أزمات علم النفس المقارن

اقرأ في هذا المقال


يمكن تعريف علم النفس المقارن عموماً على أنه أحد فروع علم النفس الذي يدرس أوجه التشابه والاختلاف في سلوك الكائنات الحية؛ تختلف التعريفات الرسمية الموجودة في الكتب المدرسية والموسوعات حول ما إذا كان علماء النفس المقارن يقصرون عملهم على دراسة الحيوانات أو يشمل دراسة السلوك البشري، تقدم هذه الورقة رأي حول المشكلة الرئيسية التي تواجه علم النفس المقارن اليوم؛ حيث سنجد الجيل القادم من طلاب علم النفس المقارن، يجب القيام بشيء ما قبل أن نفقد الوصول إلى جيل كامل من الطلاب في علم النفس.

أزمات في علم النفس المقارن:

لا يكفي أن نقول إنّ علم النفس المقارن يتم امتصاصه في وحدات أكاديمية أخرى مثل علم الأحياء التكاملي أو دراسة تكاملية لسلوك الحيوان أو علم النفس التطوري أو الإدراك المقارن أو الإدراك الحيواني، يجب أن نضع في اعتبارنا بأزمة علم النفس المقارن على سبيل المثال الفرق بين علم النفس المقارن والإدراك المقارن؛ يتضمن الإدراك المقارن سمات علم النفس المقارن لكنها ليست متطابقة، يمثل الإدراك المقارن موقف نظري محدد للغاية تعتمد صحته على افتراضات معينة مثل الاعتقاد بأن العملية المعرفية الداخلية للحيوانات غير البشرية يمكن دراستها علمياً.
من غير الواضح ما إذا كانت دراسة السلوك من منظور مقارن دون الرجوع إلى الإدراك، ستناسب هذا المسعى على الإطلاق؛ على العكس من ذلك يمثل علم النفس المقارن مجال علمي أوسع يشمل أي عدد من وجهات النظر النظرية التي يمكن استخدامها لإجراء مقارنات بين الأنواع الظاهرية؛ بالتالي لتقليل علم النفس المقارن إلى الإدراك المقارن من شأنه أن يعوق جزء كبير من مساحة النظرية الممكنة، علاوة على ذلك نظراً لأن الطلاب الجامعيين يتأثرون بشدة في اختيارهم للانضباط من خلال وجود تخصصات المناهج الدراسية، فمن المحتمل أن تدفع ندرة الفرص المتزايدة لإجراء برنامج علم النفس المقارن الطلاب ومجالات علم النفس على وجه الخصوص.
لدى علم النفس المقارن الكثير ليقدمه للطلاب الجامعيين فيما يتعلق بتنمية مهارات التفكير النقدي والاستكشاف الشخصي، كذلك تنمية نظرة شاملة للعالم من حولهم والقدرة على تطبيق مهاراتهم في المجالات الأكاديمية والتطبيقية، من الأفضل معالجة العديد من المشكلات المعاصرة مثل العنصرية والتحيز الجنساني باستخدام أساليب علم النفس المقارن، يتم تدريب علماء النفس المقارن على وجه التحديد لإجراء مقارنات صحيحة وفضح تلك غير الصالحة، يعد التدريب في علم النفس المقارن مثال رائع على أهمية تعليم الفنون الحرة.
علق العديد من المؤلفين على المشكلات والأزمات المرتبطة بعلم النفس المقارن، تشمل هذه استخدام عدد محدود من الأنواع وعدم وجود تقدير للنظرية التطورية وانخفاض عدد المرافق الحيوانية متاح للبحث المقارن، العلماء الذين بدأوا حياتهم المهنية كعلماء نفس مقارن فقط لتغيير التخصصات والنفقات والموارد اللازمة لتمويل برنامج مقارن، عدد قليل من المقالات التي تحتوي على أكثر من نوع واحد وما إذا كانت الحيوانات ضرورية للبحث النفسي ونقص الوظائف؛ كل هذه القضايا ساهمت في الأزمات التي واجهها علم النفس المقارن.

