أساليب علم النفس البيولوجي في الإدارة

اقرأ في هذا المقال


يبدو أن المبادئ الداروينية تنطبق في الأعمال التجارية بقدر ما تنطبق في علم النفس الييولوجي، أشار مارتن ريفز وسيمون ليفين ودايتشي أويدا عام 2016 إلى أن الشركات تختفي أسرع من أي وقت مضى، تتمتع الشركات العامة بفرصة واحدة من كل ثلاثة لشطبها من القوائم في السنوات الخمس المقبلة؛ سواء بسبب الإفلاس أو التصفية أو عمليات الاندماج والاستحواذ أو لأسباب أخرى، هذا هو ستة أضعاف معدل الشطب للشركات قبل 40 عام لا يحمي المقياس ولا الخبرة من حدوث زوال مبكر.

النهج البيولوجي في الإدارة:

لطالما كانت النظم البيولوجية مصدر إلهام في دراسة الأنظمة المعقدة، حيث جادل الباحثون بأن الشركات ليست فقط مثل الأنواع البيولوجية؛ لكن في بعض النواحي المهمة هي في الواقع متطابقة مع الأنواع البيولوجية، تُعرف كل من الشركات والأنظمة البيولوجية بالأنظمة التكيفية المعقدة التي لا يؤدي فيها الفهم الكامل لمكوناتها الفردية تلقائياً إلى فهم كامل لسلوك نظامها العام.
الشركات هي مثال للأنظمة الاجتماعية والتقنية؛ أي الأنظمة التي يجب أن تتعامل مع التقنيات والبنى التحتية المعقدة، حتى القضايا الأكثر تعقيد المرتبطة بالسلوكيات البشرية والتنظيمية، تشمل الأمثلة الأخرى المدن والوكالات الحكومية والصناعات والاقتصادات، إن الطبيعة الديناميكية لتكنولوجيتها ومكوناتها البشرية، فضلاً عن علاقاتها المتداخلة المعقدة تجعل مثل هذه الأنظمة غير قابلة للتنبؤ بشكل متزايد وتفسر سلوكها الناشئ وعواقبها غير المقصودة.
كتب Reeves و Levin و Ueda عن تطبيق التفكير البيولوجي على إدارة الشركات في بيئة عالمية سريعة التغير، ذلك لتحقيق النجاح على المدى الطويل، يجب أن يعتمد قادة الأعمال ليس فقط على النهج الميكانيكي التقليدي للإدارة الذي يسعى إلى توجيه الشركة نحو النتائج المرجوة من خلال العمليات الهندسية والتحكم في سلوك مكوناتها المختلفة، يجب أن يتعلموا كذلك نهج بيولوجي والذي يعترف بعدم اليقين والتعقيد في مشاكل العمل وبالتالي يعالجها بشكل غير مباشر.
يعمل النهج الكلاسيكي والميكانيكي للإدارة بشكل جيد في المواقف التي تكون مستقرة إلى حد ما وبسيطة نسبياً، يمكن التنبؤ بها على المدى القريب؛ مثل مصنع الإنتاج والتحسينات التدريجية لمنتج أو خدمة مفهومة جيداً والمبيعات والعمليات المالية عندما تكون الشركة تعمل بشكل جيد وتفي بأهدافها، لكنها لا تعمل في المواقف التي لا تكون فيها الشركة قابلة للتحكم بشكل كامل ولا يمكن التنبؤ بها، إما بسبب مشكلات خطيرة على المدى القريب أو لأن التقنيات المعطلة أو ظروف السوق المتغيرة أو وجود منافسين عالميين جدد تجعل بيئة الأعمال أكثر تعقيد ويصعب توقعها، بدلاً من الأساليب أو الإجراءات المحددة، يجب على المديرين إتقان ستة مبادئ أساسية للتفكير البيولوجي.

أساليب علم النفس البيولوجي في الإدارة:

المرونة بدلاً من الكفاءة:

زيادة الكفاءة هي الهدف الأساسي للإدارة التشغيلية والتي تكون فوائدها فورية وواضحة، لكن السعي وراء القوة العالية هو جوهر التطور والانتقاء الطبيعي؛ هو المبدأ الأساسي وراء التفكير البيولوجي، تعتبر القوة العالية في البيئات غير المؤكدة أمر بالغ الأهمية للتصميمات الهندسية المعقدة؛ طائرة أو ناطحة سحاب أو الإنترنت، بالمثل تعد القوة العالية أمر أساسي لإدارة الأعمال طويلة الأجل للشركة للتكيف والبقاء في مستقبل لا يمكن التنبؤ به.
يوجد أهمية للمتانة الخاصة بالأنظمة الطبيعية، والتي من صنع الإنسان في ندوة عام 2007 من قبل الأستاذ في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا جون دويل، أوضح أنه يمكن النظر إلى القوة على أنها محاولة من الطبيعة أو البشر للتنظيم وتنظيم التعقيد، هناك صراع مستمر بين التعقيد والقوة في كل من التطور والتصميم البشري، نوع من ضرورة البقاء على قيد الحياة؛ سواء في علم الأحياء أو الهندسة أو الأعمال يتطلب أن تصبح الأنظمة البسيطة والهشة أكثر قوة.
لكن آليات زيادة المتانة ستجعل بدورها النظام أكثر تعقيد إلى حد كبير، علاوة على ذلك فإن هذا التعقيد الإضافي يجلب معه أوضاع الفشل غير المتوقعة الخاصة به والتي يتم تصحيحها بمرور الوقت بآليات قوية إضافية، كذلك التي تضيف بعد ذلك إلى تعقيد النظام وما إلى ذلك، هذا التوازن بين التعقيد والقوة لا يتم أبداً، إن الآليات نفسها التي توفر القوة في النظام ستسمح بظهور نقاط الضعف أو حتى تسهلها، بينما يحاول النظام بعد ذلك التعامل مع هذه الهشاشة الجديدة، يمكنه من حيث المبدأ الدخول في دوامة متينة وهشاشة يمكنها تحدي بقائه.
من أهم الآليات البيولوجية على سبيل المثال؛ جهاز المناعة الذي يحمي من الأمراض، لكن الجهاز المناعي يخضع لأمراض خطيرة خاصة به، مثل نقص المناعة عندما يكون نشاطه بطيئ بشكل غير طبيعي والحصانات الذاتية التي تسببها فرط نشاط الجهاز المناعي، تمثل هذه المفاضلات المتأصلة بين القوة والهشاشة واحدة من أكثر التحديات الأساسية حيث نحاول تطوير أنظمة ومنظمات معقدة يمكنها البقاء والتكيف والتطور عندما تخضع لأحداث غير متوقعة، بما في ذلك تلك التي ساعدوا هم أنفسهم على التعجيل بها.

الشمولية بدلاً من الاختزالية:

تحاول الاختزالية التعامل مع نظام أو مؤسسة بأكملها من خلال تفكيكها إلى أجزاء مكونة فردية، إنها خطوة طبيعية راسخة في عملية حل المشكلات في العلوم والهندسة، وكذلك في إدارة المنظمات المعقدة، يعمل الاختزال جيداً في الأنظمة التي تكون مكوناتها مستقرة إلى حد ما وتتفاعل بشكل غير متكرر باستخدام بروتوكولات راسخة، لكنه غالباً ما يفشل في الأنظمة المعقدة؛ حيث يكون الكل بعيداً عن مجموع أجزائه، بدلاً من أن تكون مستقرة؛ ستظهر مكوناتها درجة عالية من التباين، كما هو الحال مع سلوك الأشخاص في الأنظمة الاجتماعية التقنية.
تكمن طبيعتها الديناميكية في التفاعلات المعقدة بين مكوناتها، مما يؤدي إلى حلقات تغذية مرتدة وآثار جانبية، كذلك عواقب غير مقصودة وسلوكيات ناشئة غير متوقعة.

التعددية وليس العالمية:

التنوع هو مفتاح التكيف التطوري في علم النفس البيولوجي وبالمثل؛ فإن تنوع الأشخاص والأفكار والمساعي يزيد من مرونة أنظمة الأعمال، مما يساعدهم على التكيف مع التغييرات غير المتوقعة من داخل أو خارج صناعتهم والتي قد تتخلى عن نماذج أعمالهم، في حين أن وجهات النظر المتنوعة قد تقلل من الكفاءة على المدى القصير، إلا أنها ضرورية للغاية لبقاء الشركة على المدى الطويل؛ لأن وجهات نظرهم المتنافسة توفر النمو المستمر والتجديد.
بالإضافة إلى ذلك؛ فإن الالتزام بالابتكار ضروري، في حين أنه قد لا يساعد الشركة دائماً على البقاء بعيداً عن المشاكل الخطيرة، إلا أن توقع التغييرات الرئيسية وفهم خياراتها المختلفة، سيساعد الشركة على التكيف مع حقائق السوق الجديدة، يتطلب القيام بذلك بشكل فعال نوع القيادة التي ستجذب وتحتفظ بأفضل المواهب الممكنة وتخلق ثقافة الابتكار التي تشجعهم على التوصل إلى حلول إبداعية للتحديات التي تواجهها الشركة.


شارك المقالة: