اقرأ في هذا المقال
المبادئ العامة في الإرشاد النفسي:
لكلّ علم من العلوم مجموعة من الأخلاقيات والقواعد التي تجعل منه علماً مستقلاً ذو مكانة بين العلوم، وعدم الالتزام في هذه الأخلاقيات تفقد ذلك العلم مكانته وقيمته التي عُرِف بها، وكذلك هي الحال فيما يتفرّع عن علم النفس ومنه علم الإرشاد النفسي، إذ أنّ له العديد من الأخلاقيات التي لا بدّ وأن يلتزم بها المرشد أولاً وبعد ذلك يأتي الدور على المسترشد، وهذه القواعد هي من تعمل على تنظيم عمل المرشدين وتوفّر الحماية اللازمة لهم.
ما أبرز الأخلاقيات التي تتعلق بالمبادئ العامة في الإرشاد النفسي؟
1. أن يتحلى المرشد التربوي بالأخلاق الفاضلة قولا وعملا:
ومن خلال هذا الجزء من الأخلاقيات التي تتعلّق بالمبادئ العامة يمكننا القول بأنّ المرشد النفسي عليه أن يكون قدوة لمن هم حوله، فهو المعلّم والمحلّل وهو الملاذ الأخير للشخص الذي يعاني من مشاكل واضطرابات نفسية، ليجد أنّ الحل هو ان يعطي ثقته بالمرشد النفسي، ولا بدّ وأن يكون المرشد النفسي محلّ هذه الثقة، إذ عليه أن يتحلّى بالصبر والحكمة والقدرة على التمييز ما بين الصواب والخطأ، وأن يكون قادراً على صقل شخصية الآخرين كنموذج يحتذى به، وأن لا ييأس أو يتعامل مع المشكلات الإرشادية على أنها معيقات ال يمكن تجاوزها.
2. أن يتحلى المرشد بالمرونة في التعامل مع حالات المسترشدين:
ليس من أخلاقيات علم الإرشاد النفسي أن يتمّ التعنّت بالرأي الأوحد، أو أن يتمّ التعامل مع الآخرين بناء على القدرات الفكرية للمرشد فقط، فنحن كبشر نختلف في طريقة التفكير والتحليل والتصرّف، ومن غير الممكن أن نكون متشابهين في طريقة التفكير، فكلّ نموذج فكري يمكن أن يتمّ تصنيفه وفق أطر سلوكية ومعرفية تختلف عن الأخرى، ومن هنا لا بدّ للمرشد النفسي أن يكون ليّناً قادراً على استيعاب الآخرين والاندماج معهم وكسب مودتهم واحترامهم، وألا يتمّ التقيّد بأسلوب إرشادي واحد، بل أن يتمّ التنويع في الأساليب الإرشادية وصولاً إلى أفضل الأساليب المستخدمة في إيجاد الحلول الممكنة
3. أن يتميز المرشد النفسي بالإخلاص في العمل:
إنّ سرّ نجاح أي عمل هو الإخلاص فيه، وبذلك فإنّ عملية الإرشاد النفسي تقوم بصورة رئيسية على أساس من الإنسانية وتقديم العمل بصورة صادقة حقيقية لا تمثيلية تهدف إلى المادة أو الشهرة فقط، فالعديد من المرشدين عبر التاريخ استطاعوا أن يكسبوا شهرة كبيرة ليس من خلال وسامتهم أو مقدار المال الذي جمعوه، ولكن من خلال إنسانيتهم وعملهم المنهجي المبني على أساس من الثقة والاحترام، ومحاولة تخليص المسترشدين من مشكلاتهم الإرشادية بأفضل الوسائل الممكنة، وهم يؤمنون تماماً أن الإرشاد النفس هو رسالة حقيقية يخلّدها التاريخ تعمل على تذليل المصاعب ومعالجتها بصورة دقيقة تتوافق وطموحات المسترشدين وأفكارهم النيّرة عن العملية الإرشادية.
4. الابتعاد عن مواضع الشبهة في العمل الإرشادي:
لا يمكن لنا أن نتخلّص من الشكوك حول نيّة القيام بأي عمل، فما نراه صحيحاً يظهر لدى البعض من زاوية قد تبدو له حقيقية ولكن بظنون مختلفة، ولهذا على المرشد النفسي الجيّد الذي يملك الخبرات اللازمة لتجاوز أي شكوك في العمل الإرشادي، أن يكون اتجاهه واضحاً وخطّته الإرشادية ظاهرة ومكشوفة لدى المسترشد على وجه الخصوص، وتظهر مواضع الشبهة في طبيعة الحال عندما يتعلّق الأمر بالجنس الآخر، أو حسب طبيعة المشكلة التي يتمّ البحث لها عن حلول، او عندما تتدخّل المادة في العملية الإرشادية بصورة واضحة.
5. الالتزام بأخلاقيات العمل المهني والابتعاد عن التعصب الفكري:
من أساسيات النجاح المهني في أي عمل هو الالتزام فيه بصورة دقيقة، وألا يتمّ تجاوز أية أفكار أو أساليب إرشادية من شأنها الإضرار بالعملية الإرشادية، وأن يتم الابتعاد عن الثقة المطلقة التي لا قيود لها خوفاً من المفاجئات غير المحسوبة، وبهذا فإنّ المرشد النفسي الجيّد هو مصدر للثقة وهو قدوة لغيره، واحتمالات الخطأ لديه تكاد تصل إلى نسبة الصفر، فهو شخص يستطيع أن يتقبّل رأي الآخرين بعيداً عن التعنّت الفكري اللامنطقي.
6. الابتعاد عن الأدوات الفنية والأساليب الإرشادية غير المتقنة:
لا يوجد شخص كامل ومن يدعي ذلك سيقع بالخطأ عاجلاً أو آجل، لذلك يحاول بعض المسترشدين الجدد أن يستخدموا أساليب إرشادية جديدة لا تتناسب وواقع عملهم ولا مع خبراتهم، لذلك لا بدّ وأن يبتعد المرشد الجيّد عن الأساليب الإرشادية التي لا يبرع فيها.