يجهل الأطفال الصغار أغلب أساليب التواصل غير المنطوقة في لغة الجسد، مما يجعل مشاهدتهم أمراً ممتعاً، ولكن الأطفال الأكبر سنّاً والذين يعلمون القليل عن لغة الجسد تكون مشاهدتهم ممتعة أيضاً؛ لأنّ محاولاتهم لاستخدام لغة الجسد تكون شديدة الوضوح كونه تنقصهم الخبرة والتجربة وعدم مقدرتهم على التصنّع والكذب، الأمر الذي يمثّل وسيلة جيّدة للآباء ليدركوا إن كان أبناءهم يحاولون الكذب عليهم، فلغة الجسد التي نعتقد أننا نتقنها تماماً في مرحلة ما من حياتنا قد مرّت في عدّة مراحل تطوّرت من خلالها فبعضها فطري والبعض الآخر مكتسب.
ما أول ما يتعلمه الأطفال في لغة الجسد؟
بعض الإشارات غير المنطوقة على غرار البكاء والعبوس واحمرار الوجنتين والابتسام إشارات تعبّر عن لغة جسد فطرية، وهي تعتبر في أغلبها لغة شاملة تكاد تكون مشتركة بين جميع الصغار مع اختلاف بسيط في مقدار الذكاء والقدرة على الاكتساب، كما وأنّ ردود الأفعال على هذه الإشارات فطرية أيضاً، فقد أظهرت الدراسات أنّ الطفل الرضيع على سبيل المثال سيستجيب لوجه الشخص السعيد الذي يقوم على تقديم الاهتمام له بإصدار الأصوات والابتسام كلغة جسد تعبّر عن الحبّ والعطف، ولكنه سيستجيب أيضاً لوجه شخص غاضب وعابس بالتجهّم وضمّ الحاجبين وربّما البكاء كلغة جسد تعبّر عن الرفض، وهذا أمر لا يمكننا التحكّم فيه أو التعديل على كينونته كونه خارج عن الإرادة البشرية.
الصغار يكتسبون لغة الجسد بالتدرج:
كما وأنّ هناك الكثير من إشارات ودلالات لغة الجسد التي يمكن تعلّمها من خلال مراقبة الآخرين، حتّى أصغر الرضّع المولودين حديثاً يعتمدون على آبائهم لتعلّم التعاملات الاجتماعية الصحيحة وكيفية قراءة لغة جسد الآخرين من ناحية الابتسام أو التجهّم أو الغضب أو التوتّر أو القلق ، وبمجرّد أن يكبر الرضّع ويصلون إلى مرحلة الطفولة وقبل أن يتقنوا فنّ استخدام الكلام، يعتمدون على الإشارات والإيماءات المستخدمة في لغة الجسد لمساعدتهم في التعبير عن مشاعرهم الدفينة، وعندما تكون الإشارات المستخدمة في لغة الجسد غير كافية، يمكننا حينها أن نشاهد لغة جسد تعبّر عن حالة الغضب وعدم القدرة على معرفة ما يجول في خاطرهم، ولكنّ هذا الأمر يتلاشى مع الزمن كونهم يصبحون أكثر خبرة في استخدام لغة الجسد.