أسباب أهمية النسبية في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


يعود الاهتمام بالنسبية كعقيدة فلسفية إلى اليونان القديمة، لكن في العقود الأخيرة أثبتت النسبية أيضًا شعبيتها ليس فقط كموقف فلسفي، ولكن أيضًا كفكرة تؤمن منظورًا معياريًا نفسيًا وأخلاقيًا سياسيًا، حيث يشرح عدد من الاعتبارات بالإضافة إلى التطورات الاجتماعية والتاريخية الاهتمام الدائم بالنسبية والشعبية الحديثة لها.

أسباب أهمية النسبية في علم النفس

تتمثل أسباب أهمية النسبية في علم النفس من خلال ما يلي:

1- الادعاءات التجريبية للتنوع وعواقبها

كثيرًا ما استخدم الفلاسفة وعلماء النفس الاجتماعي البيانات المتعلقة بتنوع أنظمة المعتقدات والأطر المفاهيمية وأساليب الحياة لإضفاء مصداقية على الحِجَج الخاصة بالنسبية، حيث إن مجرد حقيقة التنوع التجريبي لا تؤدي إلى النسبية، ولكن غالبًا ما يتم اعتبار النسبية كعقيدة خاصة موقفًا طبيعيًا لاعتماده في ضوء التنوع التجريبي جزئيًا؛ لأن النسبية تساعد في فهم مثل هذا التنوع بدون عبء شرح من هو على خطأ.

تعتبر النسبية الوصفية أو التجريبية هي موقف تجريبي ومنهجي يتبناه علماء النفس الاجتماعي التي تعتمد على البيانات الجماعية لتسليط الضوء على ندرة المعايير والقيم والأطر التفسيرية المتفق عليها عالميًا، حيث نجد اختلافات كبيرة بين وجهات النظر العالمية ووجهات نظر الأفراد والجماعات، وغالبًا ما تستخدم النسبية التجريبية كنقطة انطلاق للمناقشات النفسية حول النسبية بشكل عام والنسبية الثقافية بشكل خاص.

يُقال إن الاختلافات الجذرية الملحوظة بين الثقافات تُظهر الحاجة إلى تقييم نسبي لأنظمة القيم والالتزامات المفاهيمية، فمن ناحية أخرى يجادل بعض الكونيين المناهضين للنسبية من علماء النفس بأن الاختلافات الفردية والثقافية الظاهرة، هناك بعض القواسم المشتركة الأساسية لجميع أنظمة المعتقدات والتوقعات الاجتماعية والثقافية.

لكن الميول إلى النسبية يستجيب من خلال الإشارة أولاً إلى ما يبدو أنه غير قابل للقياس لمختلف الأطر الأخلاقية والمفاهيمية وتنوع المعايير والممارسات المعرفية في ثقافات الاختلاف، وبعد ذلك على هذا الأساس يؤكد أن ما يسمى بالقواسم المشتركة تكذب الاختلافات المهمة، وقد يتنازل المناهض للنسبية عن هذه النقطة ويصر على أنه في حالة وجود مثل هذه الخلافات، ويكون أحد وجهات النظر على الأكثر صحيحًا والباقي مخطئ.

2- أسباب الخلافات والعناد

لا يوجد فقط تنوع ملحوظ في وجهات النظر حول مسائل الصواب والخطأ والحقيقة والباطل وغيرها مما جعل هناك العديد من الأسباب التي جاءت بأهمية النسبية في علم النفس، ولكن الأهم من ذلك أن العديد من الخلافات الناشئة عن مثل هذه الاختلافات تبدو مستعصية على الحل، حيث أن هناك حالات من الخلاف طويل الأمد مثل أن المتنازعين يتحدثون بشكل معقول للغاية عن نفس الموضوع.

وبالتالي تجنب عدم القابلية للقياس ويختلفون بصدق مع بعضهم البعض، ومع ذلك لا يوجد قدر من المعلومات والنقاش يمكّنهم أو يمكّننا من حل الخلاف، علاوة على ذلك في مثل هذه الحالات قد يبدو أن أياً من الجانبين لم يرتكب أي خطأ واضح.

فإذا كان الأشخاص المطلعين والصادقين والأذكياء غير قادرين على حل تضارب الآراء، يجب علينا كما يجادل بعض النسبيين أن نقبل أن جميع الأطراف في مثل هذه النزاعات يمكن أن يكونوا على حق وأن مواقفهم المتضاربة لها ادعاءات متساوية للحقيقة، كل وفقًا لوجهة نظرهم الخاصة أو وجهة نظر، وخلافهم لا عيب فيه يرى العديد من علماء النفس ذوي الميول النسبية ذو التأهيل المصطلحي أن وجود خلافات لا عيب فيها أمر أساسي لتحفيز النسبية وتبريرها.

يرد معارضو النسبية بأن فكرة الخلاف الكامل لا تتوافق مع فهمنا المشترك لما يعنيه الاختلاف، بل إنها السمة المميزة للخلاف كما هو مفهوم بشكل عام، أن الأطراف المعنية تجد خطأ في وجهات نظر الأطراف الأخرى، فعندما يختلف الناس يقوم واحد منهم على الأقل بصنع ملف يخطئ أو يفشل في تصديق ما يجب أن يؤمن به في ضوء أهدافه المعرفية.

وبناءً على ذلك تقدم النسبية تفسيرًا تنقيحي لما تعنيه عدم الموافقة، لكن ليس من الواضح ما إذا كان الحساب يمكنه شرح ما تبقى من الخلاف للحفاظ عليه بمجرد أن نسمح بأن كلا طرفي الخلاف يمكن أن يكونا على صواب، ومنها تم اقتراح نسخة دلالية متطورة من النسبية حول الحقيقة، والمعروفة باسم النسبية الحقيقة وبدلاً من ذلك باسم النسبية الجديدة والتي تم اقتراحها لتحاول التعامل مع بعض هذه القضايا.

3- وجود المبررات المشابهة والمعارضة

يجد الأشخاص الذين يميلون إلى النسبية مزيدًا من الدعم لموقفهم في الحِجَة القائلة بعدم وجود مبرر معرفي لأنظمتنا التقييمية أو المعيارية، وأن جميع المبررات يجب أن تبدأ وتنتهي في مكان ما وأنه لا يوجد أعلى معايير من الترتيب أو المستوى الفوقي المتاحة للفصل في الاشتباكات بين الأنظمة بطريقة تسول غير سؤال، حيث يجادل بعض علماء النفس بأنه في مواجهة الخلاف وعدم الحياد، فإن النسبية هي الأكثر قابلية للتطبيق.

في وجود المبررات أو عدمها تنطبق اعتبارات مماثلة على محاولات ترسيخ المعتقدات على أسس آمنة، حيث أن التطورات الفكرية المختلفة في النسبية وأهميتها التي أدت إلى فقدان اليقين القديم في المجال العلمي والاجتماعي عززت جاذبية هذه النقطة.

ظهور نظرية النسبية وميكانيكا الكم وفقدان الإيمان بالحقائق المعرفية أو السياسية الدائمة تم استخدام البرامج في الحِجَج التبريرية لتأكيد وجهات النظر النسبية، وغالبًا ما يجادل النسبيين بأن التبريرات ليست منظورية فحسب، بل هي أيضًا مرتبطة بالمصالح ولا توجد أرضية محايدة أو موضوعية لأي من معتقداتنا من تبرير النسبية.

3- عدم تحديد النظرية بالبيانات

لعبت أطروحة نقص تحديد النظرية من خلال البيانات والادعاء بأن الأدلة التجريبية وحدها ليست كافية لتقديم تبرير لأي نظرية علمية معينة، دورًا مهمًا في بناء حالة لكل من النسبية المفاهيمية والبناء والنسبية حول العلم، فوفقًا لأطروحة عدم التحديد يمكن أن تكون النظريات غير المتوافقة متوافقة مع الأدلة المتاحة، ومنها تهدد النسبية كلما ظهرت النظريات أو الآراء المتضاربة على قدم المساواة في المطالبة بالحقيقة أو التبرير.

الاستخدام المائل نسبيًا إلى التقصير في الادعاء بإمكانية تقديم الأدلة لتبرير معارضة التفسيرات والتبرير، قد تُستخدم في أطروحة عدم التحديد أيضًا لتسليط الضوء على عدم وجود نقاط بداية محايدة لمعتقداتنا، حيث يُقال إن الخيارات بين النظريات المتنافسة غير المتوافقة ولكن المدعومة جيدًا يتم غالبًا بناءً على المصالح والتفضيلات المحلية بدلاً من الأسس العالمية المحايدة.

4- الاعتماد على السياق

يجادل النسبيين بأن المعتقدات والقيم تحصل على تبريرها أو حقيقتها فقط فيما يتعلق بأنظمة أو ممارسات معرفية محددة، حيث جاء الدعم القوي لهذا الرأي من علماء النفس الاجتماعي والمنظرين الثقافيين الذين يركزون على المحددات الاجتماعية والثقافية للمعتقدات والأفعال البشرية.

كانت العلوم الاجتماعية منذ بدايتها مضيافة للنسبية من خلال توضيح أهميتها وأسباب تواجدها، ففي الواقع أن قوة علم النفس الاجتماعي والإيجابي تكمن في الميل إلى تقديم الأفكار النسبية التي كانت في البداية مطلقة التي أعطت مصداقية لفكرة أن المعتقدات والأفعال البشرية يمكن فهمها وتقييمها فقط فيما يتعلق بخلفيتها الاجتماعية والاقتصادية وسياقها.

في النهاية نجد أن:

1- مفهوم النسبية في علم النفس من المفاهيم المهمة التي جاءت ضمن العديد من الأسباب التي تطرق لها العديد من النسبيين وعلماء النفس وخاصة علماء النفس الاجتماعي.

2- تتمثل أهم أسباب أهمية النسبية في علم النفس في الادعاءات التجريبية للتنوع وعواقبها وأسباب الخلافات والعناد وعدم تحديد النظرية بالبيانات والاعتماد على السياق.


شارك المقالة: