لا يُعاب على الفرد أنه عاطفي بل يُعاب عليه أنه عكس ذلك، حيث يتصف بالوحشية واللاإنسانية، كما ويُعاب عليه أنه غير عقلاني ولا يحتكم إلى المنطق، فما بالك بالشخص العقلاني العاطفي الذي يستطيع أن يميّز ما بين علاقاته الشخصية وعلاقات العمل والعلاقات المجتمعية، ويحتكم إلى عقله في المواقف التي تحتاج إلى التفكير، وإلى عاطفته في الأمور التي تحتاج إلى الحنان والمشاعر والحب، ولكن إن كان الفرد غير قادر على موازنة العقل والعاطفة بصورة صحيحة فما هو دور الإرشاد النفسي في هذه الحالة.
كيف تؤثر العاطفة على العملية الإرشادية
إن أول ما يقوم به المرشد النفسي في أولى مقابلاته مع المسترشد هو محاكاة العقل والمنطق، ولكن لا يقوم بإخراج العاطفة خارج نطاق العملية الإرشادية فهي حاضرة في كلّ وسيلة وأسلوب إرشادي، فالعلاقة الإرشادية تقوم أساساً على العاطفة الإنسانية المجرّدة التي يحتكم إليها المرشد النفسي لمحاكاة عقلية المسترشد ومشاعره وإقناعه بأهمية العملية الإرشادية، ويتم محاكاة العاطفة أيضاً من خلال التركيز على ضرورة معالجة المشكلة النفسية الإرشادية التي يعاني منها المسترشد بصورة صحيحة.
لا يجوز أن تخرج العاطفة القائمة بين المرشد والمسترشد عن نطاق السيطرة، فهي عاطفة تقوم على أساس إنساني مبدأها الأول والأخير هو تحديد المشكلة النفسية والمساعدة على علاجها، كما وتقوم العملية الإرشادية على مبدأ الثقة ولكن ليست تلك الثقة التي تقوم على بناء علاقات عاطفية خارجة عن نطاق العملية الإرشادية، فهذه العلاقات تعتبر من المحرمات في العملية الإرشادية ولا يمكن قبولها أو تجاوزها بأي صورة كانت، ولعلّ العاطفة التي نعنيها من خلال العملية الإرشادية هي تلك التي تحاكي العقل وترتبط بالمنطق ولا تخرج عن نطاق الحقيقة بعيداً عن الغموض في سير العملية الإرشادية.
العاطفة أمر لا يمكن التغاضي أنه من خلال الأساليب الإرشادية التي يقوم المرشد النفسي باتباعها في سير العملية الإرشادية، فهي ضرورة لا بدّ من فهمها ومعرفة مدى تأثيرها على شخصية المسترشد، ولا يمكن للعملية الإرشادية أن تقوم بصورة صحيحة ما لم يتولد نوع من العاطفة المنضبطة ما بين المرشد والمسترشد، عاطفة مبنية على الاحترام والثقة ومحاولة التحكم بالمشاعر في جميع مواقف الحياة.