مشاكل استقطاب الطلاب:

هناك عدد قليل من الكليات والجامعات تقدم دورات في علم النفس المقارن، في عام 2014 تم مسح كتالوجات دورات البكالوريوس للمؤسسات، من كتالوجات الدورات التي تم البحث عنها 82 فقط (12.6٪) تقدم دورة جامعية، يمكن للمرء أن يجادل بشكل معقول بأن المعلومات التي تم الحصول عليها في دورة مقارنة مدرجة في عروض الدورة الأخرى مثل علم النفس التطوري وسلوك الحيوان وعمليات التعلم، قد يكون الأمر كذلك ولكن كما ذُكر في التعليقات التمهيدية فإن علم النفس المقارن فريد من نوعه.

علم نفس مقارن واحد متاح حاليا:

يُطلق على عدد قليل من برامج الدراسات العليا اسم علم النفس المقارن على وجه التحديد، يسرد موقع مركز علم النفس الوظيفي برنامجين فقط؛ أحدهما في جامعة ماري هاردين بايلور والآخر في جامعة ويسترن واشنطن، من المثير للاهتمام ملاحظة أنه لا يوجد برنامج دراسات عليا في علم النفس المقارن في نفس المؤسسات التي تمت فيها كتابة آخر نصين مقارنين.
نادراً ما يتم ذكر علم النفس المقارن في كتب علم النفس التمهيدية، هذا أمر مؤسف للغاية لأن النصوص التمهيدية توفر مواد المصدر الأولية للطلاب، كما أنها تؤدي وظيفة مهمة للطلاب لأنها تساعد في تحديد الوظائف الممكنة.

علم النفس المقارن مرتبط بالسلوك البشري:

إنّ أكثر الأخطاء هو عدم توضيح الطلاب بشكل أساسي أن علم النفس المقارن يهتم بالسلوك البشري، تعتقد الغالبية العظمى أن الدورة ستركز على كيفية تطبيق الطريقة المقارنة؛ على سبيل المثال لتحليل الثقافة والممارسات الاجتماعية وكيف ترتبط هذه السلوكيات البشرية بتلك الموجودة في الحيوانات، آخرون علقوا على الآثار الفلسفية، يعد التحليل المقارن لسلوك الإنسان والحيوان أحد الخلافات الفلسفية الرئيسية في التقليد الفكري للغرب.
بالإضافة إلى الاعتبارات الفلسفية يجب تعليم الطلاب أن بحث العديد من علماء نفس الحيوان يوضح بوضوح أن عملهم مصمم ليكون متكامل مع السلوك البشري، تشمل الأمثلة أعمال واشبورن وواتسون وكيلر وأولئك الذين ينتمون إلى السلوكيات الجديدة مثل أبرام وكلارك هال.

علم النفس المقارن يطور مهارات واسعة:

يجب تعليم الطلاب أن علم النفس المقارن يلبي احتياجات أرباب العمل الذين يبحثون عن أفراد مدربين يتمتعون بقدرة واسعة على حل المشكلات، يتعرف طلاب المرحلة الجامعية في علم النفس المقارن على التناظرات والتماثلات ومتغيرات الموضوع والمتغيرات البيئية ومهارات المراقبة، كما يواجهون تحديات رائعة في التصميم التجريبي وبناء الأجهزة وتفسير البيانات، سيكون الطلب على طالب البكالوريوس الحاصل على درجة علمية تؤكد على علم النفس المقارن مرتفع في عالم الأعمال.

يقدم الطلاب المهتمين بعلم النفس المقارن برنامج دراسي:

يمكن للطالب المهتم بعلم النفس المقارن أن يصمم خطته الدراسية الخاصة بالتعاون مع معلمه أو مستشاره، كما يمكن أن تتضمن هذه الخطة دورات مثل التصميم المقارن والتاريخ والتعلم وعلم نفس الشيخوخة والأساليب الكمية، بالإضافة إلى ذلك يمكنهم أخذ دورات في سلوك الحيوان وعلم الوراثة السلوكية والاقتصاد والتطور وعلم الأحياء التمهيدي وعلم الأعصاب، يجب كذلك حث الطلاب على أخذ دورات مثل علم التشريح المقارن وعلم وظائف الأعضاء والأنثروبولوجيا المقارنة والأدب المقارن والفلسفة المقارنة والسياسة المقارنة والدين المقارن.

تطوير دورات على الإنترنت في علم النفس المقارن:

عدد الدورات على الإنترنت التي تقدمها أقسام علم النفس آخذ في الازدياد، ليس هناك شك في أن الدورات التدريبية عبر الإنترنت يجب أن تكون جزء من مستقبل عروض دورات علم النفس المقارن، تقدم العديد من الجامعات رسوم تطوير لإنشاء دورات عبر الإنترنت ولديها مرافق الإنتاج المناسبة، كما يجب على أعضاء هيئة التدريس الاستفادة من كل فرصة لتسليط الضوء على قيمة علم النفس المقارن؛ تبحث د. كيت ناست عن أعضاء هيئة التدريس وطلاب الدراسات العليا لتسليط الضوء على الوظائف الممكنة في علم النفس.
يقدم الباحثون بانتظام عروض علم النفس المقارن فمن أجل تشجيع طلاب المدارس الثانوية على الاهتمام بعلم النفس المقارن، اقتراح آخر هو أن يحضر أعضاء هيئة التدريس أحداث نادي علم النفس، كما أنّه يجب على المهتمين بالعثور على طلاب الدراسات العليا بتقديم منحة إلى مؤسسة العلوم الوطنية، تجربة بحثية لبرنامج الطلاب الجامعيين مع التركيز المقارن.

الحاجة إلى تطوير تمارين تعليمية لعلم النفس المقارن:

إنّ قلة تمارين الطلاب تساهم في تراجع علم النفس المقارن؛ على مر السنين تم تطوير تمارين حجرة الدراسة باستخدام كل من اللافقاريات والفقاريات؛ فالنشاط الذي يمكن أداؤه خارج الفصل هو ما يسمى بمشروع بيتسكوب، في مشروع بيتسكوب أصبح متجر الحيوانات الأليفة المحلي مركز لأبحاث السلوك المقارن، نشاط آخر يسمى “المراسلات في الفصل”؛ حيث يتم تشجيع الطلاب على كتابة رسائل إلى علماء النفس المقارن.
تمرين آخر مثير للاهتمام هو تحويل علماء النفس المقارن إلى طوابع بريد رسمية، يمكن أن تشتمل الطوابع على رموز QR التي عند مسحها ضوئياً توجه المستخدم إلى مواقع الويب، لقد تمّ كذلك تكييف متحكم لعلم النفس المقارن، يمكن وضع المختبر المقارن حرفياً في راحة اليدين ونقله من مكتب إلى فصل دراسي، لقد تمّ كذلك تطوير مجموعة كاملة من البرامج المتعلقة بالتدريس والمتاحة مجاناً.
لا توجد أسباب فكرية لعدم استمرار التقدم في علم النفس المقارن، لقد استخدم علماء النفس المقارن الموارد المتاحة بشكل فعال في تطوير علومهم وأنتجوا نتائج ومبادئ بحثية توضح فائدة نهجهم، ربما يكون التهديد الداخلي الرئيسي للتقدم المستمر في علم النفس المقارن هو الانقسام المتزايد، بينما لا تزال هذه التهديدات تواجه من قبل علماء النفس المقارن في القرن الحادي والعشرين، هناك تهديد واحد لم يتم التعرف عليه أو معالجته.


شارك المقالة: