعالج المهني جهاز تحديد الموضع أو الجلوس الذي يدعم محاذاة العمود الفقري في خط الوسط والعمود الفقري، ويوفر قاعدة ثابتة من الدعم، ويسهل ثبات الوضع لمهارات التلاعب المثلى بالعين واليد. على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي استخدام واقف منبطح إلى تمكين الوضع الوظيفي لاستخدام العينين واليدين معًا للتعامل مع الأشياء في وضع محاذي جيد للوزن.
يفيد مقدمو الرعاية أنه عند استخدام المقاعد التكيفية التي تدعم الموقف جيدًا وتعطي الطفل ميزة ميكانيكية حيوية، تزداد مشاركة الطفل في الأكل والرعاية الذاتية واللعب والأنشطة الترفيهية ودعم الطفل المصاب باضطرابات حركية عصبية من أجل المشاركة المثلى في المهام اليومية وأنشطة اللعب.
تُستخدم تقنيات علاجية أخرى لإعداد الطفل المصاب باضطراب عصبي حركي للمشاركة في أنشطة التدخل المصممة لزيادة القوة والتحكم في الحركة. كما يصف استخدام التحفيز الكهربائي لتحسين تنشيط العضلات لأداء نشاط حركي دقيق. حيث يستخدم التحفيز الكهربائي مباشرة قبل أي نشاط وظيفي وأحيانًا أثناءه لتقوية العضلات الضعيفة (على سبيل المثال، التي تغلب عليها العضلات المناهضة) أو زيادة نطاق الحركة أو تقليل التشنج.
يمكن أيضًا استخدام التجبير لدعم المفاصل الضعيفة، وعند استخدام الجبائر لدعم مفاصل الرسغ أو الإبهام، يمكن أن يمنح الطفل ميزة ميكانيكية حيوية لزيادة القوة والتحكم في التلاعب أو استخدام الأداة.
في بيئة الرعاية الحادة للأطفال بعد الصدمة، قد تركز الأنشطة التحضيرية على تقليل الألم أو تحسين الاستقرار الفسيولوجي للطفل أو منع المشاكل الثانوية من فترات طويلة من عدم الحركة. كما يصف الباحثون طرقًا تحضيرية للأطفال الموجودين في وحدات الرعاية الحادة لإصابة الحبل الشوكي أو الحروق أو إصابات الدماغ الرضحية.
2- إقامة علاقة علاجية:
يقوم المعالج المهني بتأسيس علاقة مع الطفل تشجع وتدعم وتحفز. حيث يقوم المعالج المهني أولاً بتأسيس علاقة ثقة، ثم يستثمر المعالج المهني في نجاح الطفل ويعزز أهمية جهود الطفل. على الرغم من أن المعالج المهني يطرح تحديات ويطلب من الطفل المخاطرة، فإن المعالج المهني أيضًا يدعم ويسهل الأداء حتى ينجح الطفل أو يشعر أنه بخير عندما يفشل. هذه الثقة تمكن الطفل من الشعور بالأمان والرغبة في المخاطرة، كما يُظهر المعالج المهني اهتمامًا بالطفل ويبذل جهودًا للاستمتاع بشخصيته ويقدر تفضيلاته وأهدافه. أيضاً، قد تصبح السمات والسلوكيات الفريدة للطفل أساسًا لتصميم الأنشطة التي من شأنها إشراك الطفل وتقديم التحدي المناسب تمامًا.
لتأسيس علاقة علاجية، يُظهر المعالجون المهنيون تأثيرًا إيجابيًا، ويظهرون اهتمامًا شخصيًا بالطفل ويبحثون عن فرص للتواصل الشخصي. كما يتعاون المعالج المهني مع الطفل لاختيار نشاط يثير الاهتمام ويجعل النشاط ممتعًا ويعطي الطفل خيارات. بالإضافة إلى أنه تتضمن رعاية العلاقة العلاجية احترام مشاعر الطفل ونقل الاحترام الإيجابي للطفل ومحاولة التواصل مع الطفل وخلق مناخ من الثقة والأمان العاطفي.
يشجع المعالج المهني على التأثير الإيجابي من خلال الاهتمام بتقليد أفعال الطفل ومحاولات الاتصال وانتظار استجابة الطفل وإنشاء اتصال بالعين واستخدام اللمسة اللطيفة وإبداء تعليقات غير تقييمية من خلال اختيار الأنشطة التي تسمح للطفل بالشعور بالأهمية ومن خلال تصنيف النشاط بما يتناسب مع قدرات الطفل، كما يمنح المعالج المهني الطفل الفرصة لتحقيق الإتقان والشعور بالإنجاز. بشكل عام، يعدّ الشعور الجوهري بالإتقان تعزيزًا أقوى للطفل والشباب مع احتمال أكبر للتأثيرات المستمرة من المكافآت الخارجية، مثل الثناء اللفظي أو أنظمة المكافآت العرضية الأخرى.
يقوم المعالج المهني برعاية أداء الطفل أثناء نشاط ما ليقدم مستويات دقيقة من الدعم التي تمكن الطفل من النجاح. كما يتأثر تقدير الطفل لذاته وصورته الذاتية بإنجاز المهارة وبالنجاح في إتقان مهمة ما.
تشير الدلائل البحثية إلى أن التدخلات التي يقيم فيها المعالج المهني علاقة مع الطفل وتؤكد على التفاعل الاجتماعي الممتع داخل جلسة العلاج لها آثار إيجابية على نمو الأطفال، وقد وجدت دراسات حول فعالية التدخلات القائمة على العلاقات أنها تعزز التواصل واللعب و الوظيفة الاجتماعية العاطفية والتعلم.
3- استخدام الوظيفة كوسيلة للتقدم:
أن النماذج القائمة على المهنة هي جوهر ممارسة العلاج المهني مع الأطفال والشباب. حيث أن المهنة ماهرة بشكل فريد في فهم تفاعل الشخص ومهنة وتأثيرات السياق على تلك المهن. كما هو مذكور في القانون، 72 “يركز العلاج المهني على تمكين الأفراد والجماعات من المشاركة في المهن اليومية ذات المغزى بالنسبة لهم وإشباعهم وإشراكهم في الحياة اليومية مع الآخرين”.
بالنسبة للأطفال الصغار، تعمل مهن اللعب كوسيلة وغاية للتدخلات، واللعب هو جزء من التدخلات عبر الفئات العمرية. كما تؤكد النماذج القائمة على المهنة على تفاعل الشخص والبيئة والوظيفة، حيث أن استخدام أنشطة هادفة ذات أهداف ذات مغزى للطفل (والأسرة) ودمج الأساليب الشاملة التي تراعي قدرات الطفل الحسية والحركية والاجتماعية العاطفية والمعرفية. كما يتم بحث المناهج القائمة على المهنة جيدًا ويدعم الدليل باستمرار التأثيرات الإيجابية على الأداء.
في مراجعة منهجية للعلاج القائم على المهنة ، وجدت دراسة نتائج تظهر آثارًا إيجابية عبر مجموعة واسعة من الأعمار والسكان وفي مراجعة منهجية للتدخلات القائمة على المهنة للأطفال، وجد أنه في ثلث الدراسات تقريبًا (12 من 38)، يركز الباحثون على مشاركة الطفل في المهن ضمن السياقات الطبيعية باستخدام التدخلات التي تكييف البيئة أو استخدام ممارسة المهام المهنية، مما يدل على أهمية ربط السياق والمهنة والشخص في أبحاث العلاج المهني للأطفال.
أحد التدخلات القائمة على المهنة مع ظهور دليل على الفعالية هو (CO-OP) وهو نهج موجه نحو المهام وحل المشكلات يشرك الطفل أو الشباب في تحديد الأهداف واستراتيجيات التخطيط لتحسين الأداء. كما تم تصميم هذا النهج في الأصل للأطفال ذوي المهارات المعرفية القوية والقيود الحركية لتحسين المهام الحركية. ومع ذلك، فقد تم استخدامه مؤخرًا مع الأطفال المصابين بالتوحد عالي الأداء. كما أظهر هذا النهج القائم على المهنة آثارًا إيجابية في العديد من دراسات التصميم ذات الموضوع الفردي.
مناهج التعلم الحركي هي أيضًا تدخلات موجهة نحو المهام ، مع الاعتراف بأهمية إشراك الأطفال في أنشطة هادفة وذات مغزى لتسخير دوافعهم وجهودهم الكاملة. حيث أن الأنشطة الكاملة ذات الخطوات المتعددة والهدف الهادف (مقابل تكرار مكونات النشاط) تؤدي إلى تفاعل الطفل ومشاركته الكاملين. إن تكرار مكون واحد (على سبيل المثال، الضغط على (Play-Doh) أو وضع البنسات في علبة) له قيمة علاجية قليلة.
من خلال الانخراط في نشاط ذي هدف هادف (على سبيل المثال، الطبخ أو مشروع فني)، يستخدم الأطفال أنظمة متعددة وينظمون أدائهم حول هذا الهدف. على سبيل المثال، إذا كانت إحدى الألعاب تتطلب أن يحضر طفل ما قبل المدرسة إلى أحد أقرانه وينتظر دوره ويضع قطعة من اللعبة بشكل صحيح، فإن الطفل يطور الانتباه المشترك الذي يحتاجه للمشاركة في وقت الحلقة أو تناول وجبة عائلية.
تشير دراسات التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي إلى تنشيط المزيد من مناطق الدماغ عندما ينخرط الأفراد في مهام كاملة ذات مغزى مقابل أجزاء من المهام، كما يشارك الأطفال والشباب لفترة أطول ويستمرون في ممارسة المهارات عندما يكون النشاط محفزاً. بالإضافة إلى ذلك، تتحسن جودة الحركة عندما يكون للنشاط معنى بالنسبة للطفل. أدت الأبحاث الداعمة للنُهج الوظيفية والموجهة نحو المهام إلى إحداث تأثير إيجابي باستمرار.
يتم توضيح النماذج القائمة على المهنة، بما في ذلك التدخلات الخاصة بالتغذية وأنشطة الحياة اليومية واللعب والمهام المدرسية ومهن العمل. كما تؤكد الفصول المتعلقة بالمشاركة الاجتماعية،أيضًا على النهج القائمة على المهنة، والتي غالبًا ما تتضمن مجموعات من الأطفال والشباب الذين يشاركون في أنشطة هادفة تسهل التفاعل الاجتماعي.
4- تقديم تحديًا مناسبًا:
تظهر مشاركة الطفل النشطة والجهود المبذولة لتحقيق مهمة ما عندما تكون الأنشطة العلاجية في المستوى المناسب من التعقيد، أي حيث لا يشعر الطفل بالراحة وعدم التعرض للتهديد فحسب، بل يواجه أيضًا بعض التحديات التي تتطلب جهدًا. كما يحتوي النشاط الذي يمثل تحديًا “عادلًا” للطفل على العناصر التالية:
1- النشاط يطابق مهارات الطفل واهتماماته التنموية.
2- يوفر تحديًا معقولاً لمستوى الأداء الحالي.
3- يشرك الطفل ويحفزه.
4- يمكن إتقانها بجهد الطفل المركز.
بناءً على التحليل الدقيق للأداء والسلوك، يختار المعالج المهني نشاطًا يطابق نقاط قوة الطفل والقيود عبر مجالات الأداء. كما يسمح التحليل للمعالج المهني بتخصيص الصعوبة والسرعة والدعم اللازم للطفل لإنجاز مهمة ما. بشكل عام، يختار المعالج المهني أنشطة قابلة للتكيف بدرجة عالية يمكن تعديلها لزيادة أو تقليل مستوى الصعوبة بناءً على أداء الطفل.
لتعزيز التغيير في الطفل، يجب أن يكون النشاط مليئًا بالتحدي ويخلق درجة من التوتر. حيث يهدف الضغط إلى إثارة مستوى أعلى من الاستجابة. إن تفاعلات المعالج الوظيفي والطفل أشبه بالرقص: يطرح المعالج المهني مشكلة أو تحدٍ للطفل، الذي يحفزه ذلك التحدي ويستجيب. كما يقوم المعالج المهني بتسهيل أو دعم الإجراء لحث الطفل على الاستجابة على مستوى أعلى.
يقدم المعالج المهني ملاحظات بشأن الإجراء ويقدم مشكلة أخرى ذات صعوبة أكبر أو أقل، بناءً على نجاح استجابة الطفل. كما قد تكون الجوانب المعرفية أو الحسية أو الحركية أو الإدراكية أو الاجتماعية للنشاط أسهل أو أكثر صعوبة، و من خلال التقييم الدقيق لمدى كفاية استجابة الطفل، يجد المعالج المهني التحدي المناسب تمامًا.